(وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِن كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلاَّ عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللّهُ وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ) (البقرة: 143).
تعالوا نحيا في ظلال هذه الآية الكريمة، ونستلهم بعضاً من نفحاتها العطرة، خاصة ونحن نعيش في هذا العالم الذي تهب عليه “زعابيب” الجهل بالدين، وعواصف الظلم والطغيان، وذلك لانحراف الأفكار التي صاحبها انحراف سلوك البشر التي ترتب عليها انقسام غالبيتهم إلى أتباع ألغوا عقولهم وانساقوا وراء كبرائهم أو زعمائهم كالأنعام؛ فأهلكوهم في مستنقعات الضلال بنظريات وفلسفات ومذاهب وأفكار من الغرب الصليبي أو من الشرق الملحد.
وهناك آخرون مستضعفون جعلوا من أنفسهم أذلة تحت وطأة الضعف والحاجة لغبائهم وجهلهم وضياع إيمانهم بالله سبحانه وتعالى، وعدم فهمهم بأنه وحده سبحانه المعطى المانع، المعز المذل، وتوجهوا برجائهم وخوفهم إلى هذه الفئة التي خيل إليهم أنها تملك مقدرات حياتهم وتسيطر على مجريات أمورهم، الذين سماهم الله تعالى في كتابه الكريم بالمستكبرين، فاهلكوهم في مستنقعات الشرك والكفر.
وربما يسأل سائل: ما علاقة ما ذكرناه بالآية الكريمة في الأعلى؟
أولًا لا بد أن نفهم معنى الوسطية، فمن الأخطاء التي تناقلناها على مر السنين أن عكس الكرم البخل، وعكس الشجاعة الجبن، وهذا خطأ إذا تم قياسه بمعيار الوسطية.
والأصح أن عكس البخل الإسراف، والكرم وسط بين البخل والإسراف.
وعكس الجبن التهور، والشجاعة وسط بين الجبن والتهور.