وتقدم الصورة التالية أعماق صفية بعد أن خيّرها الرسول- صلى الله عليه وسلم- بين الإسلام والبقاء على دينها:
” آه لقد تقلبت في فراش النعم والأبهة، ودرجت بين آباء ملوك.. حولي الخدم والحشم، وتحت أقدامي الذهب.. أأمر فأطاع، ولم أستشعر السعادة والرضا إلا عندما رأيتك يا نور القلوب وربيعها.. آه.. أحببتك وأنت وحدك في مكة تدعو إلى الله، وتحمل العناء والعذاب، وترفض المساومات، وأحببتك وأنت تهاجر واثقا بنصر الله. وأحببتك وأنت تخوض المعارك القاسية؛ يا أشرف محارب، وأنت تقاوم الجموع وعلى رأسهم أبي وتحطم كبرياء المغرورين والموتورين وتخرج من كل ملحمة قوي البأس مشرق الوجه، تنفض عن جبينك الطاهر التراب والدم الغالي.. تكبر للصلاة.. أنت لم تقتل بني قريظة.. هم قتلوا أنفسهم… قتلهم أبي، أنت لم تقتل اليهود، بل قضيت على رذائل الإنسانية، ودمرت الحقد والدس والمكيدة، فالثعابين لا تترك البشر ينعمون إذا ما انطلقت من جحورها، يا واهب الأفراح لقلبي التعس، ومشعل فكري بنور الحقيقة، يا نبع الحب والنظام والأمل، يا فجر حياتنا الجديدة….” (نجيب الكيلاني، على أبواب خيبر، ص141)
كائن حيّ
إنها شخصية حية مكتملة التصوير الفنّي، في سياق الواقع التاريخي الذي تعيشه، وهي تحقق صورة الشخصية في الرواية التقليدية التي تبدو كائنا حيا له وجود فيزيقي فتوصف ملامحها وقامتها وصوتها وملابسها وسحنتها وسنها وأهواؤها وهواجسها وآمالها، وآلامها، وسعادتها وشقاوتها، لأنها تلعب دورا كبيرا في العمل الروائي التقليدي، مثل شخصيات بلزاك، زولا، محفوظ… (عبد الملك مرتاض، في نظرية الرواية، ص 86).
وإذا كانت صفية حاضرة في رواية “نور الله” بحكم تطور حركة الدعوة والصراع مع اليهود حضورا عاما يحمل ملامحها الأساسية؛ فسوف نجد لها حضورا خاصا تفصيليا يبسط الملامح والصفات والمميزات والأعماق والتصورات والأخلاق في رواية “على أبواب خيبر”، حيث كان زوجها زعيما ليهود خيبر وقائدا لهم حتى قتل فيما بعد مع هزيمة قومه، فقد كانت خيبر مستهدفة بالفتح نتيجة مباشرة للغدر اليهودي الذي أسفر عن وجهه.
زينب بنت الحارث
في المقابل نري زينب بنت الحارث زوج سلام بن مشكم تمثل الصورة العكسية من صفية بنت حيي بن أخطب فهي مليئة بالحقد والغل والأنانية والتعصب، وتقوم بالتحريض السافر على المسلمين وتقتحم مجالس الرجال اليهود وتثير فيهم نزعة العدوان والوحشية ضد محمد– صلى الله عليه وسلم– ومع أنها تتطابق مع زوجها سلام بن مشكم في الصفات المعادية للإسلام والناس جميعا انطلاقا من نزعة اليهود العنصرية بوصفهم شعب الله المختار كما يزعمون؛ فإنها كانت تفكر كيف تهزم المسلمين دون قتال، وتعبر عن أحلامها في سبْي أمهات المؤمنين وجعْل عائشة جارية تخدمها وتدلك أقدامها وتمارس الإذلال معها ومع غيرها من نساء المسلمين كما لم يحدث من قبل. ويشاء الله أن تساق هي مع سبايا خيبر إلى يثرب ولا تتحقق أمنيتها الشريرة بسبْي أمهات المؤمنين.
