أكد عبدالله علي المطوع، رئيس مجلس إدارة جمعية الإصلاح الاجتماعي ومجلة «المجتمع»، أن العمل الخيري والإسلامي في الكويت مفتوح للجميع، وأن من نعم الله علينا أن ليس عندنا ما نصدره سوى النفط، وهذا العمل الخيري إلى العالم أجمع.
ودعا المطوع إلى تشجيع الإنتاج المحلي، والتوقف عن المضاربات، مؤكداً أنها أهم أسباب معاناتنا الاقتصادية، وضياع الاستثمارات الإنتاجية، موضحاً أن هناك 50 ألف عائلة في داخل الكويت تحصل على مساعدات شهرية من خلال 45 لجنة زكاة منتشرة في جميع أنحاء البلاد.
جاء ذلك في حوار له مع «إذاعة الكويت» عبر برنامج «رؤى» الذي يقدمه الإذاعي محمد إبراهيم الرشيد وأذيع يوم 3 يناير الجاري ننقل فحواه على هذه الصفحات:
في البداية، سلط المطوع الأضواء على منجزات العمل الخيري الكويتي في العالم فقال: إن هذا العمل سمة من سمات الشعب الكويتي المسلم الذي -ولله الحمد- ما فتئ منذ أن فتح الله عليه بالخير يمد يد العون في الداخل والخارج إلى شعوب العالم أجمع.. فعلى مستوى الخارج تحققت منجزات كثيرة كان لها تأثير إيجابي كبير خاصة عند وقوع الغزو العراقي الغاشم على الكويت إذ لمسنا التجاوب والتعاون من الأقطار العربية والإسلامية وأقطار العالم بوقوفها إلى جانب الكويت، والحق الكويتي، وقد أرسى العمل الخيري الكويتي الدور الكبير والمؤثر في تشكيل هذه المواقف.
كذلك قام هذا العمل بإنجازات تعجز عنها دول فقد أنشأ أهل الكويت ما يقارب 7 آلاف مسجد في العالم بما يعادل مساجد الكويت بنحو 12 مرة.
أهل الكويت لهم الفضل أيضاً -بعد الله سبحانه وتعالى- في تعليم نصف مليون تلميذ حالياً في إفريقيا وآسيا وبلدان العالم.. كذلك كفل أهل الكويت خمسين ألف يتيم، كما أن «بيت الزكاة» له أياد بيضاء كثيرة في الداخل والخارج لكننا نتكلم عن منجزات الهيئات والجمعيات الخيرية التي أسهم أهل الكويت فيها.. فما يربو على مئات المدارس قد فُتحت.. وأكثر من 300 مركز إسلامي أقيمت، و10آلاف بئر حفرت وأكثر من 7 آلاف مسجد بنيت، وأقيمت 352 داراً للأيتام، و182 من المستشفيات والمصحات، وكذلك مشاريع زراعية عديدة مع ترجمة وطباعة ما يربو على مليون كتاب وكتيب من الكتب الإسلامية النافعة.
وأضاف: نحن لا نملك في الكويت إلا تصدير شيئين هما: النفط، والعمل الخيري وهذه ولله الحمد نعمة يعرفها ويعرف تأثيرها الجميع وبخاصة من يعيشون خارج الكويت.
لقد حمت هذه الأعمال الخيرية أقطاراً إسلامية كثيرة من هجمات صليبية حاقدة، ومن عمليات تنصير وتكفير تتعرض لها.. ولا حرج في الحديث عن هذه الأعمال التي قامت بها الجمعيات والهيئات والتي ما كان لها أن تقوم لولا الدعم الأهلي الشعبي الكبير والتعاون الرسمي أيضاً في هذا المجال ولله الحمد.
في الداخل
جزاكم الله خيراً عن هذه الأعمال ونسأل الله أن يجعلها في ميزان حسناتكم وجميع الإخوان والأخوات العاملين في هذا العمل الإنساني المهم، وأود أن نركز أكثر على داخل الكويت.. هل كان العمل الخيري بهذا الحجم الكبير مثلما هو خارج الكويت؟
– سؤالك هذا يطرحه كثير من الناس وقد كتبت الصحف وكتب بعض الذين يلمزون العمل الخيري، يقولون: ماذا عملتم على الساحة المحلية؟ والحقيقة لو كان الاستفسار لمجرد أخذ المعلومات لسرنا ذلك، ولكن إذا كان الاستفسار للمز، فهذا شيء مرفوض، وعموماً أعطي السامع صورة مشرقة عما تقوم به الجمعيات والهيئات الخيرية في الكويت ماعدا ما يقوم به «بيت الزكاة»، و«الأمانة العامة للموقف».. وأنا لا أتكلم هنا عن جهات رسمية، ولكن عن الجهات الشعبية التي فتحت 45 لجنة زكاة تقريباً في جميع مناطق الكويت.
