أوجدت شركة “جوجل” قواعد جديدة جذابة في التعامل مع موظفيها، ساهمت في تفوقها الدائم، ونمائها من عام لآخر، لذلك لا يزال كثير من الموظفين الأوائل بالشركة العملاقة يعملون فيها حتى اليوم، وقد مر أكثر من 18 عاماً على تأسيسها.
ولكن كيف تحافظ الشركات العملاقة المتنافسة على موظفيها الأكفاء؟ وهل الراتب هو الجاذب الأساسي لهم؟ أم هو اسم الشركة؟ أم هي بيئة العمل والحوافز؟
الجواب هو في ثقافة الشركة نفسها، هذا ما كشف عنه مدير شؤون الموظفين في “جوجل” لازلو بوك في كتابه “قواعد العمل”.
ويرى بوك أن هناك أمرين يساهمان في بقاء الموظف الكفء في “جوجل” وعدم خسارته، الأول هو نوعية الناس الذين يعمل معهم في الشركة، حيث يخضعون جميعاً لمعايير عالية في التوظيف تجعل بيئة العمل سلسة واحترافية.
والأمر الثاني هو أن يشعر الموظف بأن ما يقوم به له معنى وهدف، فالناس لا يعملون من أجل المال فقط، وحسب الدراسات فإن الموظفين الذين يربطون عملهم بأهداف وقيم ذات معنى يزيد إنتاجهم خمس مرات أكثر من غيرهم.
حال “جوجل” هو حال كبرى الشركات في العالم، التي لا تجتهد فقط في جذب أفضل المواهب والخبرات للعمل لديها، بل تركز أكثر للمحافظة على موظفيها الأكفاء، ووتيرة إنتاجهم المتميز، لأنهم رأسمالها الحقيقي، فمن دونهم لا أفكار جديدة ولا تطور ولا إتقان في تنفيذ العمل، وخسارة الأفراد الموهوبين والأكفاء هي خسارة فادحة ومكلفة.
ووفقاً للدراسات، فإن التحدي الأكبر أمام أي مؤسسة هو احترام معايير التوظيف المتعارف عليها، ويمكن اختزالها في مفردة واحدة هي الكفاءة ولا شيء سواها، فهي محرك رفع إنتاج أي مؤسسة وشرط أساسي لبقائها على قمة المجد والمنافسة.
بيئة للابتكار
حول هذا الموضوع، يقول مارك ضو، أستاذ الإعلام والتسويق في الجامعة الأمريكية ببيروت والمدير العام لشركة “رواة” للعلاقات العامة: إن معظم الشركات تجتهد في تهيئة أجواء تعاون لدى الموظفين؛ لأنها تضيف إلى إنتاج تلك الشركات، وتعطي هدفاً واضحاً، فالتحدي الأساسي الذي تعاني منه الشركات اليوم خاصة تلك التي تنطلق نحو الخدمات، هو نسب الابتكار والالتزام والإنتاج، وهي أمور تتصل مباشرة بكيفية إدارة الأجواء العامة داخل الشركة.
وأضاف في لقاء مع “الجزيرة” أن هذه الإدارة ترتبط براحة الموظفين وقدرتهم على التركيز والإنتاج كمجموعات عمل وفرق لابتكار أساليب جديدة، وإضافة قيمة لعمل الشركة، والتأكيد على أن الشركة هي أكثر من مجموع أفرادها، وهناك قيمة إضافية تجمع الأفراد سوية لإنتاج ما هو مفيد للشركة ومستقبلها.
وحسب ضو، أثبتت الدراسات أن الحوافز التي تعطى للموظفين أو للشركات خاصة في القطاعات التي تعتمد على التفكير والتحليل أو الإبداع والابتكار كلها تتأثر سلباً بالحوافز المالية، المهم أن يكون هناك هدف واضح وأرقى.
وأوضح أن الموظف اليوم في العالم الحديث دائماً يجد نفسه في تحدٍّ مستمر لتطوير نفسه ذاتياً، ويسعى للتدريب والتطوير، فالحوافز المادية كانت ممتازة في العصر الصناعي؛ لأن المهمات كانت محددة وتتكرر، فكان على الشخص أن يحترف ما يقوم به، وكانت الشركات تستفيد بأرباحها من نسب زيادة الإنتاج، واليوم تحقق الشركات أرباحاً مثل “جوجل”، و”مايكروسوفت”، و”أبل” وغيرها، من الابتكارات والأفكار الجديدة والحديثة؛ لذا يعطي أي تقدم لأي شركة في الابتكار والتطور مجالاً لكسب أموال إضافية واختراق أسواق والتوسع في أعمالها.