من منا لا يريد أن يكون واحداً من هؤلاء المصطفين الأخيار الذين وفقهم الله لطاعته ثم كافأهم بهذه المنحة العظيمة يوم الحاجة والاستنفار لها؟ ففي يوم العرض يود المرء ما يخفف عنه هذا الموقف، فإذا هو في وادٍ آخر من نعيم ظل الله ورحمته، بينما الناس يلهثون في ساعات العرصات، وإن كل واحد من هؤلاء السبعة له صفة أهلته لهذا الاصطفاء، وتلك المكانة نتعرف عليها:
1- إمام عادل:
فالعدل آية الله في خلقه، وصفة اتصف بها ربنا سبحانه وتعالى وأحبها في عباده، وهي شاقة على النفس من ناحية المجاهدة والمكابدة، وكذلك من ناحية إنفاذ الحق في ذوي القربى والأصحاب وأهل المصالح المتقاربة، لا سيما إن كان ذلك من الإمام الذي يهمه إرضاء الناس لاستتباب الملك.
2- شاب نشأ في طاعة الله:
لما كانت الطاعة عملاً مقرباً لله سبحانه وتعالى، كان إتيانه ممن هو حري به التعلق بالدنيا أحب وأحرى كإنفاق الفقير وجهاد العليل، إذ فعل الأمر مع الحاجة إليه فيه مجاهدتان؛ إحداها للحاجة النفسية، والأخرى للطبيعة الجبلية، والشباب أشد تعلقاً بالدنيا وأبعد عن تذكر الموت في فناء الأقران وتوديع الأصحاب؛ لذا كان تعلقهم بالعبادة واطرادهم عليها أمر محبب عند الله سبحانه وتعالى.
3- رجل قلبه معلق بالمساجد:
ونعم الرجل هو، والضابط هنا ليس على الغدوة والذهاب البدني، وإنما على ذلك القلب الذي لا يكاد يبرح بيت ربه حتى يشتاق إليه، فهو في فكر وخاطر بين الصلاتين، وهو على ما دونها أشد تعلقاً، وعن الحرام أبعد، إذ إنه حقق الإحسان ولا بد وتقدم عليه.
4- رجلان تحابَّا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه:
وهذا الفعل وإن كان يبدو بسيطاً لا كثير مجهود فيه، إلا أنه رابطة الدين وعصبته، وقوام اللحمة وعليه مآل البناء والهدم والسلام والحرب، إذ فكك الإسلام عصبية الجاهلية ليخلق رباطاً جديداً ونسباً آخر هو تلك الأخوة السامقة.
5- رجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال: إني أخاف الله رب العالمين.
والصفة الغالبة هنا على هذا الرجل المؤمن هي حضور القلب وانشغاله بالله عن كل شهوة، فربما امتنع نخوة أو مروءة، وإنما ذلك الرجل أكد أن الامتناع هنا لله فقط، حتى إذا توافرت له شروط السلامة والبعد عن الأعين، فإن مراقبة الله غالبة عليه.
6- رجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه:
وقد جمع الله في هذا خصلتين؛ التصدق وسلامة القصد، فهو كريم جواد يخرج من ماله لإرضاء ربه، إلا أنه لا يكتفي بذلك، بل يخفي هذه الصدقة مرضاة للرب، مجرداً نفسه من أي منفعة مصاحبة للطاعة، وهذا معنى في النفس كبير إذ يستحضر عظمة الله في قلبه عند كل فعل.
7- رجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه:
وهذا الرجل مناط فعله الخلوة نفسها المكانية أو الشعورية مع الله، فربما كان هذا المشهد في جمع الحرم أو بين صفي قتال أو في مكان هرج، إلا أنه في حال أخرى غير تلك التي عليها الناس.
وفي الأخير تربط هؤلاء السبعة مع الله صفة واحدة تختلف بين الأعمال والقربات، ألا وهي سلامة القصد وابتغاء وجه الله في كل عمل.