وقتها كنا طلاباً في جامعة الأزهر، وسمعنا بمؤتمر للسكان سينعقد في القاهرة ستنظمه الأمم المتحدة، كان ذلك عام 1994م، وشاركت حوالي 179 دولة، وأكثر من 11 ألف ممثل لمنظمات حكومية وغير حكومية.
تابعنا المؤتمر، وما أثير وقتها من جدل كبير حول ما جاء به من توصيات، التي مثلت خطورة على مفاهيمنا الإسلامية ومجيء ثقافة معارضة للأديان والفطرة الإنسانية وهدم لقيمة الأسرة وإعلاء للحركة النسوية، وأذكر وقتها اعتراضات خرجت عن المؤسسات الشرعية في البلاد العربية على توصيات المؤتمر المشبوه.
ولأن الغرب أدرك ما جاء به الإسلام من اهتمام بالأسرة وكونها الوحدة الأساسية للمجتمع، وأنها كلما كانت قوية متماسكة؛ زاد تأثيرها على المجتمع، والعكس صحيح، فكان إعلان الحرب التدميرية والتخريبية لقيم الأسرة ومبادئها، تحت مؤتمرات متتالية تحمل شعارات براقة جميلة وألوان من المكر والخداع الزائف، ليقع فيها قليلو الثقافة وبلهاء الرأي وعديمو النخوة والمروءة.
الأسرة في مرمى السهام
حقيقة، مؤتمرات السكان ما هي إلا إحدى حلقات تدمير الأسرة مع الموجات المحمومة والمسعورة التي نراها بأعيننا ونشعر بها في مفردات حياتنا.
إنها الأفكار نفسها المراد ترسيخها ربما مع تغيير بعض الألفاظ، ولو حاولنا أن نتذكر سوياً ما جاء في مؤتمر السكان 1994م من عبارات لوجدناها هي ذات العبارات التي تنتشر حولنا بألفاظها ومعانيها، وهي المفاهيم ذاتها التي تترسخ من خلال دراما تلفزيونية وألعاب للأطفال ومناهج دراسية ومظاهرات واحتفالات وبرامج تلفزيونية، الكل يسير في اتجاه واحد؛ وهو هدم الأسرة ومحاربة الفطرة ونشر الشذوذ.
وبعد 29 عاماً، للأسف، صارت مثل هذه الكلمات مقبول أن نسمعها، وجاء مؤتمر السكان الذي استقبلته القاهرة أيضاً بعد 29 عاماً من سابقه ليؤكد المعاني، ويحمل الهدف الأول لهم؛ وهو هدم الأسرة.
قوانين تنذر بنهاية العالم
تكلم الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين د. علي القره داغي في خطورة مثل هذه المؤتمرات، بأنها إنذار لنهاية العالم: الكون كله قائم على الميزان والزوج؛ (سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنفُسِهِمْ وَمِمَّا لَا يَعْلَمُونَ) (يس: 36)، كل شيء في هذا الكون زوج، حتى الحيوانات، ولذلك، الأخطار أنها فعلًا لو طبقت الأسرة الواحدة أو الجندرة أو المثلية، سيكون هناك إنذار لنهاية العالم، فقانون الجندرة يخالف القانون الكوني، وبالتالي مثل ما حاول الشيوعية إلغاء الملكية الفردية ففشلت وسقطت، فإلغاء نظام الأسرة أخطر بكثير من هذا.