فوجئ الكيان الصهيوني بانتفاضة القدس، التي انطلقت في الأول من أكتوبر الماضي، مفاجأة وصلت مستوى الصدمة.
اعتقدت حكومة الاحتلال أن الواقع العربي المأزوم، وضعف إرادة وقرار وشعبية السلطة الفلسطينية، والأزمات الفلسطينية المتلاحقة، وعلاقة عدد من الدول العربية المحيطة المتوترة مع الفلسطينيين عوامل كافية للتمادي في الاعتداء على القدس وتهويدها، والاعتداء على المسجد الأقصى المبارك.
فوجئ الاحتلال برد فعل فلسطيني قوي، انطلق من القدس، ووصلت إلى كامل الضفة الغربية، وبعض المناطق المحتلة عام 1948م.
فوجئ الكيان الصهيوني بانتفاضة شعبية أدت (وقت كتابة هذا المقال) إلى تنفيذ ما يقارب 45 عملية طعن، و37 عملية إطلاق رصاص، وقدّم الشعب الفلسطيني 80 شهيداً و2000 جريح، وأكثر من ألف أسير، وقد انخرط في الانتفاضة شباب وشابات ونساء، منهم من نفّذ عمليات طعن جريئة وشجاعة.
يحاول الاحتلال “الإسرائيلي” إجهاض انتفاضة القدس والقضاء عليها بالكامل من خلال:
1- استخدام العنف بشدة، مركِّزاً على عمليات القتل والتصفية، وقتل أي مشتبه به، وإعدام أي شاب أو فتاة يكون على مقربة من جنوده أو في أماكن عامة، كما حصل مع الفتاة إسراء عابد.
2- استخدام سياسة العقاب الجماعي، من خلال عمليات تطويق المدن والقرى والأحياء التي تشهد توترات، وعزلها بالمكعبات الأسمنتية والأسلاك الشائكة، وعزل البلدة القديمة في القدس، ومراقبة حركة الداخلين إلى المسجد الأقصى.
3- اتخذت الحكومة “الإسرائيلية” ما سمّتها “خطوات قانونية” أو “تعليمات من لجنة التشريع” بتعديل قانون العقوبات، وتطبيق القانون ضدّ الجرائم القومية، والسماح للشرطة باستخدام القناصة وإطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين، ورفع قوانين العقوبات ضدّ راشقي الحجارة.
4- عملت سلطات الاحتلال على تنسيق مواقفها مع كل من مصر والأردن والسلطة الفلسطينية، ووضعت سياسات أمنية جديدة.
5- مراقبة هائلة لمواقع التواصل الاجتماعي، واعتقال عشرات الناشطين، والتجسّس على الهواتف والصفحات.
6- رفع وتيرة التنسيق الأمني مع السلطة الفلسطينية، والتشدد في اعتقال المطلوبين للاحتلال، وأثنى ضباط الاحتلال على جهود السلطة في هذه المجالات، بعدما اتخذت السلطة تدابير لمنع الاحتكاك بالاحتلال ولقمع التظاهرات.
ويلاحظ المراقب لإجراءات الاحتلال أن الكيان الصهيوني لجأ لاستخدام العنف بدرجة عالية ضد انتفاضة القدس، وذلك انسجاماً مع طبيعته الإرهابية، وتأكيداً على أنه لا يعترف ولا يريد أن يُقدِم على أي حلول سياسية.
فالاحتلال “الإسرائيلي” يريد إجهاض أي مطلب سياسي لانتفاضة القدس، ويريد منع الفلسطينيين من الانتصار في معركة القدس والأقصى، ويريد إضعاف التأييد الخارجي للانتفاضة وأهدافها، ومنع قيام أي وحدة فلسطينية حول هذه الأهداف.
لكن المحصلة أن سياسة العنف سقطت، وأن الفلسطينيين أوجدوا أساليب جديدة في المواجهة، وصار “إسرائيليون” يعترفون بصعوبة القضاء على الانتفاضة.