أسباب انصراف الشباب الكويتي عن الزواج من كويتيات..
المخدرات والخمر والمجتمعات والسينما وأجهزة الإعلام تقوم بدور فعال في تحطيم شبابنا..
الشباب بين التجارة والكسب السريع وبين الدراسة والتحصيل..
بخصوص المشكلات التي تعاني منها الأسرة والشباب الكويتي..
مقدمة
الأسرة أساس المجتمع، وقد جاء دستور دولة الكويت مجسدًا لهذا المعنى فنص على أن «الأسرة أساس المجتمع قوامها الدين والأخلاق وحب الوطن، يحفظ القانون كيانها ويقوي أواصرها ويحمي في ظلها الأمومة والطفولة»، وإذا كانت الأسرة هي الأساس في المجتمع فإن صلاحها واستقامة أمرها يعتبران صلاحًا واستقامة للمجتمع جميعًا.
وانطلاقًا من هذا المبدأ فإن الرعاية الصحية والاجتماعية ترتكزان أساسًا على الأسرة تقويها وتدعمها وتوفر لأفرادها أسباب الصحة والوقاية من الأمراض والعِلل.
وتعمل على أن يسود بين أفرادها علاقات سليمة وأن يتماسكوا أو يتعاونوا ويتراحموا وبذلك تتهيأ البيئة الصالحة لتنشئة جيل جديد من أعضائها أصحاء العقول والنفوس والأجساد، وهذه الروابط بين الأفراد تحفظ تراث الآباء والأجداد، وتبقي على العادات والتقاليد الطيبـة للسلف الصالح، وتحمي القيم الخيّرة للمجتمع من العادات والتقاليد الدخيلة بحيث يرتبط تراث الماضي باحتياجـات ومتطلبات الحاضر المتطور، وتقي المجتمع من مضار العصر والمدنية الزائفة مع الأخذ بكل مفيد أتى به هذا العصر من علم وخبرة لتطوير المجتمع والنهوض به للمستوى اللائق به بين الأمم وذلك بفضل التمسك بدينه الحنيف.
والشباب هم عدة الأمة ومناط أملها لأنهم أساس ثروتها البشرية، وهم الذين يعيش بهم ولهم المجتمع ولذلك تهتم الأمم بشبابها وتوفّر لهم الرعاية والحماية وتمهد أمامهم فرص العلم والعمل.
ومرحلة الشباب هي مرحلة الانتقال من سن الطفولة إلى سن الرجولة ولذلك فإنه لا يُمكن فصل مشاكل الشباب من مشاكل الطفولة ومشاكل الرجولة، كما أن جميع العوامل الصحية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية التي تؤثر على البيئة لا بد وأن تؤثر على الشباب وطرق معيشته.
وقد تمر ظروف بالشباب فتحيد بهم عن جادة الصواب وهذه الظروف قد تكون ظروفًا بيئية تعود إلى البيئة والمجتمع الذي يُحيط بهم أو قد تكون ظروفًا شخصية ذاتية تكمن فى تكوين الشباب أو في التربية التي تلقاها وجعلت له شخصية وكيانًا إنسانيًا متفاعلًا.
ولقد لوحظت بعض المظاهر الجديدة في تصرفات الشباب التي لا تنسجم مع التطور الذي وصلت إليه البلاد:
1- فبعضهم لا يؤمن بقيمة العلم إذا قورنت بقيمة المال لذلك فقد أقدموا على إنهاء دراستهم والبحث عن مورد للرزق في الوقت الحاضر غير مقدرين ما ينتظرهم من مستقبل إذا ما تسلحوا بسلاح العلم والمعرفة.
