كشفت معركة «طوفان الأقصى» التي دشنتها «كتائب القسام»، الذراع العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، السبت 7 أكتوبر 2023م، عن سنوات طويلة من التخطيط والإعداد، في إطار معركة التحرير الشاملة التي سيكون لها ما بعدها.
المعركة المفتوحة التي تقودها «كتائب القسام» وفصائل المقاومة الفلسطينية تهدف إلى حرية الشعب الفلسطيني الذي بدأ في هذا المسار الإستراتيجي، استكمالاً لحلقة الانتفاضات والثورات والمقاومة منذ سنوات طويلة، لتتويجها بمعركة «طوفان الأقصى» لتحرير الأرض والمقدسات والأسرى.
ووصف الكاتب والمحلل السياسي مصطفى الصواف ما حدث يوم السابع من أكتوبر بأنه يوم يعجز التاريخ بأي حبر يكتبه.
وقال الصواف لـ«المجتمع»: الجميع في زحمة الأحداث مذهول مما حدث ومن هول النتائج التي غفلوا عنها أو تناسوها أن معركة «طوفان الأقصى» قدرة الله ومعيته وتوفيقه؛ وأنها جاءت بعد سنوات من التخطيط والإعداد استكملت فيها المقاومة الفلسطينية فيها عُدة التحرير.
الصواف: «طوفان الأقصى» جاءت بعد سنوات من التخطيط والإعداد استكملت المقاومة فيها عُدة التحرير
وأضاف أن ما حققته معركة «طوفان الأقصى» منذ ساعتها الأولى يؤكد أن معية الله وتوفيقه كانت حاضرة ليس من يوم السبت 7 أكتوبر بحسب، بل كانت منذ لحظة التفكير والتخطيط والتدريب والإعداد الذي سبق هذه المعركة المباركة.
وشدد الصواف على أن سنوات العمل الماضية كلها صبت في النتائج المتحققة على أرض الواقع، وما ستكون عليه الحال في المرحلة القادمة بعد هذه المعركة.
وقال: «طوفان الأقصى» الذي جرف من أمامه كل التخبط والتشكيك والنقد و«الفذلكة» التي مارسها البعض وصمتت عنها المقاومة لتعلن بشكل عملي ما كانت تعد وتخطط له، لتفاجئ العدو قبل الصديق بهذه الضربة الكبيرة والموجعة.
التحكم بمسار المعلومات
من جهته، أكد الكاتب والمحلل السياسي عبدالله العقاد أن المقاومة الفلسطينية تكشفت اليوم ومن خلال معركة «طوفان الأقصى» أنها استكملت كل حلقات الإعداد والقتال والاستعداد لكل أوجه المعركة ومجالاتها التخصصية، وكان بارزاً المجال الأمني الاستخباري.
وقال العقاد لـ«المجتمع»: بينت هذه المعركة قدرة أجهزة المقاومة الأمنية على امتلاكها المعلومة بشكل يعكس التدفق والدقة، والتحكم بمسارات المعلومات على النحو الذي جعل العدو يتخبط في الجهالة والإعماء التام.
العقاد: التحكم بمسار المعلومات جعل المقاومة أقدر على السيطرة والتحكم بميدان المعركة ومفاعيلها
وأضاف أن التحكم بمسار المعلومات جعل المقاومة أقدر على السيطرة والتحكم بميدان المعركة ومفاعيلها، وبهذا استطاعت تحييد قوة الاحتلال، وإخراجها من المعركة لأكثر من نصف يوم، وهذا كاف أن تحقق المقاومة الثمن المستحق في الضربة الافتتاحية.
وأشار العقاد إلى أن معركة «طوفان الأقصى» جعلت الاحتلال تحت تأثير الصدمة والذهول التي إن خرج منها لن يحتمل تكلفة ما حدث، فسيبقى دائم التخبط، في المقابل بقاء المقاومة في خطتها مستمرة.
وقال: ما يميز هذه المعركة أنها لن تكون طويلة كما يزعم العدو المهزوم، بل عظيمة جداً كما يريدها جنود الله، مضيفاً: لم يكن بد أمام رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو إلا أن يعترف بمرارة هذه الهزيمة التي حلت بهم، وذلك بوصفه «اليوم الأسود» في تاريخ الكيان.
وتابع العقاد، موجهاً حديثه لنتنياهو: إنه ليس يوماً أسود فحسب؛ بل هذا التحول التاريخي، وإن كل ما سيأتي بعده أسود منه، وإن كل محاولة لتغييره سيكون ثمنه أشد إيلاماً.
وأكد أن المقاومة هي المبادرة في هذه المعركة، وهي وحدها من تمتلك زمامها، ولن يكون أمام كيان المأزوم إلا الهروب من هذه الأرض التي اغتصبوها لصالح ومصالح قوى تمول وجودهم.
