إجراءات عاجلة:
1 – ضبط الانفعال:
إذا ما علمت أن ولدك وقع في مشاهدة بعض المقاطع الإباحية؛ فعليك أن تضبط انفعالك وتسيطر على أعصابك، واحذر من رد الفعل الغاضب والعنيف؛ لأن هذه النوعية من ردود الفعل عادة ما تأتي بنتائج عكسية، فتزيد من تعلق المراهق بالمواد الإباحية، وتزيد من عدم تقديره لذاته، ولن يزداد الأمر إلا تعقيداً.
واحرص على أن تأخذ بعض الوقت للتفكير فيما يمكنك القيام به لتحميه من هذا الخطر، وتشاور مع زوجك في خطوات المعالجة، واستشر من تثق فيه من المتخصصين في هذا الأمر.
2 – إدراك طبيعة المرحلة:
ومما يساعدك على ضبط انفعالك تجاه هذا الأمر، أن تدرك طبيعة المرحلة التي يمر بها ولدك المراهق، فمن خصائص هذه المرحلة ميل المراهقين إلى الجنس الآخر، وربما يدفعه ذلك لأن يسعى للاطلاع على بعض ما يسمعه حول العلاقات الجنسية بين الرجل والمرأة، من باب الفضول، أو ربما تحدث المشاهدة أيضاً عن طريق المصادفة، كما ذكرت إحدى الدراسات أن %57 من المراهقين طالعوا مواقع إباحية، إلا أن أغلبهم تصفح هذه المواقع بطريق الصدفة.
ونحن لا نذكر هذا من باب التبرير للمراهق، ولكن من باب أن إدراكك لطبيعة مرحلته، ولما يمر به من تغييرات، وما يتمتع به من فضول تجاه هذا الأمر؛ يجعلك أكثر إشفاقاً عليه، ويمنحك هدوءاً وقدرة أفضل على التعامل مع هذا الخطر الذي يهدده.
3 – تعامل عاقل:
إذا لم يدرك ولدك أنك تعلم ما قام به، فمن الأفضل ألا تدخل معه في حوار مباشر حول هذا الأمر، واحرص على استخدام الوسائل غير المباشرة -سنذكرها في السطور التالية- في حمايته من هذا الخطر؛ فالمعالجة غير المباشرة أعمق تأثيراً في شخصيته، وتجعله متبنياً بشكل ذاتي للاتجاه الصحيح، بغض النظر عن وجودك أو غيابك عنه.
أما إذا علم بمعرفتك بما قام به، فاحرص على أن يكون حوارك معه عاقلاً ودوداً، توضح له من خلاله بشكل هادئ أن ذلك يمثل خطراً على دينه وعلى مستقبله، واجعل هذا الأمر بداية لفتح الحديث معه حول الثقافة الجنسية الصحيحة المنضبطة بقيود الشرع، وافتح له الباب ليطرح ما لديه من أسئلة تشغله في هذا الأمر.
خطوات الحماية:
1 – تقليل تعرضه لها:
من المهم العمل على حماية ولدك وتقليل تعرضه لهذه المواد الإباحية، وذلك من خلال اتخاذ بعض الإجراءات، التي منها على سبيل المثال:
أ- توفير برامج الحماية على الأجهزة المختلفة التي تتوافر في البيت، سواء أجهزة الكمبيوتر أو الهواتف أو القنوات الفضائية أو غير ذلك، وهذه البرامج أصبحت كثيرة ومتنوعة.
ب- وضع هذه الأجهزة –إن كانت ثابتة مثل الكمبيوتر أو «اللاب توب»– في أماكن عامة داخل المنزل (كالصالة مثلاً)، بما لا يسمح لأحد بأن يخلو بها.
2 – بناء الموانع الداخلية:
وحتى تكون المعالجة عميقة وجذرية، لا بد من العمل على بناء موانع داخلية لديه، تمنعه بشكل ذاتي عن مشاهدة هذه المواد من تلقاء نفسه، وبقرار من داخله، وذلك من خلال الأمور التالية:
أ- تعميق الجانب الإيماني لديه، وذلك من خلال مساعدته على التعلق بالله تعالى، والارتباط بسيرة النبي صلى الله عليه وسلم، وأن يكون له حال مع القرآن، وأن يكون محافظاً على أذكار الأحوال التي تقال مع كل عمل يقوم به، وبالمحافظة على أداء الصلاة في أوقاتها.
ب- الاهتمام بتعظيم مراقبة الله تعالى في السر والعلن لديه؛ لأن باستشعار مراقبة الله تعالى يستقيم القلب وتنضبط الجوارح.
جـ- الحرص على التأكيد على منظومة القيم بشكل عام لديه، وخاصة قيمة العفاف عما حرم الله، ويفيد في ذلك طرح قصة سيدنا يوسف عليه السلام، وقصة الرجل العفيف من الثلاثة الذين أغلق عليهم الغار، وإدارة نقاشات حول هذه القصص.
د- التأكيد على أدب غض البصر عما حرم الله، وآداب العلاقة مع الجنس الآخر، وحدود ذلك.