المتعة الحرام
زينب بنت الحارث لا تقنع بزوجها سلام بن مشكم، بل تستقطب في إطار خططها لإيذاء النبي- صلى الله عليه وسلم- عبدا يملكه زوجها اسمه “فهد” تعده ليقوم بمهمة اغتيال النبيّ، ومن أجل ذلك تمنحه نفسها فهي تشتهيه وترى فيه الرجل الذي يمنحها ما قصر فيه زوجها وتقضي معه ليالي من المتعة الحرام. وقد تهامست الجواري بما تفعله امرأة الزعيم مما سبب صدعا في تفكيرها. ويخذلها العبد بعد هزيمة خيبر، ويعلن إسلامه فتنهار ويستولي عليها اليأس.
وتصور الرواية أعماق شخصية زينب تصويرا قويا بعد أن سقطت في قاع البؤس والذل كاشفا عن وحشية الحقد اليهودي والرغبة في الانتقام من الأبرياء الذين لم يسيئوا إليها، كما توضح نظرتها العنصرية إلى الآخرين وحرصها على تحقيق مصلحتها بالنفاق والخداع ولو جعلت من خدها وطاء لمن تحتقره وتزدريه، ثم إنها في حالة اليأس تقدم نموذجا إنسانيا هشا لا يصمد للمقاومة، بل يبحث عن الموت ليتجاوز المتاعب والمصاعب :
إحدى السبايا
“ويحي. ويحي. جلل العار حياتي، والذل يهوّم على رأسي، وفي عيني، وأنا بالأمس زينب بنت الحارث، زوجة سلام بن مشكم، لكني الآن إحدى السبايا.. حلمت بأن تركع عائشة تحت قدمي، ويأتي السبايا من نساء الرسول يدلكن بالطيب ويمشطن شعري، ويحركن المراوح أمام وجهي ويتلقين من ورائي فتات الموائد.. كيف انعكست الآية؟؟ زينب بنت الحارث ستذهب إلى بيت محمد لتخدم نساءه. تمرغ شرفها العريق في الذل والوحل!! وا مصيبتاه!! والخسيس بن الخسيسة “فهد” ما إن وهبته الحرية، ومنحته قلبي وجسدي حتى تمرد واندفع في نذاله ليعلن إسلامه، وينخرط في سلك المسلمين.. وا كرباه!! تشبثتُ بأذيال القذر.. ذرفتُ الدموع.. قلت له أعطيتك الحرية لتكون لي وحدي لتخفف من أسى الزمان وغدره.. فلنهرب.. ولنعش بعيدا عن العيون. سأجعل من خدي لك وطاء.. وأنت العبد الحقير.. لكنه زمجر قائلا: لن أبيع آخرتي بدنياي سوف أركض إلى الله. فلتركض يا ابن اللئيمة حتى تكسر رجلك، ويدمي الشوك قدميك.. اليأس يطوق عنقي، ويغلل فكري، ويحرقني بسياط الندم.. ما قيمة الحياة بعد ذلك؟؟……” (على أبواب خيبر، ص 129)
شاة مسمومة
بعد انتصار المسلمين ومقتل زوجها تنفذ خطتها الأخيرة فتعلن إسلامها نفاقا وتضليلا، وتدعو الرسول– صلى الله عليه وسلم- والصحابة لوليمة بمناسبة دخولها في الإسلام وتقدم شاة مسمومة يموت أحد الصحابة (بشر بن البراء) إثر تناول قطعة منها، وتعترف بجريمتها، فتقتل قصاصا جزاء وفاقا على ما اقترفته يداها.
زوجة عبد الله بن أبي
تبدو هنا امرأة يهودية أخرى موازية إلى حدّ ما لشخصية صفية بنت حيي بن أخطب، فهي تصدر عن فطرة إنسانية نقية لا تؤثر فيها الأحقاد اليهودية وخططها الشريرة. إنها زوج عبد الله بن أبي رأس المنافقين اليهود. حين يصرح لزوجته بحقده على المسلمين الذين انتصروا في بدر، وعيشه في قهر وعجز لأن محمدا اغتصب مقعده في الزعامة والرئاسة؛ تجيبه بأن محمدا لم يحارب أحدا، وأن ابن أبي لو سلك طريقا سويا منذ البداية ربما كان الآن واحدا من المقربين إليه. ولكنه ليس بالمؤمن ولا بالكافر، فلو كان على دينه القديم لكان زعيما لخصوم محمد، ولو اندفع إلى الإسلام دون تردد أو وهن لصار كبيرا من كبراء المسلمين. ومع ذلك فما زال محمد يعامله برفق ويغضي عن تصرفاته الخطرة، وعقابه لبني قينقاع أرحم مما يفعله العرب بأعدائهم المنهزمين.
