استيقظ ولد الحوذيّ باكراً، هيأ العربة والجواد، أشْعَرَ الجواد ليشْرَع في رحلة العمل اليومية.
تشبثت عينا الحوذيّ فرحة بولده، لم ينجبه في سن باكرة وإنَّما بعد سنوات قضاها وزوجته في التنقل بين الأطباء، وها هو ذا قد انتظمه عمره الشبابيّ، وجسده الفتيّ.
وتحمل عنه عبء العمل مع الجواد يسوسه ويقوده.
الليلة حدثته زوجته عن عروس من بنات العائلة انتقتها لولدهما حريصة معتنية.
مساءً عندما يؤوب سيحدثه في الأمر.
ما زالت نظرات الحوذيّ تتشبث بولده فرحة مغبوطة.
بغتة.. صبَّ غلاظ الأكباد دمار حقدهم وسواده على جُرح غزَّة.
شظية ليست فاقدة الهوية صدعت رأس ولد الحوذيّ نصفين.
تغيَّـرت هوية نظرات الحوذيّ، يممَّ صامتًا صوب ولده، حمله، تابع غُسله.
بعد صلاة الظهر مضى مع المشيعين بين صرخاته المكتومة، وصرخاتهم المدوّية بالتكبير، أثواه في مرقده الأخير.
تلبث أمام القبر يسترجع بيقظة مروعة لحظة الموت والطريقة!
حثه الأهل على العودة، رفض أن يُغادر، سقط، انسلت روحه غضبى.
بعد صلاة العصر حُمل على الأعناق بين صرخاته المكتومة، وصرخات المشيعين المدوّية بالتكبير.
دفن بجوار ولده في رقدتهما الأخيرة، أتراه مدَّ يده وضمه؟
__________________________
قصة «ولد الحوذيّ» من مجموعة «تحت المساحيق».