2- والبعض الآخر أفسده المال والتدليل فأصبح قليل الاهتمام بتحمل مسئوليات العمل الذي يعهد إليه، وضعفت سيطرة إرادته على بعض تصرفاته فانصرف إلى مخالطة أقران السوء واقترف ما تعلمه منهم من مساوئ، وشجعه على ذلك شبابه وفراغه والمال الذي يسيل بين يديه ولأنه لا يجد من أسرته رقابة وإشرافًا وتوجيهًا ولأنه ضائع لا يجد من يوجهه ويقوده خارج أسرته خاصة أثناء مرحلة المراهقة حينما تتنازعه الاتجاهات والعواطف وتختلط عليه المثل والمبادئ.
3- والبعض الآخر متردد قليل الثقة بنفسه وإمكانياته الحضارية لا يرى الخير إلا في الجديد الغربي المستورد من العادات والتقاليد والعلاقات، لأنه لا يعلم عن حضارته الإسلامية إلا القشور.
وبنظرة فاحصة إلى الشبـاب ومشاكله في الكويت في الماضي والحاضر يمكننا القول بأنه لم تكن هناك مشاكل بالنسـبة للشباب في الكويت بحجمهـا الحالي قبل بضع سنوات.
فالطفل كان في السابق ينال قسطًا قليلًا من الدراسـة والتعليم يخرج بعدها للحياة لمساعدة والده في كسب العيش للعائلة، ولذلك فإنه بهذا قفـز من مرحلة الطفولة إلى مرحلة الرجولة دون أن يجد الوقت الكافي لأن يحيا حياة الشباب، وبالتالي يكون مُعرضًا لمشاكله؛ فالعمل المبكر والزواج المبكـر والمسئولية المبكرة تلهيه عن جميع هذه المشاكل كما أن العائـلة كانت مجتمعة تحت سقف واحد فالوالدان والأولاد يعيشون ويتزوجون جيلًا بعد جيل وهم جميعًا في بيت واحد وتحـت مسئولية واحدة مما جعل المسئولية أخف عبئًا، وبتغير الأحوال في الكويت ودخول الحضارة والعمران أصبحت هناك عوامل كثيرة تبرز للشباب وتُسبب لهم مشاكل عديدة.
المشكلات التي تعاني منها الأسرة والشباب الكويتي:
أولًا: تعاطي الخمر والمخدرات والإدمان عليها:
إن عوامل البيئة والمجتمع هي التي تُحدد للفرد كيف يعيش، ولذلك يمكن القول بأن الأسرة والمجتمع والبيئة هي التي تساعد أفراد الأسرة وخاصة الشباب على الإقبال على تعاطي الخمر والمخدرات بطريقة غير مباشرة.
وهذه الظاهرة خطيرة وتشكل مشكلة صحية واجتماعية وتتطلب تضافر الجهود للقضاء عليها.
ثانيًا: الاضطرابات النفسيـة:
إن الحالات النفسية التي يُعاني منها الشباب إما أن تكون بسبب مرض عضوي في الجهاز العصبي أو لسوء التغذية، ولكن غالبية هذه الحالات تنتج عن الحالة الاجتماعية التي يعيشها الشاب في أسرته وبيئته وهي ترجع بالدرجة الأولى إلى التكوين العائلي والمشاكل الاجتماعية.
ثالثًا: الانحراف والمغريات التي تساعد عليه:
إن الشاب في سن المراهقة يحتاج إلى رعاية خاصة لوقايته من أخطار الانزلاق في الانحرافات الجنسية، ويقع عبء هذه الرعاية بالدرجـة الأولى على البيت والمدرسة لتوجيههم التوجيه السليم وحثهم على تمسكهم بآداب دينهـم الحنيف حتى يشبوا على الفضيلة ومكارم الأخلاق ويكونوا بمنأى عن الانزلاق في الانحرافات الجنسية.
وهناك كثير من الإغراءات التي تساعد على انحراف الشاب منها:
أ- بعض برامج الإذاعة والتليفزيون وبعض الصحف الأجنبية والمحلية بما يُذاع وينشر من مناظر وصـــور ومواضيع تُغري الكثير من الشباب إلى الانحراف.
ب- مدن الملاهي وما يجري فيها من لعب القمار وعرض الأجساد بصورة مغرية مثيرة.