الإيمان والكفر
الزوجة اليهودية هنا تمثل صوت المنطق والعقل، وهي صوت الحقيقة التي يتجاهلها زوجها اليهودي المنافق، وتختصر القضية أمامه بأنها الإيمان والكفر (نور الله ج1، ص 92-93).
إن الزوجة اليهودية تكشف نفاق زوجها وتدحض مزاعمه. وترى أنه يسير في طريق وعر سيؤدي به إلى حرق أنامله وآماله، لأن ما يفعله حسدٌ لمحمد ويتناقض مع إسلامه.
كما ترى أن مصرع كعب بن الأشرف عدل يستحقه لأنه جاهر بالعدوان ضد المسلمين، وشبّب بنسائهم وفضح سترهم وهجا نبيهم وآذاهم بلسانه دون مسوغ، وهو ما جعل زوجها رأس المنافقين يرى أن محمدا أتلف العبيد والنساء والرعاع، وابنه يعاديه، وزوجه تعارضه وتحنق عليه “لقد أصيب الناس بلوثة” (نور الله ج1، ص107)
ثم إنها تكشف نفاقه الرخيص وحقده العميق على الإسلام والمسلمين حينما بدت عليه ملامح السرور والفرح وجيش قريش والقبائل يقترب من المدينة في غزوة الأحزاب لسحق الدعوة الإسلامية، في الوقت الذي يحاول فيه إقناع زوجته أنه سيدافع عن المدينة مع اليهود وفاء لعهد وميثاق وقعوه مع المسلمين.
زوجة رأس المنافقين تمثل صوت العقل والمنطق الذي يهدره الحقد والهوى، مما يؤكد على أن اليهود ليسوا سواء. ولأن الزوجة تمثل الجانب الذي يفتقده زوجها رأس المنافقين، فقد جاءت مسطحة لا نعرف عنها غير وظيفتها (زوجة وأما) دون أن نتعرف على أعماقها أو ملامحها السلوكية أو الخلقية أو غير ذلك من تفاصيل الشخصيات الحية النامية.
اليهودية اللعوب
هي شخصية موضوعة فيما أظن ولها نظائر موجودة في الواقع التاريخي والواقع المعاصر. اليهودية اللعوب لا اسم لها في رواية الواقعية التاريخية، ويكتفي المؤلف بتسميتها بصفتها هذه” اليهودية اللعوب”، وهو اسم له دلالة، وله أبعاد. تشير مهمتها إلى التخطيط اليهودي في استخدام سلاح المرأة للإيقاع بالضحايا والعناصر التي تستعصي على الوسائل الأخرى. والجنس سلاح ناجع بأيدي اليهود في أحوال كثيرة إلا على المؤمنين إيمانا حقيقيا، إلى جانب المال الذي يسيل لعاب الضعفاء ومحبي الدنيا وعرضها الزائل.
واللعوب يهودية مستعدة لفعل أيّ شيء من أجل اليهود: إغواء، تجسس، معرفة الأخبار، نقل الأسرار، التحرك بين اليهود لنشر توجيهات الزعماء والقادة اليهود، لها أيضا عقل ناقد يتوجه إلى اليهود باللوم والانتقاد والسخرية حين يهزمون ويفشلون، وقد حاولت في البداية الإيقاع بعمر بن الخطاب وإغرائه وهو مسلم؛ كما كانت تفعل في الجاهلية، ولكنها وجدت منه صدا وموقفا حازما، وينجو عمر من مؤامرة اغتياله في بيتها، ما أكثر ما تتزيّا الشياطين في زي امرأة…(قصة المؤامرة كاملة في: نور الله ج1، على صفحات 57-61).