ملامح مرحلة جديدة
من جانبه، قال أستاذ التاريخ في الجامعات الفلسطينية د. غسان الشامي: إن المقاومة الفلسطينية بقيادة «كتائب القسام» والقائد محمد الضيف سطرت ملامح مرحلة تاريخية جديدة تكتب بماء الذهب على جدار تاريخ فلسطين؛ هذه المرحلة هي مرحلة العز والفخار والتحدي والصمود في الدفاع عن الأقصى والمسرى والأسرى عبر معركة «طوفان الأقصى».
وأضاف الشامي لـ«المجتمع»: هناك ملامح مرحلة جديدة تتشكل في وجه الكيان الصهيوني، ومواجهة غطرسة الاحتلال في القدس والمسجد الأقصى المبارك وباقي أراضينا المحتلة، وهي وحدت كل الشعب الفلسطيني وفصائله المقاومة تحت راية واحد هي راية تحرير أرض فلسطين من المحتلين الصهاينة.
الشامي: «طوفان الأقصى» لها ما بعدها من إنجازات وهي أولى حلقات تحرير أرض فلسطين
وشدد على أن المقاومة الفلسطينية و«كتائب القسام» أثلجت صدور الشعب الفلسطيني، وبعثت الأمل فيه وفي أبناء الأمة العربية والإسلامية، أن تحرير أرض فلسطين بات قاب قوسين أو أدنى، وشباب المقاومة يزأرون ويستبسلون في قتال العدو الصهيوني في كافة الجبهات والميادين، وفق قوله.
وقال أستاذ التاريخ: إن هذه المعركة التي أدت إلى مقتل قرابة ألف «إسرائيلي» وأسر العشرات من ضباط جيش الاحتلال، والسيطرة على مواقع عسكرية «إسرائيلية» كاملة، أرقام تذكر لأول مرة في تاريخ الصراع «الإسرائيلي» العربي منذ عام 1948م، إنها أرقام عز وفخار تسطر بماء الذهب وهي تقربنا من حلم تحرير فلسطين.
وأضاف: لقد أعلن العدو الصهيوني المهزوم في مواجهة هذه العملية عن إخلاء جميع مستوطنات غلاف غزة حيث يتواجد رجال المقاومة بكثافة فيها، حيث فقد العدو الصهيوني عقله وهو يمتلك أعتى الأسلحة العسكرية والدعم الأمريكي في مواجهة شباب المقاومة، ومواجهة عملية «طوفان الأقصى» المظفرة.
وتابع أن ما حدث من مشاهد عز وافتخار وانتصار على العدو الصهيوني في خوض معركة عسكرية مخططة ومنظمة عبر مقاتلين أقوياء وأكفاء؛ حققت إنجازات عسكرية كبيرة، واستطاع فيها المقاتلون السيطرة على المواقع العسكرية الصهيونية المحاذية لغزة، بل انطلقوا للمدن الصهيونية ضمن استمرار العملية العسكرية البطولية.
واعتبر الشامي أن معركة «طوفان الأقصى» لها ما بعدها من إنجازات، وهي أولى حلقات تحرير أرض فلسطين.
وقال: عندما يتقدم شباب المقاومة على الخطوط الأولى وعلى كافة الجبهات في اقتحام مستوطنات غلاف غزة، ويقتلون بالمئات ويأسرون بالعشرات من الجنود الصهاينة ويسيطرون على مواقع عسكرية وعتادها، ويمكثون في المواقع لفترات طويلة، ثم ينتقلون إلى معبر «إيرز» الصهيوني ويثخنون في العدو عبر معركة بطويلة سيطروا فيها بالكامل على موقع «إيرز» العسكري؛ إنها تقربنا من تحرير كامل أرضنا الفلسطينية وصولاً إلى القدس والمسجد الأقصى المبارك.
وأضاف: لقد أبدعت المقاومة الفلسطينية في ملحمة البطولة والإباء والفخار وهي تحقق انتصارات وملاحم بطولية في مواجهة الجيش الصهيوني الذي انهار وقهره شباب المقاومة وأبطالها وهم يدسون على رؤوس الجنود الصهاينة ويمرغون أنفهم بالتراب.
وتابع أن فلسطين اليوم على أبواب التحرير، وهي بداية مرحلة جديدة، حيث أثبت المقاومون في فلسطين أنهم قادرون على تحرير كل فلسطين وأثلجت عملياتهم صدور كل العرب والمسلمين.
وشدد الشامي على أن رجال المقاومة حطموا كافة نظريات الضعف والاستكانة، وصنعوا نظريات العز والفخار لتكون بداية طريق التحرير في هذه المعركة المباركة «طوفان الأقصى».