تناولنا في الحلقات السابقة:
– عدم الرضا عن الزوج
– المرجعية
ونتناول في هذه الحلقة: عدم وضوح المسؤوليات والمهام والأهداف..
حتى تستقيم الحياة الزوجية فهناك متطلبات يجب توافرها، وأي قصور فيها يؤدي إلى اضطراب في العلاقات الزوجية وما قد يترتب على ذلك من مشكلات، لذا يجب على الزوج أن يتفقد زوجه وأن يتعرف على احتياجاته، هنا يجب التنويه إلى حياء الزوجة خاصة في التعبير عن احتياجاتها العاطفية والجنسية، كما قد تتحرج حتى في طلب احتياجاتها المادية، لذا على الزوج أن يتلمس ذلك في عيون زوجته، وأن يتميز بالذكاء الوجداني فيلبي احتياجاتها قبل أن تعن عليها ويحرص على ألا يضع زوجته في عوز خاصة العاطفي.
أسمى ما يقدمه الزوج لزوجه أن يعينه على ذكر الله ويكون له جسراً لمرضاة الله
بعد التعرف على الاحتياجات يجب تعيينها بدقة وبالقدر الذي يرضى به الزوج والذي يستطيع زوجه أن يتحمله، إن التمتع بنعم الله في الحياة الزوجية تمتع مشترك، وليس هذا فقط في نعمة التفاعل العاطفي والجنسي فقط، بل في كل النعم معنوية ومادية، فكما ينعم الزوج بطعامه الشهي من يد زوجته تنعم الزوجة بإعدادها الطعام وبملامح الرضا على وجه زوجها، كما يسعد الزوج بمكابدته الحياة لتوفير المال لأسرته، لذا فمن المهم بمكان:
– تعريف وتحديد الاحتياجات الزوجية والمدى الزمني وكيفية التعبير عن ذلك بحياء.
– دور كل زوج في تلبية ذلك الاحتياج.
– الكيفية التي يتم بها توفير متطلبات تلبية الاحتياج.
– الكيفية التي يتم بها التمتع بنعم المولى عز وجل بعد توفير متطلباتها.
أنواع متطلبات الحياة الزوجية:
متطلبات روحية:
إن الروح تحتاج إلى تغذية والحياة في معية الله عز وجل، ولا أقصد أداء الفروض فقط، بل ما يتقرب به الزوجان من نوافل، وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: “وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه” (رواه البخاري)، ومن أسمى ما يقدمه الزوج لزوجه أن يعينه على ذكر الله، وأن يكون له جسرا لمرضاة الله، ويجب أن يتفق الزوجان على كيفية ذلك ودور كل منهما لتحقيق معية الله.
متطلبات عاطفية وجنسية:
عادة ما يتفاوت كل زوج في احتياجاته العاطفية والجنسية سواء من حيث المعدل أو الكيفية، ويجب أن يتحلى الزوجان بالشفافية التي تمكن كل زوج من أن يتعرف على الحد الأدنى الذي يحتاجه زوجه.
إن من العوامل المؤثرة جداً في استمرار العلاقات الزوجية بصورة طيبة أن يتمتع الزوجان معاً بالإشباع العاطفي والارتواء الجنسي، يتطلب الإشباع العاطفي والارتواء الجنسي المشترك للزوجين، قيام كل زوج بدوره في تناغم مع أداء زوجه، ولا حرج إطلاقاً، بل يجب أن يطلب الزوج من زوجه ما يمكنه من كفاءة تفاعله معه، موضحاً له كيف ومتى و.. وهنا أود أن أنوه بملاحظة مهمة جداً، هي أن الكيفية التي يتم بها الإشباع العاطفي والارتواء الجنسي لا تتفاوت فقط من زوج لآخر، بل إنها تتفاوت من وقت لآخر لنفس الزوج.
لذا، يجب الحرص على تفقد احتياجات الزوج والتعرف على أثر التغيرات النفسية والفسيولوجية على احتياجاته العاطفية والجنسية.
