علي عبداللطيف الجسار.. بين الإعلام وعمل الخير
يرجع نسب عائلة الجسار إلى قبيلة عتيبة فهم من آل الدخيل من الأساعدة من الروقة من قبيلة عتيبة؛ حيث جدهم الأول هو الشيخ حمود بن جسار.
ولد الشيخ علي عبداللطيف الجسار عام 1922م بالمرقاب في أسرة كريمة حافلة بمشايخ الدين، وتلقى تعليمه الأول في الكتَّاب، لكنه خرج من التعليم النظامي بعد دراسة الابتدائية لثلاث سنوات في المدرستين المباركية والأحمدية لسوق العمل؛ حيث تحمل المشاق والمتاعب في بداية حياته من أجل أسرته حتى صنع لنفسه مكانه.
ومع ذلك، تميز بملازمة الكتاب في يده دائماً، حيث يشهد أهل المرقاب أنه كان قبل بلوغ الثامنة عشرة من عمره لا يمشي إلا ومعه كتابه الذي يقرأ فيه، ويحدث أهل محلته بعد الصلاة في مسجد المطران (مسجد العتيقي)، حتى إنه كان إذا غاب الخطيب تصدر للخطابة دون تحضير مسبق رغم صغر سنه.
وكان له اهتمام كبير بالأدب، حتى إن حديثه في أي مسألة كان لا يخلو من الاستشهاد بالشعر العربي، أو مما يحفظ عن شعراء الكويت العظام.
حاز ثقة المسؤولين؛ فكلّفوه بالعمل مختاراً في منطقة النقرة، بالإضافة لرئاسة لجنة المناقصات المركزية، وإلى جانب ذلك تم تكليفه بعضوية لجنة رقابة الكتب لفترة طويلة.
كان له حضوره الإعلامي في وسائل الإعلام المختلفة؛ المقروءة والمسموعة والمرئية، حيث بث من خلالها مواعظه وتوجيهاته التي كان لها تأثيرها في الوعي المجتمعي.
اشتهر بشخصيته القوية وسعة صدره؛ وهو ما كان له أكبر الأثر في تربية أبنائه وبناته وجمعهم حوله بكل اهتمام حتى آخر أيام حياته، وكان دائماً يقول: تربية الأولاد أفضل من استثمار الأموال.
كان أحد الذين سارعوا بالاجتماع في ديوان الشيخ يوسف بن عيسى وتدارسوا كيفية تأسيس جمعية إسلامية تهدف إلى بناء مجتمع متكافل يتمسك بالقيم والمبادئ الإسلامية، فجاءت جمعية الإرشاد الإسلامي التي تأسست في الأول من رمضان عام 1371هـ/ 24 مايو 1952م، قبل أن ينتهي دورها عام 1959م لتحل محلها جمعية الإصلاح الاجتماعي القائمة الآن.
وكان يرى أن مشكلات العصر ناجمة عن عدم التقيد بأوامر الله والابتعاد عما نهى عنه؛ فقد وضع الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم قوانين تصلح لكل زمان ومكان، ولحل كافة المشكلات التي تواجه المسلم منذ بداية الدعوة الإسلامية وحتى قيام الساعة، فلو تمسكنا بهذه القواعد والتوجيهات؛ فلن نجد هذه المشكلات، ولن نقع فريسة لهذه الهموم، ولن نصل إلى هذه الحالة من الضياع التي نعيشها.
وفي 10 فبراير 1980م، اختير ضمن لجنة تنقيح الدستور.
وفي 24 رجب 1427هـ/ 19 أغسطس 2006م، رحل العم علي عبداللطيف عن عمر ناهز 84 عاماً، وقد نعاه وزير الإعلام الكويتي –حينها- محمد السنعوسي بقوله: الراحل كان علماً متميزاً على ساحة الوطن، ومن أبرز الشخصيات الرائدة خلال العقود الماضية، وقد أجزل العطاء للوطن والمجتمع بكل جدية وصدق ووفاء، وأعطى من عقله وقلبه الكثير مما نعتز به ونفخر.
مانع بن حماد الجهني.. الداعية الرحالة
في قبيلة بلي بين العيص والعلا بالطائف، ولد مانع الجهني في عام 1361هـ/ 1942م، قبل أن يسافر مع والده للأردن وعمره 4 سنوات، وبقي فيها إلى عام 1377هـ، حيث كان والده يعالج فيها، وأثناء وجوده بالأردن في منطقة الموجب دخل المدرسة النظامية، ثم بعد عودته للسعودية أكمل الدراسة الابتدائية بمدرسة ثقيف ثم الثانوية بالطائف، وكان في أثنائها يعمل في البرق والبريد والهاتف من عام 1380هـ/ 1961م – 1392هـ/ 1972م في مكة ثم الطائف.
انتقل إلى الرياض، والتحق بجامعة الملك سعود، وحصل على البكالوريوس باللغة الإنجليزية من الجامعة، ثم ابتُعث للدراسة في الولايات المتحدة الأمريكية لاستكمال دراسة الماجستير والدكتوراه في جامعة إنديانا بمدينة بلومنجتون، وهناك بدأ نشاطه في تجميع الطلاب المسلمين، وطور الأمر لإنشاء مركز إسلامي فيها، حيث صار مركزاً للدعوة الإسلامية ونشاط الطلاب المسلمين بأمريكا.