وهذه اللجان تغطي 50 ألف عائلة تأخذ مساعدات شهرية ومقطوعة من هذه اللجان على مدار العام، ومن هؤلاء الكويتي وغير الكويتي المحتاج.
وباختصار، فإن العمل الخيري والإسلامي مفتوح للجميع، وكذلك مما قمنا به هنا كجمعيات وهيئات خيرية، أننا فتحنا 7 مدارس في داخل الكويت؛ طلابها يزيدون على 7 آلاف طالب وطالبة، وكلها مدارس ليست ربحية؛ مدارس «النجاة» أسسناها منذ فترة ولا تزال ولله الحمد تقوم بدور كبير.. 4 مدارس للنجاة.. مدرسة الرؤية.. مدارس بيادر السلام.. مدارس جمعية الإصلاح الاجتماعي كلها تقوم بمنهجية تربوية جيدة ودور كبير ولله الحمد.
كذلك فتحت في جميع مناطق الكويت مراكز لتحفيظ القرآن ومراكز اجتماعية وذلك لحفظ الأبناء من الضياع في أوقات فراغهم وحفظ الشباب من الانسياق خلف المخدرات والخمور، وغيرها من مظاهر الانحراف.
وفي كل منطقة من مناطق الكويت فتحت لجان لجمعيات النفع العام «الإصلاح»، «إحياء التراث»، «النجاة»، «عبد الله النوري»، «الفلاح»..
كلها فتحت مراكز كثيرة لتوجيه الشباب وتعليمه، وهناك لجنة تعنى بمكافحة المخدرات يرأسها الأخ عبدالحميد البلالي، وكذلك يرأس الأخ جاسم المطوع لجنة تقوم بمهمة كبيرة في إصلاح ذات البين والتوفيق بين العائلات المختلفة، وإنجاز مشاريع ضخمة في هذا المجال.
أيضاً لجان «الولد الصالح»، و«الصحبة الصالحة».
لجان متعددة في داخل الكويت تقوم بعمل كبير وما زلنا ندعم هذا العمل، ويدعمه أهل الخير جميعاً لإصلاح وحفظ أبنائنا وبناتنا من الضياع.
وهنالك مشروع ضخم في طور التنفيذ ندعو الله أن يراه الكويتيون في أرض الواقع قريباً ويتم بالتعاون مع الجمعيات والهيئات الخيرية وجمعية مكافحة التدخين والسرطان للدكتور العوضي وإخوانه، جزاهم الله خيراً.
وأخذت الأرض لذلك المشروع، وهو إقامة مستشفى للحالات السرطانية شبه المستعصية بحيث ينتقل المريض إلى المستشفى ليلقى فيه الرعاية الطيبة والتأهيل الشرعي والنفسي والاجتماعي مما يخفف عنه الآلام.
إن هذا غيض من فيض مما يقوم به أهل الكويت وجمعيات النفع العام.
كما أنه منذ أسبوعين تقريباً وقع عقد لإنشاء مدرسة الرؤية ثنائية اللغة لمختلف المراحل (بنين وينات)، وإن شاء الله تتطور هذه المدرسة إلى فتح كليات جامعية.
وهذه المدرسة منبثقة عن لجنة «ساعد أخاك المسلم» التابعة للهيئة الخيرية بتكلفة 2.5 مليون دينار ما عدا قيمة الأرض التي وصلت إلى 1.25 مليون دينار، وهذه حقائق على المستوى المحلي مما نعمله وقد لا يعرفها الناس، ولكن أتيحت هذه الفرصة عبر إذاعة الكويت لبيان هذه الأعمال التي ندعو الله أن تكون خالصة لوجهه سبحانه.
