المصريون حريصون على تهدئة الأوضاع مع إيطاليا، بل وتسيطر عليهم مخاوف شخصية من إمكانية أن يؤثر القرار على النشاط التجاري مع روما، أحد حلفاء مصر المقربين، ولاسيما مع عملاقة النفط والغاز الإيطالية “إيني”.
هكذا حللت صحيفة “جارديان” البريطانية تداعيات الخطوة التي أقدمت عليها السلطات الإيطالية، أمس الأول الجمعة، باستدعاء سفيرها لدى مصر ماتسيريو ماساري في أعقاب فشل المباحثات التي دارت على مدار يومين بين وفد المحققين المصري ونظيره الإيطالي في روما حول واقعة مقتل الباحث الإيطالي جيوليو ريجيني.
وذكر بيان صادر عن وزارة الخارجية الإيطالية أن ثمة قرارات عاجلة يجب اتخاذها بخصوص الإجراءات الأكثر ملائمة.
وأضاف البيان أن ماساري سيعود إلى روما من أجل التشاور ومناقشة الخطوات الواجب اتخاذها مستقبلياً للوصول إلى حقيقة القتل البربري لـ ريجيني.
وكان ريجيني (28 عاماً) قد وُجد مقتولاً وعلى جثته آثار تعذيب وجروح متعددة بطعنات وحروق سجائر وأثار تعذيب أخرى، وهي ملقاة على قارعة الطريق على مشارف القاهرة في الـ3 من فبراير الجاري، بعد اختفائه في الـ25 من يناير الماضي.
خبر استدعاء السفير الإيطالي نشره أيضاً رئيس الوزراء الإيطالي ماتيو رينزي على حسابه الشخصي على موقع التدوينات المصغر “تويتر”، مصحوبا بهشتاج #veritapergiulioregeni والتي تعني بالعربية “الحقيقة في مقتل ريجيني”.
استدعاء السفير الإيطالي لدى مصر يراه المراقبون على أنه علامة على فشل الاجتماعات التي دارت في روما، في إرضاء السلطات الإيطالية وتطلعاتها في معرفة قتلة ريجيني الحقيقيين.
قضية ريجيني اكتسبت أيضاً بُعداً عالمياً مع مطالبة شخصيات أكاديمية حول العالم بفتح باب التحقيقات في ملابسات وفاته جنباً إلى جنب مع العدد المتزايد من حالات الاختفاء القسري في مصر.
وقال إتش إيه هيلير، الزميل المساعد في المعهد الملكي البريطاني للخدمات المتحدة: إن قرار استدعاء السفير الإيطالي ينبغي أن يدفع المصريين إلى التوقف.
وأضاف هيلير: هذه سابقة كبيرة، ليس بالنسبة للإيطاليين فحسب ولكن بالنسبة للاتحاد الأوروبي بأسره.
وذكر بيان صادر عن المدعي العام الإيطالي أن المصريين سلموا تسجيلات هاتفية لاثنين من أصدقاء ريجيني في القاهرة وقت اختفائه، بالإضافة إلى صور التقطت في نفس اليوم الذي عُثر فيه على جثته.
ولم يشر البيان من قريب أو بعيد إلى الصور التي التقطتها كاميرات المراقبة للمنطقة التي اختفى فيها الطالب الإيطالي في الـ25 من يناير الماضي، والتي طلب الجانب الإيطالي مشاهدتها.
وذكر فريق التحقيق المصري المتواجد في روما أنه لا يزال ينظر في احتمالية اختطاف ريجيني على أيدي عصابة إجرامية تخصصت في سرقة الأجانب بالإكراه والتي لقي أفرادها جميعاً حتفهم في تبادل لإطلاق النار مع قوات الأمن المصرية.
وشدد المدعي العام الإيطالي مجدداً على قناعته بأنه لا توجد أدلة تربط مباشرة بين العصابة وتعذيب ريجيني حتى وفاته، بحسب البيان.
كانت إيطاليا هددت الثلاثاء الماضي بأنها ستتخذ إجراءات “فورية وملائمة” لم تحددها ضد مصر إذا لم تتعاون الأخيرة بشكل كامل في الكشف عن الحقيقة وراء مقتل مواطنها الذي كان يجري بحثاً علمياً عن النقابات المستقلة في مصر.
وتسبب مقتل ريجيني في وصول العلاقات المصرية الإيطالية إلى أسوأ حالاتها، في الوقت الذي رفض فيه المسؤولون الإيطاليون مختلف الروايات التي ذكرها المحققون المصريون عن ملابسات مقتل ريجيني، ومن بينها أنه قتل في حادث مروري.