وشاية اليهودية
واللعوب لها كلمة مسموعة في قومها، ويلجأ إليها كبار الزعماء اليهود للاستشارة، كما فعل كعب بن الأشرف، الذي يكشف عدم قدرة اليهود في اجتماعهم السري على إشعال الحرب بعد سطوع نجم محمد، وأنه سيفكر وحده، من أجل قومه، ويرى في اليهودية زادا وطعاما شهيا ولكنها توقظه في الصباح وتخبره أن محمدا قد انتصر في بدر، وفرّ من بقي من قريش يطلبون النجاة (السابق، ص 68-69)
ومن بيت المرأة اليهودية يخرج كعب ابن الأشرف ليؤلب قريشا والقبائل لغزو المدينة منددا بحيي بن أخطب ذلك المأفون الذي أبى أن ينقض على المدينة في غفلة من أهلها وفي غيبة الرسول.. (السابق أيضا، ص71).
وتخبر اليهودية اللعوب عمر بما يعتزمه كعب بن الأشرف، ونيته في التحلل من عهد اليهود مع محمد ومجاهرة المسلمين بالعداء، ويستغرب عمر وشاية اليهودية بكعب وهو يهودي مثلها، ولكنها تدعي أن اليهود ينكرون تصرفه وأنهم قرروا عدم إيوائه والتنصل من تبعيته لهم، ويبتسم عمر: “تتكلمين كأنك سفيرة لليهود أو كأنك رأس كبيرة من رءوسهم المفكرة“.
وفي حوار عمر مع اليهودية يذكرها بدورها الخبيث الذي تقوم به معه من خلال مقارنة دور “العاشقة” الذي كانت تقوم به بالأمس، ودور “السفيرة” الذي تقوم به اليوم. ما أوسع الفرق بين الحالين! ولم يخف على عمر أن اليهودية أرادت أن تعتصم بالدهاء وتحمي بني قومها إذا ما ظهرت خيانات كعب بن الأشرف وأمثاله. ويستعيد عمر ما فعله فرعون وما كان يملكه من قوة وبطش وملك وجنود وسحرة حيث لم يستطع أن يقف في وجه الطوفان، وغرق فرعون وصارت كلمة الله هي العليا.
ذكاء عمر
لقد عادت اليهودية لتقول لقومها إنها نفذت كل شيء بدقة، وإن عمر أدرك هدفها وأن المسلمين يتمتعون بطاقة هائلة من الذكاء والإلهام. وإنه لم يكترث كثيرا بما يخطط له كعب بن الأشرف (نور الله ج1، ص77- 78).
بعد سماعها لخطط اليهود التي تعبر عن أحقادهم تجهش بالبكاء وتنتحب وتقول لهم: ” لقد مللت هذه الأدوار المقيتة.. لقد تعبت أعصابي.. كل يوم أتشكل بشكل جديد. أتعرفون الملل، لقد تعبت، أريد أن آوي إلى بيتي، وأنام هادئة سعيدة. دعوني.. فقد سئمت كل شيء” (السابق، ص79)، كأن الفطرة الإنسانية ترفض سلوك اليهود التآمري الحقود الذي لا يهدأ، وسنلاحظ أن المرأة اليهودية بشكل عام ترفض سلوكهم بصورة ما، وتجنح إلى المسالمة، ولكنها في عصرنا تقود عصابات القتل والتدمير!
تسوية الفراش
وسوف نجد لهذه اليهودية اللعوب أدوارا أخرى، حيث ترى أن بني قينقاع يجب أن ينزلوا على حكم محمد بعد اكتشاف غدرهم وعدوانهم، وعدم نجدتهم من قبل حيي بن أخطب وبني قريظة، وإلا كان الفناء نصيبهم.
