عند الحديث عن الأمور العقائدية يجب أن نكون دقيقين؛ لأن هذا دين، والدين لا يقبل بأي حال من الأحوال التمييع أو التأويل في أمور العقائد، ومن ذلك عقيدة الولاء والبراء، وتعريف الولاء عقائدياً هو حُب الله ورسوله والصحابة والمؤمنين الموحِّدين ونصرتهم، أما تعريف البراء فهو بُغض مَنْ خالف الله ورسوله والصحابة والمؤمنين الموحِّدين، من الكافرين والمشركين والمنافقين والمبتدعين والفـسَّاق. (صيد الفوائد).
وقد قال الله تعالى: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ} (التوبة: 71)، وقال تعالى: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ الله وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ (55) وَمَن يَتَوَلَّ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ فَإِنَّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ} (المائدة)، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أوثق عرى الإيمان: الموالاة في الله، والمعاداة في الله، والحب في الله، والبُغض في الله عز وجل»، وقال تعالى: {بَرَاءةٌ مِّنَ الله وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدتُّم مِّنَ الْمُشْرِكِينَ} (التوبة: 1).
والولاء والبراء حجر الأساس في قوة المسلمين، فعندما ترى المسلمين يتمسكون بهذه العقيدة فهم يترجمونها عملياً بشكل صحيح وسليم، يقول الإمام ابن تيمية: «لا يجتمع الإيمان واتخاذهم (الكفار) أولياء في القلب، ودل ذلك على أن من اتخذهم أولياء، ما فعل الإيمان الواجب من الإيمان بالله والنبي وما أنزل إليه»، ونحن عندما نرى بعض من يذهب إلى اليهود ويطبّع معهم فهو ابتعد عن هذه العقيدة؛ لأن اليهود الصهاينة معتدون ومغتصبون لأرض مقدسة لدى المسلمين، فكيف نطبِّع معهم، ونبرم معاهدات وهم قد خانوا الله ورسوله والمؤمنين، وليس لهم مواثيق ولا عهود، وإنما هم أهل غدر وخيانة؟!
إن هناك ممن يدعي الدين والعلم الشرعي يقوم في هذه الأيام بوظيفة «مندوب» لليهود؛ يبرر لهم أفعالهم وجرائمهم في أرض فلسطين المحتلة، والشماتة بإخوانه من المسلمين، وهذا شرعاً، كما قال العلماء، لا يجوز، وهو من نواقض الإسلام.
وعندما نرى بعض القنوات التي تتسمى بأسماء عربية وتنقل عن الصهاينة تبريراتهم لقصف وقتل المسلمين المسالمين الآمنين في بيوتهم؛ أين الولاء والبراء من ذلك؟! وأين نصرة المسلمين؟! ولا حول ولا قوة إلا بالله.
وكذلك يخرج علينا من يقول: إن بعض الفصائل الفلسطينية تتعاون مع إيران وهم أعداء لنا، والرد بسيط؛ وهو ما المشكلة عندما أتلقى الدعم من شخص لا يكون ولائي له خصوصاً في ظل صدّ إخوانه له وابتعادهم عنه؟! فلو أردت أن تنصر أخاك لفعلت.
إن لنا في فلسطين حقاً شرعياً، وحقَّ وجود ودين، لا يمكن أن يعود إلا بالجهاد، فوالله لو أن المسلمين اتحدوا وأصبحت عقيدة الولاء والبراء واضحة عندهم لما استطاع اليهود حتى التنفس، ولخرجوا كالفئران من الأرض المباركة.
وكمواطن كويتي، أحيي موقف دولة الكويت المشرّف في قضية فلسطين، فالكويتيون؛ حكومة وبرلماناً الذي يمثل الشعب، لا يتوانون عن نصرة المظلومين، فما زالت الكويت تعتبر الصهاينة أعداء، وهناك قانون صدر في 6/6/1967م بخصوص ذلك: «نعلن ونقرر أن دولة الكويت في حرب دفاعية منذ صباح اليوم مع العصابات الصهيونية في فلسطين المحتلة»، وهذا القانون لا يزال سارياً، وهناك مشروع قانون تقدم به النائب د. عبدالعزيز الصقعبي وعدد من النواب بتعديل هذا القانون وتجريم التعاون مع الصهاينة.
هذا هو المسار الذي تسير عليه الكويت منذ أن زُرع الكيان الصهيوني في قلب هذه الأمة الذي سيذهب، بإذن الله تعالى، ولن تحيد هذه السياسة بفضل الله والقيادة السياسية والشعب الكويتي.
ونبشركم أيها اليهود الصهاينة بأن هذه الحرب أرست قاعدة جديدة للصراع معكم، كتبها الشباب الفلسطيني بدمائهم الزكية، وأرسلوا رسالة واضحة بأن أجيال الثمانينيات والتسعينيات وما بعدهما لم ينسوا بأن الصهاينة محتلون أرضهم ومدنِّسون مقدساتهم، وأن وسائل الترفيه واللهو التي عملوا عليها عقوداً من الزمن لم تُنسهم قضيتهم، وكأنهم يقولون: ما دام القرآن الكريم والسُّنة النبوية الشريفة تلهج بهما الألسنة؛ فإن إنقاذ الأقصى وطرد المحتل هو الهدف الأساسي والغاية العظمى في حياتهم.