لا شيء دفع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، نحو قلوب ملايين العرب، كمواقفه من القضية الفلسطينية، ولا شيء في هذه المواقف، كالدعم الذي حظيت به حركة “حماس” أكبر فصائل المقاومة الفلسطينية، حيث سمحت تركيا للحركة أن تفتتح مكاتبا لها وأن تكون مقرا لبعض قادتها، وأن تقيم مؤتمراتها ومهرجاناتها، التي جعلت إسطنبول مهوى أفئدة كل المناصرين لفلسطين.
وعلى الرغم من أن الزيارة الأخيرة للرئيس “الإسرائيلي” إسحاق هيرتسوغ، لتركيا، جاءت في ظل ضغوطات سياسية واقتصادية وأمنية وإقليمية عدة، إلا أنها شكلت صدمة لدى جماهير “أردوغان” في العالم العربي.
وأكد محللون لـ”قدس برس” أن هذه الزيارة لم تقدم جديداً على صعيد العلاقات التركية الإسرائيلية الممتدة، والتي شهدت فتوراً استثنائيا خلال السنوات الخمس عشر الماضية، إلا أنها لم تنقطع، خاصة على الصعيدين السياحي والاقتصادي.
سياق طبيعي
وقال الكاتب والمحلل السياسي، منذر الحوارات، إن بيان حركة حماس الذي دان الزيارة الإسرائيلية لتركيا دون أن يسميها “يأتي في سياق الموقف الطبيعي للحركة، برفض كافة أشكال التطبيع الإسرائيلي مع دول المنطقة، لا سيما العربية منها والإسلامية“.
وأشار الحوارات في حديث مع “قدس برس” إلى أن المطلوب من الفلسطينيين وفصائل المقاومة الفلسطينية، وعلى رأسها حركة حماس “أن تبقي على علاقتها الدافئة مع الدولة التركية، كدولة محورية واستراتيجية، وذات تأثير سياسي كبير في الإقليم“.
وأوضح الحوارات أن “القطيعة السابقة كانت بين الرئيس رجب طيب أردوغان وبنيامين نتنياهو، وليس بين أنقرة وتل أبيب، لأن المواقف بينهما كانت على طرفي نقيض، ونتنياهو كان ينظر لتركيا على أنها تشكل خطراً على مستقبلها، ولم يكن يعطيها الأولويات في أجندته“.
من جانبه، قال الكاتب والمحلل السياسي، شاكر الجوهري، إن “الحكمة تقتضي أن يبقى الكل الفلسطيني على علاقة جيدة ومتطورة مع الجانب التركي” بحسب تعبيره.
وأضاف الجوهري لـ”قدس برس”: “ليس المطلوب الآن محاولة فهم بيان حركة حماس وموقفها من الزيارة، بل المطلوب الحكمة وعدم استهداف الدولة التركية، نتيجة زيارة لأي مسؤول إسرائيلي لتركيا“.
وأكد أن “زيارة الرئيس الإسرائيلي لتركيا جاءت في سياق العلاقة الطبيعية بين الطرفين، ولا تستطيع أنقرة أن تتنصل من هذه العلاقات بحكم التشابك الدولي، بما في ذلك أطراف قوية تحارب الفلسطينيين بلا سبب“.
وقال الجوهري: إن “الرئيس التركي ليس مؤيداً لإسرائيل، والجانب الإسرائيلي يعرف ذلك، ولكنه في الوقت ذاته، لديه حسابات تتعلق بالمصالح العامة التركية، والتي لا تستهدف أي طرف فلسطيني أو القضية الفلسطينية بالمجمل“.
وعن الوضع الإقليمي الذي ربما يكون سبباً في زيارة الرئيس الإسرائيلي لتركيا، قال الجوهري: “بعيداً عن الذرائع، إلا أن ما يجري في أوكرانيا لا يستهدفها وحدها بل يستهدف تركيا، وهناك من يريد توريط تركيا في هذه الصراع، وبالتالي تريد تركيا البحث عن مصالحها القومية“.
وختم بالقول: “إسرائيل لها مصلحة في هذه الزيارة، بأن تشوش على الموقف السياسي التركي من القضية الفلسطينية، ولكن لأردوغان موقف إيديولوجي من القضية الفلسطينية ولن يتنازل عنه .. وبالتالي تركيا لها علاقات مع كافة الأطراف الفلسطينية و”الإسرائيلية” والأوروبية، في ظل الوضع القائم الآن في الإقليم وبالقرب منها، والمقصود هنا أوكرانيا” بحسب ما يرى.
وكان الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، استقبل بعد ظهر أمس الأربعاء، نظيره “الإسرائيلي” يتسحاق هرتسوغ، بعد قطيعة سياسية ودبلوماسية بين الطرفين استمرت 14 عاماً.
ووصفت وسائل إعلام عبرية الاستقبال في القصر الرئاسي في أنقرة بأنه أعلى مستوى وفقاً للبروتوكول الدبلوماسي، وقد جرى خلال الاستقبال عزف النشيدين التركي و”الإسرائيلي”.
وكشفت وسائل إعلام عبرية عن اتفاق بين أنقرة و”تل أبيب” بتشكيل خلية أزمة برئاسة كبير مستشاري الرئيس التركي، ومدير عام وزارة الخارجية “الإسرائيلية”، والإشارة إلى نشاط حركة “حماس” في تركيا.