تمكين المرأة في اليمن ليس مجرد قضية نسائية تقتصر على مجموعة من الحقوق النسائية البسيطة، بل قضية وطنية ذات أهمية إستراتيجية، حيث تؤدي المرأة دورًا أساسيًا في التنمية والاستقرار، وقد حققت المرأة اليمنية إنجازات ملموسة في هذا المجال، وذلك بفضل جهود الحركات الإصلاحية الإسلامية، مثل حزب الإصلاح، الذي عمل على تعزيز حقوق المرأة ومشاركتها في مختلف المجالات، من خلال مجموعة من الخطوات والبرامج، فإذا نظرنا إلى اليمن ككيان واحد، فالمرأة هي نصف المجتمع، وبالتالي لا يمكن تحقيق التنمية والاستقرار إلا من خلال مشاركتها الفعّالة والمساهمة في مختلف المجالات.
وعلى الرغم من التحديات العديدة التي تواجهها المرأة اليمنية، فإنها أثبتت قدرتها على الصمود والنجاح، فهي تعمل بجد لتوفير لقمة العيش لأسرها ومجتمعها، وتساهم في التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، حيث مثلت المرأة اليمنية مصدرًا قيمًا للقوة والإصرار في مواجهة كل التحديات في واحدًا من أفقر البلدان في العالم، يعاني من صراعات مستمرة وأزمات اقتصادية خانقة.
وتعتبر المرأة اليمنية أيضًا مصدرًا مهمًا للمعرفة والثقافة، فهي تشكل نسيجًا اجتماعيًا وثقافيًا غنيًا يمتد عبر العصور، ولديها تأثير كبير في نقل القيم والتقاليد والتراث الثقافي للجيل الجديد، وإذا تم تعزيز تعليمها وإتاحة فرص أوسع لمشاركتها في الحياة العامة، سيكون لها تأثير إيجابي على المجتمع والثقافة والتطور.
الأسس الإسلامية لتمكين المرأة
الإسلام دينًا يعزز شأن المرأة ويكفل لها حقوقًا شاملة في جميع المجالات، فقد أكرم الإسلام المرأة وشرفها بجعلها شريكًا للرجل في مسار الحياة، وحث على التعامل معها بالعدل والرحمة.
وتستند مبادئ تمكين المرأة في الإسلام إلى مجموعة من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة، حيث يؤكد القرآن الكريم مبدأ المساواة بين الجنسين، في قول المولى عز وجل: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) (الحجرات: 13).
ويعمل الإسلام على ضمان حرية الاختيار للمرأة في جميع المجالات، بما في ذلك الزواج والعمل والتعليم، وقد حث الرسول صلى الله عليه وسلم على تعليم المرأة والسعي لاكتساب المعرفة، فقال: «طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة» (رواه ابن ماجه).
ومع ذلك، تواجه المرأة في بعض المجتمعات الإسلامية تحديات عديدة، حيث تتعرض للتمييز في القوانين والأعراف الاجتماعية، مما يقيِّد حقوقها وإمكاناتها، كما تواجه صعوبة في الوصول إلى فرص اقتصادية متساوية، وتتعرض لبعض القيود الاجتماعية والثقافية التي تقيد مشاركتها الفعّالة في المجتمع.
الحركات الإصلاحية.. وتعزيز تمكين المرأة
تتنوع وجهات نظر الحركات الإصلاحية الإسلامية، حيث يجد بعضها أن تمكين المرأة جزء أساسي من تفسير الإسلام والمبادئ الإسلامية، وتسعى جاهدة لتعزيز حقوق المرأة ومشاركتها في مختلف المجالات، بينما تعتبر تيارات أخرى أن الأدوار الاجتماعية للنساء يجب أن تكون محدودة ومتوافقة مع التقاليد والقيم الدينية التقليدية.
ودعت التحديات السابقة إلى حضور دور الحركات الإصلاحية الإسلامية في تعزيز تمكين المرأة، وذلك من خلال مجموعة من الخطوات والبرامج، من أبرزها:
– نشر الوعي حول حقوق المرأة وقضاياها في المجتمع: تقوم الحركات الإصلاحية الإسلامية بنشر الوعي حول حقوق المرأة وقضاياها من خلال التثقيف الديني ووسائل الإعلام والتعليم.
– دعم مشاركة المرأة في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية: تدعم الحركات الإصلاحية الإسلامية مشاركة المرأة في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية من خلال القوانين والتشريعات والبرامج الداعمة.
– توفير الحماية للمرأة من كافة أشكال التمييز والعنف: تعمل الحركات الإصلاحية الإسلامية على توفير الحماية للمرأة من كافة أشكال التمييز والعنف من خلال التشريعات والقوانين والبرامج الوقائية.
