يجري الحديث في الأوساط السياسية العراقية عن وجود جهود تقوم بها كتل سياسية متنفذة، وجماعات مسلحة مرتبطة بها، للدفع باتجاه إقرار قانون جديد للانتخابات، يختلف اسمياً عن القوانين السابقة، لكنه يتفق معها في المضمون والنتائج.
في المقابل، حذّر مراقبون من خطورة استحواذ الكتل السياسية الكبيرة على قانون الانتخابات، والتسبب في بقاء الفاسدين بالسلطة، ومنح الفرصة للمليشيات للوصول إلى الحكومة والبرلمان.
في هذا السياق، أكدت مصادر برلمانية مطلعة لـ “العربي الجديد”، أن نواباً في التحالف الوطني، وبعض قادة المليشيات المرتبطة بهم، بدؤوا الترويج لمشروع قانون انتخابات جديد عبارة عن قانون انتخابي مختلط.
وشدّدت على أن هذا القانون يقسم مقاعد البرلمان إلى قسمين؛ الأول يتم شغله من خلال التمثيل النسبي، وتوزع مقاعده وفقاً لآلية قانون “سانت ليغو” الحالي، فيما يتم شغل النصف الآخر من المقاعد بنظام الأغلبية، الذي يقسم المحافظات العراقية إلى دوائر انتخابية عدة، فلكل قضاء في البرلمان نائب.
من جهته، انتقد الخبير في القانون الدستوري محمد المعموري، القانون الجديد، الذي يجري الترويج لطرحه في البرلمان، مبيّناً خلال حديثه لـ “العربي الجديد”، أن هذا القانون يضمن سرقة جديدة لأصوات الناخبين، وبشكل أسوأ من الانتخابات السابقة.
وأضاف أن خطورة النظام المختلط تكمن في أن توزيع المقاعد يُقسم إلى قسمين، التمثيل النسبي، والأغلبي، وهنا تكمن الخطورة، فالمقاعد التي لا تُسرق بالتمثيل النسبي، تُسرق بالأغلبي، والعكس صحيح.
وشدّد على أن الترويج لنظام انتخابي طرحته جماعات مسلحة، يشير بشكل واضح إلى أن هذا النظام يسعى إلى تقنين وجود المليشيات في السلطة المتمثلة بالحكومة والبرلمان.
وأوضح أن وصول المليشيات إلى إدارة الدولة من خلال الانتخابات قد يقلّل من الانتقادات الدولية الموجّهة لها، ويمنحها فرصة أكبر للتحرك من أجل إنهاء ملفات انتهاكاتها في بغداد وبابل وديالى وصلاح الدين والأنبار، محذّراً من كذبة ما يسمى بـ”القائمة المفتوحة”.
وأشار إلى أن القائمة المفتوحة في الدول الديمقراطية تتيح للناخب الحرية بالتقديم والتأخير، وشطب المرشحين الذين لا يرغب فيهم، منوّهاً إلى أن القائمة الانتخابية في العراق مرهونة بإرادة رئيس الكتلة السياسية، ولا علاقة لها بتصويت الناخبين.
ورفض عضو تحالف القوى العراقية، محمد المشهداني، وجود قانون انتخابات مطروح من قبل المليشيات، أو الكتل السياسية المقربة منها، محذّرا،ً من أن احتمال حدوث حالات تزوير كبير تحت ضغط سلاح المليشيات.
وأضاف أنه شهدنا حالات تزوير على نطاق واسع في الانتخابات السابقة لصالح رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، متسائلاً كيف ستجرى الانتخابات اليوم، وكيف يمكن للناخب أن يأخذ حريته وهو يصوت تحت تهديد السلاح؟
في سياق متصل، أفاد مدير مركز آدم للدفاع عن الحقوق والحريات، أحمد جويد، أن الخلل الذي أصاب العملية السياسية في العراق، سببه العملية الانتخابية، التي أفرزت الحكومة والبرلمان، لافتاً في حديثٍ في مؤتمر حول إصلاح النظام الانتخابي إلى أن صناديق الانتخابات يجب أن تضمن حقوق وحريات العراقيين بشكل كامل.
وتابع قائلاً: إن الكتل السياسية الكبيرة استحوذت على النظام الانتخابي، مستقوية بدول خارجية، وجماعات مسلحة مرتبطة بها، وهذا الأمر يضيع حقوق الأفراد.
وكشف عن ممارسة بعض الجهات المسلحة ضغوطاً وتهديدات على المواطنين من أجل تحديث سجلاتهم الانتخابية، على الرغم من أن الانتخاب أمر اختياري.