من سعادة الإنسان السوي، وفرحه وأنسه، قدرته على كسب حب أخيه الإنسان عمومًا، وإن كانت الأولوية للمسلم كسب حب أخيه المسلم.
نعم، فبالحب تحول نظرتهم -الناس- نظرة حب وعطف واستحسان، وقد بين الله تعالى ذلك لسيدنا موسى عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام؛ قال تعالى في كتابه العظيم: (وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِّنِّي) (طه: 39).
قال بعض الدعاة أو المفسرين: إن سيدنا موسى عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام ما رآه أحد إلا أحبه.
استجلاب حب الآخرين إليك منحة إلهية يتكرم الله تعالى بها على عباده أو على عبده الذي أحبه، ومن أسباب هذا الحب كما قال صلى الله عليه وسلم: “تبسمك في وجه أخيك صدقة”.
واللين والرفق مع الناس يؤدي إلى الحب، والحب يسهل القبول فيما يطرحه الإنسان، يقول رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم: “ما كان الرفق في شيء إلا زانه؛ وما نزع من شيء إلا شانه”.
وهذا الحب في النهاية يؤدي إلى حب الله تعالى، وحب الله تكون له النتائج العظيمة والراقية التي بيَّنها رسول الله صلى الله عليه وسلم بحديث نداء جبريل عليه السلام، كما بين ذلك الحبيب المحبوب صلوات الله وسلامه عليه في الحديث الصحيح: “إن جبريل ينادي في أهل السماء: إن الله يحب فلاناً فأحبوه فيحبه أهل السماء ويوضع له القبول في الأرض”.
اعلم أخي الكريم أن التنقل بين الناس، واطراد التزاور مع أسلوب اللين والابتسامة والفرح والسرور بين الناس والأمصار يؤدي ذلك إلى الحب، والحب يؤدي إلى كسب القلوب، وكسب الناس وحتى العقول يكون للحب عليها أثر، ولا تيأس من الأحداث التي تحيط بك أحياناً من مقابلة الأنس والحب بالجفوة والغلاظة، لا تيأس، فالحب وإظهار الود والتودد له أفعاله الإيجابية وأقوى مما تتصور أخي الكريم، وهذا وعد الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم كما بينا سالفًا؛ ويقول الشاعر:
إذا اشتملتْ على الياس القلوب وضاق لما به الصدر الرحيب
وأوطنت المكاره واطمأنت وأرست في أماكنها الخطوب
ولم تر لانكشاف الضر وجهاً ولا أغنى بحيلته الأريب
أتاك على قنوطك منه غوثٌ يمن به القريب المستجيب
وكل الحادثات وإن تناهت فموصول بها فرجٌ قريب
نعم، فرج الله تعالى ببذل الأسباب، والحب والابتسامة واللين والرفق وتشنيف السمع للمقابل كلها من أعظم وأرقى الأسباب لانفراج الأمور وكسب القلوب وارتياح النفس قبل كل شيء.
واعلم أن كسب القلوب وحب الناس أمر يحبه الله تعالى، ويحبه رسوله صلى الله عليه وسلم، وفي النهاية يعود هذا الحب من الناس؛ يعود عليك بالسعادة وبالراحة النفسية والذهنية والإنتاجية عملًا.
ولكن أن يكون هدفك حب الله تعالى ورضاه، ومن سعى في رضا الله وحبه أحبه الله، وهذا الحب يجب أن يكون باتباع أوامر الله تعالى وما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ قال تعالى: (إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ) (آل عمران: 31).
أخي في الله، الحب في الله وبين الناس يجعل المجتمع أكثر إنتاجًا، وأقل توترًا.. فلذلك، فلنهدئ أعصابنا، ونشنف مسامعنا لكتاب الله تعالى، ومن ثم سماع الرأي المقابل واستيعاب ما فيه من خير، وتصويب ما تراه من خطأ بالتفاهم الحبي، والاحتكام في ذلك للكتاب والسُّنة.
فلنهدئ أعصابنا بسماعنا كتاب الله تعالى، والنظر في معانيه وفي سُنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأثرهما الإيجابي والطيب على النفس والسامع عمومًا، وذلك لا شك له آثاره الإيجابية على المجتمع حينها والسامع حتى وإن لم يكن مسلمًا.
ونحن لم نأت بشيء جديد في هذا، فهذه من سُنة الرسول صلى الله عليه وسلم؛ فهو يحب أن يسمع القرآن من الصحابة الكرام؛ وإذا سمعه منهم يتأثر وهو صلى الله عليه وسلم من أنزل عليه.
________________
إعلامي كويتي.