كان إبراهيم شاهدٌ على النكبة ومعاصرٌ لأوضاع غزّة منذ عقود، نجى من حروبها الثلاث، كما نجى عكازه الخشبي الذي أصبح رفيقه إلى مسيرات العودة شرقي المحافظة الوسطى، كلّ جمعة.
بعد أعوام طويلة، طالت بها لحيته واشتعلت شيبًا، تحفظ التاريخ وتقدّم العمر قربانًا للوطن، ويبقى اللسان يردد ما يتمنى القلب، أن تكون النهاية شهادة، كما هي حال ابنته ونجله اللذين ارتقيا شهيدين من قبله.
وزارة الصحة، أعلنت عن استشهاد المسن إبراهيم العروقي (78 عاماً) عقب إصابته برصاصة في الظهر أطلقها جنود الاحتلال الإسرائيلي المتمركزين خلف السواتر الترابية على الشريط الحدودي شرق مخيم المغازي وسط القطاع وهو في أرضه الزراعية.
وذكرت مصادر محلية أن الشهيد كان برفقة نجله في حقله قرب الحدود الشرقية حتى باغتته رصاصة من جيش الاحتلال الإسرائيلي، وتم نقله إلى مستشفى شهداء الأقصى.
زوجة الشهيد إبراهيم قالت: إن زوجها كان يحب الذهاب إلى مسيرات العودة، مضيفة: كان يأخذ عكازه ويمشي لمسيرات العودة، رغم أنه مريض وتعبان، “كان ظهره هيك محنياً لكنه يصرّ إنه يروح”.
وأضافت في حديثها: كان برغم تعبه، وظهره المحني، يقول للأولاد: “يلاّ نروح آخذكم عمسيرات العودة”، متابعة: “وسيلة المساعدة كانت هي عكازه، كان يحب يروح عالعودة، هيها اجته لعنده”.
وأشارت إلى أن نجله ارتقى شهيدًا من قبله، وكذلك إحدى بناته التي ارتقت شهيدة، مضيفة: لحق بهما، الله يرضى عليهم جميعاً.
وشيّع آلاف الأهالي، ظهر أمس الأربعاء، جثمان الشهيد المسن حيث انطلق موكب التشييع من أمام مستشفى شهداء الأقصى بمدينة دير البلح صوب منزل الشهيد العروقي لإلقاء نظرة الوداع، ثم جرى مواراته الثرى في مقبرة شهداء المغازي.
وشارك في التشييع رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس” إسماعيل هنية، الذي تطرق إلى مناقب العروقي والتضحيات التي قدمها على طريق الحرية والكرامة، مؤكدًا أن دماء الشهداء لن تثني شعبنا عن مواصلة أهدافه نحو العودة وكسر الحصار عن غزة.
وردد المشيعون هتافات منددة بجرائم قوات الاحتلال الإسرائيلي التي ترتكبها بحق أبناء شعبنا الأعزل.
وكان العروقي ارتقى نتيجة إصابته مساء أمس برصاصة من ثكنة عسكرية إسرائيلية شرقي المغازي.