خرج المغاربة في مسيرة حاشدة، يوم أمس الأحد، للتعبير عن رفضهم الشديد لما يسمى بـ”صفقة القرن” بمشاركة قيادات وازنة للأحزاب السياسية والمنظمات الحقوقية والمدينة والنقابات العمالية.
وشدد بيان المسيرة على “حق الشعب الفلسطيني في استعادة أراضيه المسلوبة وتشبث في بناء دولته وعاصمتها القدس الشريف”.
وأكد البيان الذي وقعته هذه الهيئات على “انخراط الهيئات في معركة تحرير فلسطين والتصدي للمشروع الصهيوني الإمبريالي المقيت”، مجدداً إدانتها الشديدة لـ”صفقة القرن”، ومعتبراً أن هذا الإعلان المشؤوم يشكل عدواناً جديداً على فلسطين؛ بل وعلى الأمة العربية والإسلامية، والتصدي له وإسقاطه واجب وطني وقومي وديني وإنساني”.
قضية وطنية
من جهته، قال المنسق الوطني للمبادرة المغربية للدعم والنصرة رشيد فلولي، في تصريح لـ”المجتمع”: إن القضية الفلسطينية كانت وما زالت بالنسبة للمغاربة قضية وطنية، يساندون الشعب الفلسطيني عبر التاريخ، وينخرطون في معاركه وكل المحطات التي عرفتها القضية إلى الآن، وهم في كل مرة يقدمون المثال في الهبات الشعبية الكبيرة ويخرجون دائماً في الوقفات والمسيرات المليونية.
وأضاف الناشط الحقوقي أن فلسطين والقدس والمسجد الأقصى دائماً يجعل المغاربة في انشغال والتصاق بشؤون أهلنا في فلسطين يفرحون لفرحهم ويتألمون لمعاناتهم، وقد أسسوا جمعيات وهيئات تشتغل من أجل القضية وإسناد الفعل النضالي الفلسطيني في مواجهة الاحتلال الصهيوني.
وأكد فلولي أن ما يسمى “صفقة القرن” ظاهرها وحقيقتها مخطط لتصفية القضية الفلسطينية، وجعل القدس عاصمة للكيان الصهيوني، وشطب لحقوق الشعب الفلسطيني في العودة لديارهم، وضرب الحق في تأسيس دولة مستقلة، وشرعنة المستوطنات والاستيلاء على أراضي الفلسطينيين وتهويد المقدسات الإسلامية والمسيحية بفلسطين، إضافة إلى التداعيات الخطيرة لهذه الصفقة المشؤومة على الدول العربية عبر فتح الباب للتطبيع على مصراعيه.
وأبرز الناشط الحقوقي أن المغرب ولئن كان التصريح الملتبس لوزير الخارجية الذي أثار في جزء منه استياء وقلقاً حول ما أعلنه بشكل يعاكس المواقف الرسمية التي تم التعبير عنها بشكل رسمي في رسائل ومواقف لملك المغرب باعتباره رئيس لجنة القدس.
ومهما يكن، يقول فلولي: فمنذ تسريب خبر وجود صفقة حول خطة للسلام والمغرب ومن خلال مختلف فئاته وقواه المدنية والسياسية والنقابية والحقوقية والجمعوية ما فتئ يعبر عن إدانته لكل استهداف للقضية الفلسطينية.
بدوره، أبرز الكاتب العام للمرصد المغربي ضد التطبيع عزيز هناوي، في تصريح لـ”المجتمع”، أن “صفقة القرن” هي حلقة من سلسلة متواصل لتصفية القضية الفلسطينية، وأن موقف الولايات المتحدة منها قديم لا يتبدل، ولم يفاجئ المغاربة.
وأشار إلى أن “صفقة القرن” تريد تشكيل المنطقة على أسس ما بعد مئوية “سايس بيكو” و”وعد بلفور”، وأن الحركة الصهيونية تريد إطلاق مئوية جديدة لتثبيت الفوضى الخلاقة وتركيع الأمة العربية والإسلامية.
وأكد هناوي أن الموقف من الصفقة هو الممانعة والمواجهة، وهي فرصة لشطب لما سمي “مسلسل السلام” الذي لم يجن من انخرطوا فيه إلا الذل والهوان، ومزيداً من الخيبات، مقابل توسع الكيان الصهيوني في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
تصريح بوريطة
وعقب ما صرح به وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة، بمجلس الغرفة الثانية للبرلمان المغربي، الثلاثاء الماضي، الذي قال: إنّ المغاربة “يجب ألا يكونوا فلسطينيين أكثر من الفلسطينيين أنفسهم”، أكد رئيس الحكومة سعد الدين العثماني أن موقف حكومته مما يعرف بـ “صفقة القرن” ينطلق من ثوابت المملكة؛ ملكاً وحكومةً وشعباً، في تعاملها مع القضية الفلسطينية، ودعم الشعب الفلسطيني لاسترداد حقوقه، وفي مقدمتها إنشاء الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف، ورفض كل محاولات تهويد القدس، والاعتداء على الحرم القدسي والمسجد الأقصى.
وقال العثماني: إن هذا الموقف هو الذي تتبناه الدبلوماسية المغربية، وعبّر عنه وزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة القاطنين بالخارج، وأكدته المملكة في الاجتماع الوزاري الطارئ لجامعة الدول العربية، والاجتماع الوزاري الاستثنائي لمنظمة التعاون الإسلامي.
وأبرز رئيس الحكومة أن هذا الموقف “يتماشى مع قرار جامعة الدول العربية التي سجلت موقفاً إيجابياً في آخر اجتماع لها على مستوى وزراء الخارجية برفض “صفقة القرن”، وبالتأكيد على الثوابت الفلسطينية وبدعم الشعب الفلسطيني”، مذكراً بأن هذا الموقف المغربي “حظي بكل التقدير من الجانب الفلسطيني بكل أطيافه ومكوناته”.
وخلص العثماني إلى أن “كل شيء غير هذا هو مزايدة مرفوضة، وتأويل خاطئ، وفهم مغلوط، لذا وجب الحذر من التدليس، والكذب، وافتعال ضجة إعلامية للتشويش على الموقف المغربي الواضح والثابت”.