وما سر نجاح هذه اللجان التي تفضلتم بذكرها، ولمسنا إنجازاتها الكبيرة على أرض الواقع في داخل الكويت وخارجها؟
– العمل الخيري إذا أريد به وجه الله وتحقيق النفع للناس فلا شك في أن الله سيبارك هذه الأعمال، فهذا النجاح إذن هو من عند الله سبحانه وتعالى.
أهل الكويت مرتبطون بأرضهم الطيبة، ويربطهم فيما بينهم حب عميق، وقد عاصرتم العديد من مراحل النهضة في الكويت.. أود التركيز على بعض هذه المراحل والتحديات التي واجهتموها خلال هذه الرحلة الطويلة لتحقيق الإنجازات على أرض الواقع؟ أريد أن نأخذ عبراً من الماضي والحاضر لننطلق بها نحو المستقبل بإذن الله.
أهل الكويت -كما تفضلت- واجهوا الصعوبات والمشقات منذ أن كانت الكويت قرية صغيرة إلى أن أصبحت -ولله الحمد– قطراً واسعاً، فقد صبر أهل الكويت على شظف العيش والصعوبات الكبيرة حتى تمكنوا بعد حين من إنشاء أسطول تجاري واقتصادي قوي.
أهل الكويت واجهوا المشكلات العديدة الاقتصادية والاجتماعية بصبر وعزيمة، وكذلك في المجال السياسي اعتمدوا على وحدة الصف واليد الواحدة ضد أي قطر يعرض سلامة بلادهم للخطر.
وعلى سبيل المثال، ما حصل في الفترة الأخيرة من محاولة عبدالكريم قاسم لغزو الكويت، وتصدي أهل الكويت ووقفتهم وقفة رجل واحد مع الشرعية ضد المطالب الجائرة، وكذلك وقف أهل الكويت ضد الغزو العراقي الغاشم، ضد هذا الحاكم الظالم -صدام- الذي فعل ما فعل في الكويت -قاتله الله- فكان أهل الكويت أسرة واحدة على جميع المستويات مع الشرعية ضد هذا التحدي، وللحفاظ على الكيان.
وهنا يذكر أن أعمال الخير والبر تقي مصارع السوء.. فالله سبحانه وتعالى طرد المحتل ومكننا من بلادنا.. ونحن الآن في نعمة كبيرة، وندعو الله أن يتممها بالتمسك بديننا وعقيدتنا، والالتزام بأوامره سبحانه وتعالى.
هنالك تخوف من المستقبل، فنحن نواجه تحديات جديدة مثل انخفاض أسعار النفط والعولمة، وغيرها الكثير، برأيك كيف نستطيع مواجهة هذه التحديات؟
– هذه التحديات أمر خطير لا شك، وهناك أخطاء وقعت ولا بد من أن نتلافاها، فقد فتحنا الكويت للاستثمارات والمضاربات في الأسهم والعملات دون التفكير على المستوى الشعبي والرسمي في الاستثمار الإنتاجي وتأسيس المصانع، والطاقات الإنتاجية، لنصبح دولة مصدرة.. فلدينا الموارد الأولية والنفط ومشتقاته، ومجالات التصنيع بحيث يمكننا أن نصبح بلداً صناعياً، ولكن مع الأسف.. نتيجة فقدان السياسة بعيدة النظر بالنسبة للاستثمار فقد انصرفنا إلى المضاربات وحدث ما حدث في سوق المناخ، وغيره، واستمررنا، وها هي البورصة تعرض الناس للمصائب مع تساهل البنوك الربوية في منح القروض للناس.
وقد سبق أن تحملت الدولة ديون تلك البنوك مما جعلها عبئاً على مدخرات الشعب الكويتي.
الاستثمار الإنتاجي
لقد جعل التخبط الربوي الناس ينساقون وراء الاستثمار في المضاربات دون الاستثمارات الإنتاجية، وذلك بعد الحصول على القروض الربوية.. وهذا خطأ كبير إذ يفترض في الدولة أن تخطط للاستثمار الإنتاجي، وأن يكون لكل وزارة معينة مستشارون مخلصون ذوو خبرة ورأي يقفون للوزير موقف الرجل الناصح لا الموظف التابع.