عدم وجود منهجية تربوية يتوافق عليها الزوجان يسبب حدوث مشكلات بينهما وتنعكس سلباً على الأولاد
متطلبات وجدانية:
العلاقة العاطفية والجنسية بوتقة من المشاعر يعبر عنها بالتعبيرات العاطفية ونظرات الشوق اللمسات الحانية والقبلات والأحضان والمباضعة، أما العلاقة الوجدانية فهي مشاعر التقدير والاحترام والامتنان والعفو وحسن الظن وغض الطرف وكل ما يُشعر الزوج بالأمان والسكينة النفسية، يتعاون الزوجان في القيام بمتطلبات بيت الزوجية بالإضافة إلى تربية الأولاد ويجب أن تُغلف علاقتها بالمشاعر الوجدانية، ومن الطبيعي أن يحدث خطأ من الزوج وعلى زوجه إلا يتعدى ويخرج العلاقة من إطارها الوجداني.
متطلبات معنوية:
تربية الأولاد: مثال لأهم المسؤوليات المعنوية التي يقوم بها الزوجان ألا وهي تربية الأولاد، وللأسف دائماً ما يسبب عدم وجود منهجية تربوية يتوافق عليها الزوجان إلى حدوث مشكلات بينهما وتنعكس سلباً على الأولاد، لذا يجب أن يحرص الزوجان على منهجية تربوية تتناسب مع طبيعة أولادهما وكيفية تطبيقهما ودور كل منهما فيها، كما يجب أن يستشعر كل زوج بالمسؤولية الكاملة في التنسيق والتكامل مع زوجه لأداء أمانه تربية أولادهما.
متطلبات مادية:
البيت يحتاج إلى نفقات، الزوج شرعاً مكلف بذلك دون إسراف أو تقطير: (لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً) (الطلاق)، ويجب على الزوج الاعتماد على الله وبذل جهده لتوفير مستوى مادي مناسب لأسرته دون الإخلال بواجبات الرعاية المعنوية للأسرة، وفي المقابل على الزوجة آلا تُحمل زوجها فوق طاقته وأن تبذل جهدها لحسن استخدام ما يوفره زوجها من رزق الله.
ولا حرج إن كان للزوجة دخل من المساهمة، ولكن ذلك من سبيل الفضل وليس الفرض: (وَآتُواْ النَّسَاء صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَّرِيئاً) (النساء: 4)، للأسف العلاقة المالية بين الزوجين كثيراً ما تؤدي إلى المشكلات خاصة عند توافر دخل للمرأة، لذا يجب الاتفاق الواضح على كيفية مساهمة الزوجة في نفقات البيت، وليعلم الزوج أن هذا فضل منها وليس فرضاً عليها.
سواء تكفل الزوج بما كلفه الله به من كل نفقات البيت أو ساهمت الزوجة في ذلك عن طيب نفس، فيجب الاتفاق على كيفية الإدارة المالية للبيت بعدالة دون إجحاف وقناعة دون ضغط.
قد يتم التوافق على أن يوفر الزوج نسبة من دخله شهرياً لنفقات البيت من الطعام وعلى الزوجة حسن الإنفاق من هذا المبلغ.
وكذلك الاحتياجات من الكسوة، قد يتم الاتفاق على نسبة من الدخل يوفرها الزوج من دخله شهرياً، وعلى الزوجة ادخار هذا المبلغ والتصرف في حدوده.
دستور الحياة الزوجية:
يجب تدوين اتفاقات الزوجين حتى تكون مرجعاً لهما ويسترشدان بها فيما يمكن أن يطلق عليه دستور الحياة الزوجية، مع ملاحظة تحديثه وتعديله بناء على تنامي خبراتهما وبما ينمي قدرتهما على التكامل معاً.
_____________________________
(*) استشاري تربوي وعلاقات أسرية، مستشار البحوث بمجلس الوزراء الكويتي سابقًا.
0014169973277