حذر نائب وزير الزراعة الصومالي، حامد علي حسن، من احتمال معاناة الصومال من مجاعة جديدة، في حال تعرضه لغزو جديد من أسراب الجراد الصحراوي، مع حلول موسم الأمطار، الذي تنمو فيه هذه الحشرة بكثرة.
وأضاف حسن، في مقابلة مع “الأناضول”، أن الصومال لم يتعاف بعد من آثار الجفاف، الذي نتج عن قلة هطول الأمطار، خلال العامين الماضيين.
وشدد على أن آفة الجراد تنذر بأزمة مجاعة تضرب ملايين الصوماليين، ما لم تُبذل جهود للحد من مخاطر هذه الحشرة على الأمن الغذائي في الأراضي الزراعية والرعوية.
وأعلنت الحكومة الصومالية، مطلع فبراير الماضي، حالة الطوارئ في البلد العربي، لمكافحة أسراب الجراد التي تتزايد في بعض الأقاليم الشمالية والشمال شرقية، حتى لا تلتهم المخزون الغذائي.
الأشد ضررًا
لفت حسن إلى أن أزمة الجراد ليست الأولى في الصومال، حيث سبق وأن شهد 3 حالات مماثلة، أواخر سبعينيات ومنتصف ثمانينيات القرن الماضي، لكن الأزمة الراهنة هي الأشد ضررًا منذ أكثر من 30 عامًا.
وأفادت منظمة الأمم المتحدة، في فبراير الماضي، بأن أسراب الجراد التي تجتاح شرق القارة الأفريقية هي الأسوأ منذ 70 عامًا، حيث يعاني 13 مليون شخص في إثيوبيا وكينيا والصومال من انعدام الأمن الغذائي، ويعيش 10 ملايين منهم في المناطق المتضررة من الجراد.
غزو جديد محتمل
حول ما إذا كانت وزارة الزراعة على علم مسبق بهجوم الجراد، أجاب بأن “الوزرة كانت تتابع عن كثب عندما انتشرت أسراب الجراد في منطقة الخليج العربي، وكانت التوقعات تشير آنذاك إلى أنها ستصل الصومال عبر المحيط الهندي”.
وأوضح أن “أكثر المناطق تضررًا من الجراد هي الأقاليم الشمالية وشمال شرق ووسط الصومال، بينما لم تشهد الأقاليم الجنوبية سوى حالات قليلة، مع أنها السلة الغذائية في البلد”.
وأردف: “توجد مخاوف من أن نشهد موجة جديدة من أسراب الجراد، لكن هذه المرة لن تأت من الخارج، بل من خلال الجرادات الصغيرة المتقافزة، التي لم تنمُ أجنحتها بعد، حيث تتكاثر بكثرة خلال موسم الأمطار، الذي يبدأ أواخر مارس الجاري”.
مساحات شاسعة متضررة
على مدار السنوات الماضية، عانى الصومال من هشاشة أمنه الغذائي؛ بسبب موجات جفاف متراكمة تسببت في مجاعات، والآن بات مهددًا بأزمة الجراد، مما يجعل الوضع أكثر تعقيدًا، نظرًا للمساحة الشاسعة التي تعرضت لغزو الجراد.
وقال حسن: إن “أزمة أسراب الجراد رفعت من سقف التوقعات بحدوث مجاعة، في حال ظهور موجة جديدة من الجراد خلال موسم الأمطار، حيث لن يتمكن المزارعون من الزراعة في هذا الظروف، ما قد يتسبب بتداعيات كبيرة على حياة ملايين الصوماليين، حيث يهدد حصولهم على لقمة العيش”.
وتابع أن “أسراب الجراد التهمت أكثر من 100 ألف هكتار (الهكتار الواحد يساوي 1000 متر مربع) من الأراضي الزراعية، بجانب مساحات شاسعة من أراضي الرعي، وهذا الوضع خطير على قطاعي الزراعة والرعي، اللذين يعدان العمود الفقري للاقتصاد الصومالي”.
واستطرد: “أسراب الجراد أكلت الأخضر واليابس، حيث تتغذى على الأوراق والثمار والأزهار وقشور النباتات، مما يؤثر سلبًا على الأمن الغذائي الصومال (البالغ عدد سكانه نحو 11.8 مليون نسمة)”.
ووفق منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعية (فاو)، فإن سربًا واحدًا من الجراد قد يلتهم في يوم واحد طعامًا يعادل ما يأكله 35 ألف شخص في يوم واحد.
وأفادت المنظمة بأن محاربة أسراب الجراد، التي تجتاح دول شرق القارة الأفريقية حاليًا، قد تتطلب نحو 76 مليون دولار لإنقاذ الأمن الغذائي في هذه الدول.
إمكانيات محدودة
شدد حسن على أنه “رغم قلة الإمكانيات الحديثة المطلوبة مكافحة الجراد، تبذل وزارة الزراعة الصومالية أقصى جهدها، بالتعاون مع منظمات دولية، للإسراع بتقليل تداعيات هذه الأزمة”.
وأضاف أن “الوزارة عقدت اجتماعات مع كل من منظمة الأغذية والزراعة وبرنامج الأغذية العالمي والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، لبحث سبل مكافحة الجراد في بعض الأقاليم الصومالية”.
وتابع أن “الصومال كان يتمتع بإمكانيات وكوادر مختصة ومراكز تحكم لمكافحة الحشرات في جميع الأقاليم، لكن بعد انهيار الحكومة المركزية عام 1991 انهارت جميع المؤسسات المعنية بمعالجة الأزمات”.
ومضى قائلًا: “بالتعاون مع الهيئات المعنية، سيستخدم الصومال آليات حديثة، منها طائرات (خاصة برش المبيدات) ومبيدات كيميائية صديقة للبيئة، للحد من آثار أزمة الجراد”.
وتابع: “توجد طرق لمكافحة الجراد، حسب قدرة الدولة، منها وضع المبيدات في سيارات ورشها، والثانية عبارة عن خزان يحمله المزارع على ظهره ويرش منه، والثالثة هي استخدام الطائرات، وهي الأمثل، لكن استخدامها مرهون بالحالة الأمنية في البلد”.
ومنذ سنوات، تحارب القوات الحكومية الصومالية، مدعومة بقوات سلام إفريقية، حركة “الشباب” المتمردة، التي خسرت الكثير من مناطق سيطرتها.
وأوضح حسن أن “60% من المناطق المتضررة من الجراد مستقرة أمنيًا ومهيئة لاستخدام الطائرات لرش الجراد، وقد نستخدم في المناطق المتبقية السيارات أو خزانات المبيدات”.
وأردف أن “الوزارة استعادت عضوية الصومال بمنظمة “مكافحة الجراد الصحراوي في شرق إفريقيا” المعروفة بـ (DLCO-EA)، وتعمل على تدريب وتأهيل كوادر مختصة لمكافحة الجراد، بجانب إنشاء مراكز تحكم لجمع المعلومات في جميع الأقاليم الصومالية”.