جـ- نصب الخيام خارج مدينة الكويت وما تجري فيها من لعب القمار والأعمال الممنوعة.
د- ما يجري في الفنادق وخصوصًا الكبيرة منها، وكذلك بعض الأندية من رقص خليع وشبه تعرٍ ووجود حمامات سباحة مكشوفة بالإضافة إلى لعب القمار والتساهل في تناول الخمور.
هـ- محلات التجميل للسيدات أو ما يُسمى بـ «الكوافير» وما يتم في بعضها أو عن طريقها من أعمال منافية للدين والأخلاق والقانون.
و- ملابس النساء التي لا تتسم بالذوق السليم ولا تنسجم وأخلاقنا وقيمنا فضلًا عن تعارضه وتعاليم ديننا الحنيف مما تغري الشباب إلى ملاحقتهن ومعاكستهن.
ز- السينما وبعض الأفلام التي تعرض فيها وهي تشمل كثيرًا من المناظر الجنسية المثيرة فضلًا عن الموضوعات التي تتنافى وخلقنا الديني أو القومي، وكذا الأفلام الجنسية التي تدخل البلاد وتقدم في عروض خاصة في بعض البيوت.
رابعًا: البطالة:
وهذه ظاهرة جديدة في مجتمعنا وعلاج هذه المشكلة يجب أن يكون من ناحيتين:
أ- تأمين العمل المناسب للشباب كل حسب استعداده وثقافته مع الأخذ بمبدأ تكافؤ الفرص.
ب- نوع العمل مهم بالنسبة للفرد من حيث القناعة والاهتمام، ويشترط أن يكون العمل حافزًا للتقدم لا مجرد كسب للمال لصرفه على الأهواء والملذات.
خامسًا: التدخين:
إن لجــوء الشباب إلى التدخين يرجع إلى تقليد غيره وإلى الفراغ وما يعانونه من حالة نفسية نتيجة للمشاكل العائلية والاجتماعية، والتدخين له مضاره الصحية ويسبب الأمراض، وقد تبيَّن مؤخرًا أنه يؤدي إلى الإصابة بمرض سرطان الرئة، ويجب توجيه اهتمام البيت والأسرة إلى هذه الظاهرة.
سادسًا: الفراغ:
يعاني الشباب من مشكلة الفراغ وهي التي تؤدي بهم إلى مختلف الانحرافات ويجب العمل على شغل أوقات فراغهم بما يعود عليهم بالنفع ويجنبهم الانزلاق في الموبقات.
سابعًا: انصراف بعض الشباب الكويتيين عن الزواج بالكويتيات:
وترجع هذه الظاهرة إلى الأسباب الآتية:
أ- ارتفاع المهور وهو المشكلة المستعصية.
ب- اختلاف المستـوى الثقافي والنضوح العاطفي بين الزوجين.
جـ- إغراء المجتمعات الأخرى.
د- عدم الإحساس بالمسؤولية أو عدم الرغبة في تحملها.
وغالبًا ما ينطوي تزوج الكويتي من غير الكويتية على سوء اختيار مبني على الغريزة والعاطفة المؤقتة أكثر من العقل، والملاحظ أن ثمرة هذا الزواج من الأطفال يكونون في غالب الأمر موزعي العواطف والولاء بين مجتمع والدهم ومجتمع والدتهم فيشبون غير متكاملي الشخصية متناقضي التصرفات والأفعال وفي هذا خطر على المجتمع.
كما أن اختلاف العادات والتقاليد والقيم بين الزوجين نتيجة لنشأة وتربية كل منهما كفيل بأن يحرم الأسرة من الاستقرار المبني على التفاهم العميق الذي يرتكز أساسًا على المفاهيم والقيم المشتركة.
وفي العدد القادم سوف نضع بين يدي القارئ حلولًا مقترحة لمشاكل الشباب(1).
_______________________
(1) منشور في العدد (20)، 25 جمادى الأولى 1390هـ/ 28 يوليو 1970م.