الحركات الإصلاحية الإسلامية، إذًا، تقوم بدور مهم في تعزيز تمكين المرأة، وذلك من خلال جهودها في نشر الوعي ودعم المشاركة وتوفير الحماية.
تمكين المرأة من منظور الحركات الإصلاحية في اليمن (حزب الإصلاح):
منذ تأسيس حزب الإصلاح في اليمن عام 1990م، وجدّ نفسه في مسعى مستمر نحو تمكين المرأة، وتجلى هذا التفاني من خلال إنشاء دائرة مخصصة للمرأة وتوسيع عضويتها في المؤتمر العام ومجلس الشورى.
والنساء الإصلاحيات مارسن دورًا بارزًا في الأحداث المهمة مثل الثورة الشبابية ومؤتمر الحوار الوطني الشامل، ويتمتعن بمستوى عالٍ من التعليم والثقافة، ويشاركن بفاعلية في أداء الواجبات والمسؤوليات العامة، حيث بعضهن يترأسن المؤسسات المدنية والحقوقية، وتمتد تأثيرهن إلى جميع مناطق الجمهورية.
ولـ«الإصلاح» دور بارز في تطوير النساء وتحريرهن من الجهل والعادات القديمة، وقد حققت المرأة الإصلاحية إنجازات ملموسة في مجالات متعددة، فنظرة «الإصلاح» للمرأة تعتمد على التوازن بين الثقافة الليبرالية والمفاهيم الدينية الصحيحة، مما ساعد في تصحيح الفهم المغلوط لدور المرأة.
فيما يتعلق بالتنظيم، فقد أتاح الإصلاح للمرأة مساحة واسعة في هياكله التنظيمية منذ تأسيسه، حيث تم تأسيس مكتب المرأة في الأمانة العامة للإصلاح ومن ثم تطور إلى القطاع النسائي، مما أتاح للمرأة المشاركة في قرارات وأنشطة الإصلاح على جميع المستويات.
في مجال التعليم، شجع الإصلاح الآباء على تعليم بناتهم على قدم المساواة مع الأولاد، وقد أثر انتشار الإصلاح على هذا القرار إيجابياً، وساهم في محو الأمية للنساء وتوفير فرص تعليمية لهن، حيث استفاد الآلاف من مبادرات محو الأمية وتعليم النساء، وبعض هؤلاء النساء واصلن تعليمهن وحصلن على وظائف حكومية أو شغلن مراكز بارزة في الإصلاح.
في السياق الاجتماعي والمهني، ساهم الإصلاح في تعليم النساء العديد من المهن والحرف التي تلبي احتياجات السوق المحلية، وتأسيس مراكز في المدن والقرى سمح للنساء بتعلم مهارات الحياكة والغزل والتطريز والخياطة والقبالة، مما أدى إلى تحسين وضعهن الاقتصادي ودورهن في المجتمع.
في المجال السياسي والإعلامي وحقوق الإنسان، فتح الإصلاح الباب أمام المرأة للمشاركة الفعالة في هذه المجالات، ظهرت الكثير من القيادات النسائية الإصلاحية في الساحة السياسية وشكلن رمزًا للمنتقدين للسياسات الظالمة وسياسات الإقصاء والتهميش.
وشهدت المرأة الإصلاحية لحظات شجاعة خلال المظاهرات السلمية والاعتصامات، حيث تحملت الكثير من التحديات والضغوط للدفاع عن حقوقها وحقوق المجتمع.
لهذا السبب، حظيت المرأة الإصلاحية بالاعتراف الدولي، حيث منحت جائزة «نوبل» للسلام لأحد أعضائها، كما شاركت المرأة الإصلاحية بفعالية في الحوار الوطني وأظهرت التزامها القوي بمستقبل الوطن وحقوق المرأة، وعلى الرغم من التحديات والتأخر البسيط، يمكن للتعاون المستمر والجهود المشتركة أن تساعد في تحقيق تقدم أكبر وأدوار أقوى للمرأة اليمنية في المستقبل.
ختامًا، يمكن القول: إنه على الرغم من التحديات التي تواجهها المرأة اليمنية، فإنها أثبتت قدرتها على الصمود والنجاح، وأدت دورًا بارزًا في الأحداث المهمة التي مرت بها البلاد، مثل الثورة الشبابية ومؤتمر الحوار الوطني الشامل، وعلى طريق تمكينها لا بد من استمرار جهود الحركات الإصلاحية الإسلامية، وتعاون المجتمع مع هذه الجهود؛ لتحقيق تقدم أكبر وأدوار أقوى للمرأة اليمنية في المستقبل.
_____________
كاتبة يمنية.