في الحقيقة، إن عدد السكان في عملاق العالم السكاني الحالي سيتقلص، وما الصين إلا مثال واحد على الانهيار الشامل في معدلات الإنجاب الذي يحدث عبر معظم بلدان العالم النامي، بما في ذلك الكثير من دول آسيا وأمريكا اللاتينية والشرق الأوسط، والاستثناء الواضح الوحيد هو أفريقيا جنوب الصحراء، التي ستصبح مع نهاية القرن موطناً لثلث الجنس البشري.
في مجتمع تنجب فيه المرأة 2.1 طفل في المتوسط على مدى حياتها، والذي يُدعى خصوبة “مستوى الإحلال” replacement level، يبقى تعداد السكان ثابتاً، وعندما يقوم المختصون بعلم السكان بتعديلات بالغة الصغر على تخمينات معدلات الخصوبة المستقبلية، يمكن أن تتأرجح تقديرات تعداد السكان على نحو مفرط، فالسيناريوهات الجديرة بالتصديق للأربعين سنة المقبلة تظهر تناقصاً في تعداد سكان العالم إلى 8 مليارات إنسان أو نمواً إلى 10.5 مليار إنسان.
وهناك تقدير حديث للأمم المتحدة يفترض بدلاً من ذلك، وبشكل جريء، هبوطاً في معدل الخصوبة العالمية إلى 2.02 بحلول العام 2050م، وفي النهاية إلى 1.85، مع بدء تعداد سكان العالم بالتناقص مع حلول نهاية هذا القرن.
على الرغم من مجاهيلها المتعددة، فإن التنبؤات الديموجرافية أصبحت أداة مهمة، إذ تعتمد الحكومات والوكالات الدولية والشركات الخاصة عليها في إستراتيجية التخطيط، وفي القيام باستثمارات طويلة الأجل، فهي تسعى إلى تقدير أشياء من نوع عدد المتقاعدين، وتكاليف الرعاية الصحية، وحجم قوة العمل لسنوات عديدة في المستقبل.
لكن العمل الإحصائي التفصيلي، الذي يقوم به المختصون بعلم السكان، يميل لأن يتسرب للجمهور العام على نحو فجّ، وسرعان ما تصبح عناوين أخبار الإثارة هي الحكمة الشائعة.
يقول مارتن وولكر: لقد حدث تطور دراماتيكي على معدلات الإنجاب في العالم، ففي تحدٍّ لتنبؤات التراجع الديموجرافي، بدأ الأوروبيون الشماليون بإنجاب المزيد من الأطفال، وتتوقع كل من بريطانيا وفرنسا الآن نمواً سكانياً ثابتاً ينطلق بلا توقف حتى منتصف القرن، كما أن التوجهات في أمريكا الشمالية تشبه مثيلاتها الأوروبية، وبناءً على تقديرات الأمم المتحدة، يحتمل أن يتساوى عدد المواليد في أمريكا مع عدد المواليد في الصين بحلول العام 2050م.
ختاماً يمكن القول: لقد تغير العالم، وهنالك تغير أكثر وأسرع قادم في الطريق.