قضى 9 سنوات في الولايات المتحدة الأمريكية، كان فيها شعلة من النشاط والحيوية في تجميع الطلاب والعمل لنشر الإسلام، فأسهم في تأسيس الكثير من المساجد والمراكز الإسلامية على مستوى الولايات المتحدة، وفي إنشاء «رابطة الشباب المسلم العربي» كفرع لاتحاد الطلاب المسلمين في أمريكا وكندا، وانتخب رئيساً لها، والتف الطلاب حوله واتخذوه إماماً وشيخاً لهم.
وبعد عودته إلى المملكة، عام 1402هـ/ 1982م، عمل أستاذاً مساعداً، ثم أستاذاً مشاركاً في قسم اللغة الإنجليزية بجامعة الملك سعود، كما عمل متطوعاً في الندوة العالمية للشباب الإسلامي، عام 1403هـ/ 1983م، قبل أن يصبح أمينا عاماً لها منذ عام 1406هـ/ 1986م حتى وفاته عام 1423هـ/ 2002م.
شغل د. الجهني عضوية العديد من الهيئات والمؤسسات الإسلامية العاملة في مجال الدعوة والإغاثة والشباب؛ منها: الهيئة الخيرية الإسلامية العالمية بالكويت، والهيئة العالمية للدعوة والإغاثة بالقاهرة، واللجنة العليا للشؤون الإسلامية في السعودية، ومجلس إدارة مؤسسة القدس، ومجلس إدارة ائتلاف الخير، واللجنة العليا لمساعدة مسلمي البوسنة والهرسك، والجامعة الإسلامية ببنجلاديش، وكانت له اهتمامات بالدراسات الأدبية والتاريخ والدعوة.
كما كانت لديه مكتبة ضخمة تحتوي على آلاف الكتب في الموضوعات المختلفة، فضلاً عن المؤلفات باللغة الإنجليزية مثل: «الصحوة الإسلامية.. نظرة مستقبلية»، «حقيقة المسيح»، «عقيدة أهل السُّنة والجماعة»، «مشكلات الدعوة والداعية»، «الموسوعة الميسرة في الأديان والأحزاب والمذاهب المعاصرة».
اختير عام 1418هـ/ 1997م عضواً في مجلس الشورى السعودي وأعيد اختياره لدورة ثانية في عضوية مجلس الشورى عام 1422هـ/ 2001م.
وفي يوم الأحد 24 جمـادى الأولى 1423 هـ/ 4 أغسطس 2002م، وأثناء توجهه لمقابلة الأمير عبدالله بن عبدالعزيز، نائب خادم الحرمين الشريفين آنذاك، لأخذ موافقته لرعاية المؤتمر العالمي عن «الشباب والانفتاح» تعرض لحادث؛ حيث انقلبت به سيارته، ففارق الحياة، وأقيمت صلاة الجنازة عليه في مسجد الراجحي بالرياض.
علي عبدالرحمن البحر.. فيض كالبحر
علي عبدالرحمن البحر (أبو مرزوق)، صاحب يد ناصعة في العمل الخيري، ولد في عام 1924م حيث تلقى تعليمه الأولى في منطقة الكويت.
مارس العمل التجاري طوال حياته، وعرف عنه الكرم والسماحة والتواضع، وكان مشهوراً بالتواصل مع الناس في أفراحهم وأتراحهم.
وفي يوم الجمعة 28 مارس 1958م، اصطف الكويتيون في طوابير أمام المدرسة المباركية لانتخاب مجلس يساعد الحاكم والمجلس الأعلى على إدارة شؤون البلاد؛ حيث نال فيه علي عبدالرحمن البحر الترتيب الرابع والثلاثين، غير أن هذا المجلس لم يعقد جلسة واحدة.
وفي انتخابات مجلس الأمة عام 1963م، ترشح عن الدائرة الثانية (القبلة)، فجاء ترتيبه 16 بعدد أصوات 75 صوتاً.
كان العم علي عبدالرحمن البحر واحداً من الذين شاركوا في تأسيس جمعية الإرشاد الإسلامي، وظل داعماً للعمل الخيري التربوي ومعاونة ذوي الاحتياجات الخاصة، حتى رحل عن دنيانا يوم 11 رجب 1425هـ/ 27 أغسطس 2004م عن عمر ناهز 79 عاماً.
_________________________________________________
1- عبدالمحسن الجارالله الخرافي: صحيفة القبس 2006م.
2- وكالة الأنباء الكويتية (كونا): 2006م.
3- صحيفة النهار: العدد 1789، 22 فبراير 2013م.
4- الشرق الأوسط: العدد 8651، 5 أغسطس 2002م.
5- عبدالله العقيل: مانع حماد الجهني الداعية المتجول، موقع إخوان ويكي.
6- صحيفة القبس: العدد 268، 24 أغسطس 2004م.