ومن الأمور التي تساعد على بناء هذه الموانع الداخلية أن تعقد جلسة أسبوعية مع أولادك، تتناولون خلالها هذه القضايا وغيرها، ولا بد أن يكونوا هم أصحاب الأدوار الرئيسة في تنفيذها، وأن يكون في نهاية كل جلسة توصية عملية بسيطة مرتبطة بما تم مناقشته، يتم متابعة تنفيذها في المرة القادمة، وغير ذلك من الأفكار التي تدعم هذا الجانب.
3 – استثمار طاقاته:
في الحقيقة أن استثمار طاقات الأولاد يُعد من أهم المداخل لمعالجة هذه القضية وغيرها من القضايا المتعلقة بالجانب الجنسي لديهم، فحين يكون الإنسان مشغولاً بأمور سامية، فإن ذلك يبعده عن كل ألوان الشر، وخاصة فيما يتعلق بالجانب الجنسي، وفي هذا يقول الإمام الشافعي: «نفسك إن لم تشغلْها بالحق شغلتْك بالباطل»، وهذا أيضاً ما يسمى في علم النفس بالتسامي والإعلاء، حيث يحول الإنسان طاقته من موضوعها الأصلي -الدافع الجنسي- إلى موضوع بديل ذي قيمة ثقافية واجتماعية.
ومن الأمور التي يمكن أن توجه وتستثمر من خلالها طاقات ولدك:
أ- إتاحة الفرصة له وتشجيعه على ممارسة اهتماماته وهواياته المختلفة (رياضة، تمثيل، شعر، رسم، القراءة، الكشافة.. إلخ).
ب- دفعه ومساعدته على ممارسة إحدى الرياضات المناسبة له -التي يهواها- بشكل احترافي، ففي ذلك تفريغ لطاقاته، كما يدفعه حرصه على تحقيق نجاحات وإنجازات فيها إلى الحفاظ على نفسه وبدنه بشكل ذاتي.
جـ- تشجيعه على أن يكون له دور فعال نحو مجتمعه، وذلك بمشاركته في الأعمال الخيرية التطوعية، ومن أمثلة ذلك: اشتراكه في إحدى الجمعيات الخيرية التي تقدم الخدمات للناس، وتعليمه لقواعد القراءة والكتابة لمن لا يجيدها من الصغار أو الكبار، وقيامه بتحفيظ القرآن الكريم للصغار، ومشاركته في تنظيف مسجد الحي، وكتابته أو جمعه لرسائل دعوية وإرسالها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وغير ذلك من أبواب التطوع التي لا تحصى ولا تعد.
د- تشجيعه على الانتظام في أحد المعاهد الشرعية؛ يتعلم من خلالها العلوم الشرعية ويحفظ القرآن.
هـ- دفعه لتطوير ذاته وقدراته، من خلال حضور دورات في مجالات مختلفة، مثل: اللغة، الحاسب الآلي والبرمجة، تنمية الذات وإدارتها، دورات متخصصة في مجال دراسته.. إلخ.
و- التحاقه بعمل مناسب له في أوقات الإجازات الدراسية الكبيرة.
4 – الاستخدام النافع:
من الضروري أن توجه ولدك بشكل عام لكيفية الاستفادة من الإنترنت بشكل نافع ومفيد، ويمكن البدء في ذلك من خلال هواياته المحببة إلى نفسه، بأن يبحث حولها، وبتشجيعه على الاشتراك في المسابقات المختلفة المتعلقة بذلك، وبمساعدته على الاستفادة منه في دراسته، فهناك الكثير من المواقع التعليمية، وغير ذلك مما يشجعه على الاستخدام النافع للإنترنت.
وكذلك احرص على تحذيره من الاستخدام السيئ للإنترنت، وما قد يجره عليه من آثار سلبية على شخصيته ونفسيته ومستقبله، وليكن ذلك في صورة توجيه عام للجميع وبطريقة غير مباشرة.
5 – انتقاء الأصدقاء:
من الأمور المهمة أيضاً أن تؤسس لدى أولادك كيفية اختيار الأصدقاء، ويمكنك إثارة هذا الموضوع في الحلقة الأسبوعية التي أشرنا إليها سابقاً، وتدير حوله نقاشاً فعالاً.
كما يمكنك أن تساعدهم على إيجاد أصدقاء صالحين بصورة عملية من خلال تنظيم زيارات متبادلة لبعض الأسر الذين يعرف عن أولادهم الصلاح، والمقاربين لعمر أولادك واهتماماتهم، واعمل على توثيق الصلة معهم من خلال بعض الخروجات، وتنظيم بعض الألعاب الرياضة المفضلة لديهم، وإشراكهم معاً في بعض الأنشطة المحببة لهم.
6 – الاستعانة بالله تعالى:
احرص على أن يكون لأولادك نصيب من دعائك؛ فلعل الله تعالى يستجيب منك دعوة يحفظ بها أولادك من كل سوء، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «ثلاثُ دعَواتٍ مُستَجاباتٌ لا شَكَّ فيهِنَّ: دَعوةُ الوالِدِ، ودَعوَةُ المسافِرِ، ودعوَةُ المَظلومِ» (رواه أبو داود بسند حسن).