(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُواْ زَحْفاً فَلاَ تُوَلُّوهُمُ الأَدْبَارَ. وَمَن يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلاَّ مُتَحَرِّفاً لِّقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاء بِغَضَبٍ مِّنَ اللّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) (الأنفال:15-16).
خطط اليهود لقيام «إسرائيل»، وحشدوا كل إمكاناتهم في هذا التخطيط، واستعانوا بجميع القوى المعادية للإسلام، فجاءت حرب حزيران بتخطيط من الصهيونية الماكرة والصليبية الحاقدة، وتقابل في ساحة القتال في فلسطين سبع دول عربية مع العصابات الصهيونية، ودارت رحى حرب وهمية انتهت بهزيمة مرسومة للجيوش العربية، واغتصاب اليهود لفلسطين.. ومع أن القوة في العدد والعدة كانت مع العرب، فإن تآمر الدول الحاقدة على الإسلام؛ أمريكا وأوروبا شرقيها وغربيها وما اصطنعوه من زعامات عربية خائنة، أدى إلى هدنة وضياع أرض عربية مسلمة.
وثارت الجيوش العربية العائدة من المعركة الصورية على بعض أنظمة الحكم التي أدت إلى الهزيمة، وقامت أنظمة ثورية جديدة وصمت تلك الحكومات السابقة بالخيانة والعمالة وبأنها السبب في ضياع فلسطين.
وبدت الحكومات الجديدة وكأنها تخطط وتستعد لاسترجاع فلسطين، وبدأنا نسمع التصريحات والبيانات الكاذبة عن الاستعدادات الضخمة والقوى الكبيرة واستعراض العضلات، وهكذا توهم السذج أن النصر سيكون لا محالة بجانب حكومات الدول العربية.
وكانت كارثة حزيران، وتمخضت هذه الكارثة عن انهزام وانسحاب وضياع للجيوش العربية، وهذا أمر مدروس من قبل ومخطط له ومتفق عليه ومرسوم كما رسمت حرب وهدنة سنة 1948م.
إن الأحداث المتتابعة تعطي وضوحاً لا يقبل الشك على صحة ما نقول، فبين عشية وضحاها من انتهاء مرحلة الصمود إلى حرب الاستنزاف إلى قرب بداية حرب التحرر إلى الاستعدادات الكبيرة، ومن المزايدة النظرية إلى القبول الفعلي للاستسلام تنفيذاً لمطالب الأعداء ورغباتهم.
وأصبحنا نظهر للناس ضعف موقفنا ونقول لهم: إننا نواجه حرباً إلكترونية هي أول حرب من نوعها في التاريخ.
إن قبول حكومات العرب لأي حل شرقي أو غربي، أمريكي أو روسي، هو ضياع إلى الأبد، وخسارة محققة، وضرب خبيث للعمل الفدائي المخلص متفق عليه ومرسوم له.
إن الشعوب العربية والإسلامية لا تؤمن إلا بالحرب كحل يحفظ لها كرامتها وعزتها واسترجاع حقوقها وأراضيها المغتصبة.
فلنعلنها حرباً إسلامية ضروساً لا هوادة فيها؛ فإما الشهادة وإما النصر.
وإنها لمؤامرة كبرى على الشعوب العربية.. فالحذر الحذر.. ولتعلن الحكومات العربية مجتمعة رفض أي حل استسلامي مهما كانت التضحيات، وإلا فالمستقبل ينذر بخطر أكبر وتوسع أعم للصهيونية ومصالحها ومكاسبها العسكرية والاقتصادية؛ (كَيْفَ وَإِن يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لاَ يَرْقُبُواْ فِيكُمْ إِلاًّ وَلاَ ذِمَّةً…) (التوبة:8).
__________________________________________________
العدد (20)، عام 1970م، ص5.