رأى خبراء أفغان أن حركة “طالبان” تهدف، عبر زيادة وتيرة هجماتها المسلحة، إلى تحقيق المزيد من الامتيازات قبيل بدء محادثات السلام الأفغانية.
ووفق وزارة الداخلية الأفغانية، نفذ مسلحو “طالبان” نحو 100 هجوم ضد قوات الأمن الأفغانية، وذلك منذ 29 فبراير الماضي، تاريخ توقيع اتفاق بالعاصمة القطرية الدوحة، يمهد الطريق -وفق جدول زمني- لانسحاب القوات الأمريكية على نحو تدريجي من أفغانستان.
استعراض للقوة
السياسي الأفغاني أحمد سيدي، اعتبر أنه من الطبيعي لـ”طالبان” أن تزيد هجماتها المسلحة، “لإظهار قوتها بعد توقيع اتفاق السلام مع واشنطن”.
وفي حديث لـ”الأناضول”، قال سيدي: إن “طالبان” تشعر بالقلق من احتمالات تراجع نفوذها في البلاد، إذا ما أوقفت هجماتها المسلحة بعد اتفاق السلام.
ولفت إلى أن السبب الرئيس وراء قيام “طالبان” بزيادة هجماتها بعد توقيع اتفاقية السلام مع واشنطن هو أنها تريد الحصول على المزيد من الامتيازات في المفاوضات الأفغانية التي من المقرر أن تبدأ قريبًا.
وأكد سيدي أن هذه الفرصة التي تقف البلاد على أعتابها من أجل تحقيق سلام شامل في أفغانستان، يجب أن تستغلها الحكومة و”طالبان” بشكل جيد.
لا عذر لـ”طالبان”
من جانبه، قال الخبير العسكري الأفغاني عتيق الله عمارهيل: إن توقيع “طالبان” لاتفاقية سلام مع الولايات المتحدة، يعني أن الحركة لم تعد تملك أعذارًا لمواصلة الهجمات المسلحة في أفغانستان.
وأشار عمارهيل إلى أن الحركة أعلنت أنها كانت تقاتل في أفغانستان من أجل تخليص البلاد من الاحتلال الأجنبي، وبعد توقيعها الاتفاق مع واشنطن، لم يعد هناك سبب لمواصلة شن هجماتها المسلحة.
وأوضح أن “طالبان” قالت في البداية: إن حربها وعملياتها الجهادية كانت موجهة ضد المحتل الأجنبي، أما اليوم فأين الجهاد مما ترتكبه “طالبان” من هجمات على القوات الأفغانية بعد توقيعها اتفاق سلام مع الولايات المتحدة؟
وتابع لـ”الأناضول”: يبدو أن مسألة وقف الهجمات التي تشنها “طالبان” ضد القوات الأفغانية لم تدرج في الاتفاق الذي وقعته الحركة مع الولايات المتحدة.
عمارهيل لفت أيضاً إلى أن هدف “طالبان” هو إظهار قوتها ونفوذها في الساحة الأفغانية، لا سيما في هذه المرحلة التي تشهد اقتراب موعد بدء المفاوضات بين مختلف الفرقاء الأفغان.
وأكد أن مشكلات “طالبان” لا يمكن حلها من خلال الحرب والعمليات العسكرية، بل من خلال التفاوض والحوار، مشيراً إلى أن الجانبين سيواصلان الخسارة ما لم توقف طالبان الهجمات المسلحة ضد القوات الأفغانية.
واشنطن بحاجة لإقناع “طالبان”
أما نجيب محمود، عضو الهيئة التدريسية في قسم العلاقات الدولية بجامعة العاصمة الأفغانية كابول، فرأى من جهته أن اتفاق السلام بين “طالبان” وواشنطن يجب أن يتضمن وقفًا تامًا للعنف أكثر من أي شيء آخر.
وأضاف محمود، لـ”الأناضول”، أن اتفاق السلام بين “طالبان” والولايات المتحدة لم يتضمن قرارات تلزم الحركة بوقف العنف والعمليات المسلحة ضد القوات الأفغانية، ولذلك على واشنطن إقناع طالبان بوقف إطلاق النار.
وأشار محمود إلى أن المفاوضات بين الأفغان ستسفر عن نتائج أفضل، عندما يتوقف العنف في البلاد بشكل كلي أو جزئي.
كما اعتبر أن اتفاق السلام الذي توصلت إليه الولايات المتحدة مع “طالبان”، كان يجب أن ينص على وقف لإطلاق النار ضد القوات الأفغانية.
ونص الاتفاق الموقع بين الحركة المسلحة وواشنطن على تخفيض عدد القوات الأمريكية بالبلاد من نحو 13 ألفاً إلى 8 آلاف و600 عسكري في غضون 135 يوماً.
كما نص أيضاً على إطلاق سراح ما يصل إلى 5 آلاف من سجناء “طالبان”، مقابل ما يصل إلى ألف أسير من الحكومة الأفغانية بحلول 10 مارس الجاري.
غير أن الرئيس الأفغاني، أشرف غني، اعترض على مسألة الإفراج عن السجناء كشرط لبدء المحادثات المباشرة بين كابل و”طالبان”، وقال: إنه “لا يوجد التزام” من حكومته بالإفراج عن 5 آلاف سجين من حركة “طالبان”، وهذا “ليس من سلطة الولايات المتحدة بل سلطة الحكومة الأفغانية”.
ورداً على ذلك، أعلنت “طالبان” استئناف عملياتها القتالية ضد القوات الحكومية، وذلك بعد التزامها باتفاق لـ”تخفيض العنف” استمر 7 أيام، الأسبوع الماضي.
وأكد سهيل شاهين، المتحدث السياسي باسم طالبان، للأناضول، أن المحادثات المباشرة بين الأفغان لن تبدأ إلا بعد الإفراج عن سجناء الحركة.