لم أكن أعرف معنى مصطلح “بوز البطة” الذي يستخدمه الشباب، سألت فقيل لي: عند التصوير سيلفي يمطّ المصور “بوزه” فيبدو شبيها بـ”بوز البطة”؛ أي منقارها، سألت: ما السيلفي؟ قيل لي: إنه نوع من التصوير الذاتي يقوم به الشخص لنفسه، ويهتم به عادة العوالم والغوازي أو من يسمونهم الفنانات والفنانين لإبراز الجمال أو الوسامة التي تسلب قلوب جمهورهم المسطح الخاوي!
عرفت أنني متخلف عن الأجيال الجديدة الذين يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي (الفيسبوك، والتويتر، والأنستجرام، والواتس أب.. وما يستجد)، وبيني وبينها ودّ مفقود، فقد عرفت أنها تضيّع الوقت، وأنا حريص على استثمار وقتي في القراءة والاطلاع.
سبب سؤالي أنني قرأت أن وزيرة انقلابية كانت تصوِّر الشهر الماضي (سبتمبر 2015م) قائد الانقلاب في رحلة الأمم المتحدة “سيلفي” بطريقة “بوز البطة”!
في الوقت ذاته كان أهالي فيصل والمريوطية ومدن وقرى أخرى على امتداد الوطن يعانون من انقطاع المياه المستمر، بعضهم كانوا يشكون من عدم وجود ماء لتغسيل الموتى قبل دفنهم، والوزيرة الطروب تمارس “السيلفي” بطريقة “بوز البطة”!
قائد الانقلاب يزعم أن مشكلة الإخوان المسلمين مع الشعب وليست مع الحكومة، والحقيقة ليست كذلك، فالجماعة نكّل بها الانقلاب قتلاً واعتقالاً وتعذيباً ومطاردة ومصادرة أموال حلال ومؤسسات ثقافية وخيرية وسياسية؛ مع جماعات وأفراد آخرين، والمشكلة ليست بين الإخوان والانقلاب بقدر ما هي مشكلة الانقلاب مع الشعب المصري البائس الذي تمرح وزيرة “بوز البطة” في نيويورك على حسابه وتشيد برئيسها وبحملته الدعائية في الصحف والإعلام الأمريكي لتبييض وجه الانقلاب الدموي، وهي الحملة التي قيل: إنها تكلفت مع رحلة الوفد والمرافقين من الأذرع الإعلامية والأتباع وغيرهم ثلاثمائة مليون، وأهل فيصل والمريوطية وغيرهم لا يجدون نقطة ماء!
الإخوان ليست لهم مشكلة مع الشعب الذي اختارهم في انتخابات حرة نزيهة، وحاولوا مع غيرهم من شرفاء الوطن أن يغلقوا حنفية الاستبداد والفساد، فكان جزاؤهم وقوع الانقلاب الذي سرق الحرية وسطَا على الإرادة الوطنية في مشهد دموي عبثي عنيف مازال معروضاً في الشوارع والميادين، وتوّج بالقتل في البيوت اغتيالاً للآمنين الشرفاء، ثم تقوم صحف الردح والبذاءة وأذرع إعلام العار باتهامهم بالإرهاب وتشكيل خلايا نوعية وغير نوعية وعمليات عنف وتخريب يعلم الله وحده من يقوم بها، حتى لو قدموا لنا من يعترف على شاشات التلفزة الكاذبة وفقاً لطريقة “التمثال اعترف يا فندم”!
إعلام العار والشنار يركز في حملته المنحطة على الإخوان ويتجاهل الشعب المقهور بالانقلاب والفساد والنهب العام والفشل الذريع في حل مشكلاته وتوفير متطلباته، ويعاني من الانقسام والعنصرية والكراهية والانحياز لحملة النبّوت ورعاة الدم والإعدامات والمؤبدات والسجن بسبب التظاهر، ومحاربة الناس في أرزاقهم ولقمة العيش وفرض الضرائب على من لا يملكون وتسمين من يسرقون، والقضاء على الزراعة والصناعة برفع أسعار المستلزمات وخفض أسعار المنتجات ثم الهتاف: “تحيا مصر”، وهي تحتضر!
