فزعة غير مسبوقة وانتفاضة شعبية عمت أرجاء العالم الإسلامي انتصاراً للقدس، قضية المسلمين الأولى، الجميع يشعر بالغبن والقهر وهو يشاهد أحذية الصهاينة اليهود يدنسون سجاد المسجد الأقصى الشريف! لم تقتصر الفزعة على العرب، بل جميع من ينطق بالشهادتين، كما قال رئيس السنغال في حشد جماهيري إن القدس وبيت المقدس للمسلمين لا للعرب وحدهم، مستشهداً بقوله تعالى: “وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً للْعَالَمِينَ”!
ما يفعله الصهاينة في بيت المقدس من انتهاك لحقوق الإنسان واعتداء على الأطفال والشيوخ وتدنيس للمقدسات الإسلامية كلها تعتبر جرائم حرب يعاقب عليها القانون الدولي!
اليوم حتى منظمات حقوق الإنسان في الدول الغربية تحركت ضد العربدة الصهيونية، بعد أن فضحت وسائل الإعلام جرائمها وانتهاكاتها، ولم يتبق أحد لم يدن هذه الجرائم إلا الصهاينة أنفسهم وبعض مشايخ المسلمين ومؤسساتهم!
نعم.. بعض مشايخ المسلمين لم تحترق قلوبهم على ما شاهدوه من انتهاكات صارخة للقوانين الدولية وتدنيس للمقدسات، ولكنهم انزعجوا من بعض العبارات والكلمات التي وجهها الخطباء في هذه المرحلة! انزعجوا من الدعوة للجهاد لمواجهة العربدة الصهيونية، واعتبروا هذه دعوة لقتل النفس في معركة غير متكافئة، وهم يعلمون أن حثهم أمر مطلوب اليوم، لكنهم أيضاً يطالبون الناس بالجهاد كلاً من موقعه، بالتجمع والحشد في كل بقاع العالم للتنديد بما يقوم به اليهود، وبالمناشدات للمنظمات الدولية لإصدار بيانات الاستنكار وإحراجهم دولياً! وبتكوين السلاسل البشرية لحماية المسجد الأقصى، والبيات فيه لمنع دخول المحتل إليه! كل هذا من الجهاد، ومن يعلم فقد تحرك صرخة امرأة ثكلى أو شيخ عجوز قلب حاكم مسلم فيسخره الله عز وجل لنصرة دينه فيبدأ يعد العدة ويجهز الكتائب لليوم المشهود!
الصهاينة أجبن خلق الله، ولو وجدوا خصماً شجاعاً وعنيداً لما تجرؤوا على ما فعلوا، لكنهم وجدوا أمامهم سلطة تتاجر بالقضية وقطاعاً معزولاً عن العالم، فلذلك تشجعوا في التمادي في انتهاكاتهم الصارخة!
حتى أمريكا الراعي الرسمي لهذه العربدة الصهيونية ممكن إحراجها دولياً! فالجرم الصهيوني واضح وتبريره فضيحة سياسية وقبل ذلك أخلاقية، والعالم اليوم أصبح قرية صغيرة، إلى أن يقيض الله لهذه الأمة معتصماً جديداً أو قائداً ربانياً يعيد لها شيئاً من كرامتها!
يتبقى اليوم الصهاينة الجدد الذين ظهروا لنا في السنوات الأخيرة يبررون للتطبيع مع هذا الكيان المسخ! ولعل تصريحات بعض المشايخ المحسوبين على التوجه السلفي الجامي تبين مدى تورطهم وشعورهم بالحرج في أحداث اليوم في بيت المقدس، فبدلاً من حث الناس على الرباط وبدلاً من انتقاد الجرائم الصهيونية أخذوا ينتقدون المرابطين وإمكانياتهم ويثبطون عزائمهم، لكنهم لم يجرؤوا على انتقاد بني صهيون! كذلك بعض منظماتنا الإسلامية أصدرت بياناتها على استحياء وكأنها إبراء للذمة!
والسؤال الكبير: هل لايزال البعض يشجع التطبيع مع هؤلاء المجرمين؟!
ماذا كان دور المطبعين في هذه المأساة التي يعيشها الأقصى اليوم؟
هل يجرؤون على مناشدة من طبعوا معه على الانسحاب من القدس؟ وهل هذه المناشدة مؤثرة اليوم بعد التطبيع؟
الكويت غير
كانت وما زالت وستظل الكويت غير، الكويت رائدة في الدفاع عن القضية الفلسطينية رغم حجمها وإمكانياتها، وسياستها الخارجية مشرفة لكل كويتي، ومعبرة عن ضمير الأمتين العربية والإسلامية، وحتى لجانها الخيرية سباقة في هذا المجال وداعمة للصمود الفلسطيني، فشكراً كبيرة للكويت حكومة وشعباً.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ينشر بالتزامن مع صحيفة “القبس” الكويتية.