كما تصف اليهود بالأغبياء وهم يتآمرون لقتل محمد وفقا لاقتراح عمرو بن جحاش، ويتهمها عبد الله بن أبيّ بالفشل في استدراج عمر بن الخطاب لشباكها، وأنها لا تحسن غير تسوية الفراش، والمشاركة في السمر ومقارعة الكئوس (السابق أيضا، ص 149) ويقرر اليهود بعد فشلها حبسها في منزل مهجور في أطراف بيوت بني النضير بعد تقييدها وإقامة حراسة عليها، فتسبّ اليهود وتكشف عيوبهم وأحقادهم وغباءهم وتؤكد لهم أن المسلمين نمط آخر من الناس. وعقب انكشاف مؤامرة بني النضير لقتل محمد وحصاره لهم يطلقون سراحها، فتمسك بخناق عمرو بن جحاش وتتهم اليهود بالغباء والسير نحو حتفهم، وتخبرهم أنهم يكررون قصة بني قينقاع من جديد، “الطريق الأسود المليء بالأشواك والرعب والظمأ والجوع والضياع.. ما أتعسنا وأشقانا!!” (نور الله ج1، ص 159)
وتظهر اليهودية مرة أخرى بعد غدر بني قريظة بالمسلمين وتمزيق المعاهدة في ظل غزوة الأحزاب وتجمّع القبائل لسحق المدينة والقضاء على الدعوة، فتخاطب اليهود باكية كاشفة عن إدمانهم للغدر والخيانة: “جربوا الوفاء مرّة.. مرة واحدة”. (السابق، ص 198).
المصير البائس
ثم إنها تواجه زعيم اليهود حيي بن أخطب بما لم يستطع أحد أن يواجهه به، فتتهمه بالمسئولية عن دماء اليهود وحريتهم: ” يا حيي بن أخطب.. إن دم الرجال في عنقك. يا حيي بن أخطب إن سبي النساء والذراري في عنقك.. يا حيي بن أخطب أنت المسئول عن رحلة الضياع والشقاء الطويلة..” (السابق أيضا، ص 200)
ومع ذلك فإنه يلجأ إليها بعد هزيمة الأحزاب ويسألها الرأي والعون والمساعدة، ولكنها- وهي تنتظر مصيرها البائس- تخبره ألا جدوى من فعل أي شيء فهي تنتظر الموت وتقتات الحزن وتذرف الدموع. وترى أنه لا بد أن يدفع الغادرون الثمن ويعاقب الخونة بالعدل:
” أجل يا حيي بن أخطب.. ماذا تنتظر من رجل أردت أن تقتله؟؟ وبأي وجه يقابلك المسلمون وقد غدرت بهم في أحرج الأوقات، ورسمت الخطط الرهيبة للقضاء عليهم وإفنائهم؟؟ ألا تعتقد يا حيي بن أخطب أن الجزاء من جنس العمل.. وأن في القصاص حياة ؟؟” (نور الله ج1، ص 250)
وفي لحظة القصاص منه تقول له:
“أنت صانع المأساة أيها الملعون … “. “لقد حذرتك يا حيي بن أخطب.. يا فاتح طريق المتاهات والعذاب والضياع.. عليك اللعنة”. (السابق، ص 278)
ينتهي المطاف أخيرا باليهودية إلى التفكير في أمر الدعوة بعد تلك الرحلة المليئة بالدم والدموع والضياع في ديار بني قينقاع والنضير وقريظة إلى النطق بالشهادتين وإعلان الإسلام، وترسو على ميناء الأمن والسكينة والاطمئنان الروحي والإنساني. (السابق أيضا، ص 297ومابعدها).
المجنونة العاقلة
تظهر المرأة اليهودية اللعوب في رواية “على أبواب خيبر” مرة أخرى ولكن بشكل محدود مختلف قليلا عن رواية نور الله، ولكنها في كل الأحوال ” تلك المجنونة.. العاقلة.. اليهودية، تلك التي حذرتنا يوم بني قينقاع.. ونصحتنا قبل أن تحدث مأساة بني النضير.. والتي كادت تجن وهي ترانا نرتكب الخطأ الثالث في بني قريظة. لقد حقرنا من شأنها، وسفهنا آراءها، ورميناها بالجنون والعته.. إن لهذه المرأة كلمات واضحة صريحة وأحيانًا لها تأثير نفسي طيب..” (على أبواب خيبر، ص 18).