الإخوان ومن يشبهونهم في السجون والمنافي ولا يشكلون مشكلة للشعب، فقد غابوا عن المشهد العام تماماً، ولم يعد لهم من الأمر شيء، والشعب يقوم بانتفاضات هنا أو هناك في ظل الرصاص الحي وقانون التظاهر الذي يطبّق على من لا يعجب السلطة الانقلابية حتى لو كان نائماً في سرير، ويتم خطفه واتهامه بالتظاهر دون ترخيص، ويحكم عليه بعشر سنوات أو أكثر بينما من يسرقون مئات الملايين يعودون إلى مقاعدهم!
المشكلة بين الشعب والانقلاب؛ حيث أخفق الأخير في تحقيق أي إنجاز حقيقي يفيد المجتمع، كلها إنجازات إعلامية أو هوائية، أما الناس فقد وصلت الحال ببعضهم إلى الموت انتحاراً أو أمام المشافي، أو البحث عن الطعام في القمامة، لقد صادرت سلطة الانقلاب الجمعيات الخيرية التي كانت تسهم في تعفّف الناس عن الوصول إلى صناديق الزبالة، واقرؤوا تقارير الاقتصاديين المحايدين الذين يقررون أن نصف الشعب تحت خط الفقر.
لا شيء يشغل سلطة الانقلاب الدموي الفاشي وأذرعه الإعلامية إلا “الأهلي” و”الزمالك” وأخبار العوالم والغوازي والحديث عن الإرهاب، وتحميل مشكلات الوطن وخيبته الكبرى للإخوان المسلمين، صار الإخوان “حمال الأسية” الذي لا يشكو!
الأستاذ حمدي رزق يرجع هزيمة “الأهلي” في جنوب أفريقيا إلى الإخوان، ويقول نصاً في لغة سب وشتيمة وردح لا تليق بصحفي أياً كان انتماؤه: “ليس هناك سبب واحد لهزيمة الأهلي في مباراة «أورلاندو بايرتس» بنصف نهائي كأس الكونفيدرالية سوى «وش النحس» مرسي العياط، الفلوس الإخوانية القذرة وصلت جنوب أفريقيا، صبية سمر مأجورون يلهون بشعارات رابعة أول، ويهتفون باسم الجاسوس.. صورة «بوز الإخص» وحدها كافية لهزيمة «برشلونة»، «أبو جلد تخين» كان حاضراً، لو لعب الأهلي بستة مهاجمين ما سجل هدفاً واحداً في المرمى المفتوح، معلوم نحس مرسي «دكر»، لا ينفع معه سحر «هاروت وماروت» ولا أعمال «جاميكا» السفلية.. قذارة الإخوان لوثت ملعب المباراة”!
محمد مرسي عالم جليل وأستاذ عظيم يعترف بقدره، وهو رئيس منتخب جاء بإرادة الشعب، وليس بقوة النبوت كما جاء البكباشي والصاغ والفريق والجنرال!
الأستاذ حمدي الكنيسي وهو إعلامي قديم أعرفه منذ زمان بعيد؛ يفرد مقالاً طويلاً يشيد فيه بتقبيل البيادة ويدعو إلى ذلك ضمناً؛ لأنه لولا البيادة في مفهومه لكنا مثل سورية والعراق، ونسي الصديق القديم أن مصر كانت تمضي على الطريق المستقيم، وتصنع ديمقراطيتها بالانتخابات الحرة النظيفة ومشاركة أطياف الشعب جميعاً واختارت رئيسها في مشهد مصري غير مسبوق، ولكن البيادة قلبت الموازين، وصنعت مهرجاناً قبيحاً للدم والظلم والاستبداد والانقسام والعنصرية والكراهية!
“بوز البطة” أثار أشجان المصريين الذين يطالعون صباح مساء أن الولايات المتحدة تقف خلف الإخوان المسلمين وتحرضهم، بينما قائد الانقلاب يؤكد لشبكة “بيبياس” التلفزيونية الأمريكية أنه يثق في الولايات المتحدة حليفاً يعُتمد عليه, وأن واشنطن لم تتخلَّ عن مصر مطلقاً خلال السنوات الماضية.. من نصدق: الأذرع أو قائد الانقلاب؟!
ترى لو أجرينا انتخاباً حراً تحت إشراف الأمم المتحدة وهيئات دولية واستفتينا الشعب عن رأيه هل يوافق على الحكم العسكري أو النظام الديمقراطي؟ هل نقبل بنتائج هذا الاستفتاء؟ وهل نتحمل تبعاته ويعود لابسو البيادة إلى ثكناتهم؟
الله مولانا، اللهم فرّج كرْب المظلومين، اللهم عليك بالظالمين وأعوانهم!