نلاحظ الهدر أيضاً في ميزانية الوزارات كما نلاحظ في نهاية كل سنة أن بعض الوزارات يكون لديها فائض في ميزانيتها فتنفقه في المشتريات الزائدة عن الحاجة، وافتعال المشاريع السريعة التي لا لزوم لها، وأمور أخرى غير مدروسة وذلك كله من أسباب المعاناة.
ولو فكرنا في الإنتاج والصناعة المحلية وشجعت الدولة ذلك التوجه، وأعددنا العدة لنبني مشاريع صناعية مدروسة لكان هذا أفضل فعندنا مجموعة كبيرة من الموظفين لا تعادل إنتاجية الموظف الواحد 20 دقيقة عمل في الدوائر والوزارات، ونحن نخرج المهندس والفني ثم نعطي الواحد منهما مكتباً فخماً دون أن نطالبه بالخروج لميادين ومواقع العمل والإنتاج!
لا بد من اتخاذ خطوات إيجابية في هذا الصدد، وتخليص الدوائر والوزارات من الموظفين الزائدين، وفتح آفاق جديدة للعمل الإنتاجي أمامهم، والوقت ما زال فيه متسع لتحقيق ذلك.
دولة الكويت وربما منذ نشأتها كانت مركزاً تجارياً مهماً لكل المنطقة، فكيف نعيد لدولة الكويت هذا الدور، ونجعلها بلداً تجارياً يغذي المنطقة كلها بالسلع ومختلف الخدمات؟
– هذا سؤال وجيه، ولا شك في أن الكويت كانت بلداً تجارياً يغذي المنطقة؛ إذ كانت البضائع تُستورد للكويت ويعاد تصديرها للدول المجاورة، وكانت الكويت تمتلك السفن التجارية منذ مئات السنين، وفي فترة الحرب العالمية الثانية كان لها دور كبير في استيراد البضائع وإعادة تصديرها، وفي الحقيقة فقد خسرت الكويت هذا الدور، والمركز التجاري المرموق، لأن السياسة الاقتصادية التي يطمح إليها الجميع ليست موجودة، السياسة الاقتصادية الدقيقة التي تجعل من الكويت مركز انطلاق غير موجودة، أصبحنا نركز الاهتمام على الاستثمارات والمضاربات السريعة في الأسهم والعملات التي تجلب الخطر لا محالة.. وهذه الأشياء عانينا منها الشيء الكثير، كما أغرقت البنوك الناس بالديون الربوية، ولو أن البنوك قامت بالمشاركة في المشاريع الإنتاجية كالمصانع المتعددة لكان ذلك إسهاماً أفضل في الاقتصاد، ولو فكرنا في الإنتاج والصناعة المحلية، وشجعت الدولة هذا التوجه واستفادت من الخبرات الموجودة لكان ذلك أسلم، بدلاً من أن تضع شباباً على كراسي وطاولات الإدارة دونما إنتاج صناعات محلية، كما يجب أن ننسق مع الأقطار المجاورة، ونتكامل معها صناعياً، للانطلاق نحو الاقتصاد والأسواق العالمية.
في ختام هذه الحلقة، أود أن تتقدم بكلمة ونحن نعيش هذه الأيام المباركة لأبنائك وإخوانك المستمعين والمستمعات.
– أتوجه بالشكر لـ«إذاعة الكويت» لإتاحة الفرصة لي للحديث، وأدعو الله سبحانه وتعالى في هذه الأيام الطيبة أن يأخذ بأيدينا إلى ما يحبه ويرضاه، ودعوتي لإخواني وأخواتي وأهل بلدي جميعاً، هي في التمسك بالكتاب والسُّنَّة، والمحافظة على الدين والقيم الإسلامية، فنحن نواجه حرباً ضروساً من أطراف متعددة تستهدف الدين، والعقيدة، والأخلاق، والقيم.. فماذا أعددنا لها؟
يجب التمسك بالكتاب والسُنَّة، والمحافظة على الدين والأخلاق، كما يجب على الدولة أيضاً أن تعمل لإيجاد جيل مؤمن محافظ على حبه لوطنه متمسك بدينه، كما أدعو إخواني جميعاً إلى الرجعة الصادقة إلى الله، ونرجوه سبحانه أن يبارك في الجميع(1).
_____________________
(1) نشر هذا الحوار في العدد (1335)، 9 شوال 1419هـ/ 26 يناير 1999م.