يوافق اليوم ذكرى مرور 6 سنوات على تنحي الرئيس حسني مبارك عن السلطة، غير أن الأوضاع الإنسانية والاقتصادية والسياسية عادت أسوأ مما كانت عليه قبل هذا التنحي، حسب منظمات حقوقية وخبراء ومراقبين.
وتتزايد مساحات الإحباط والشعور بانتكاسة الثورة وارتداد أحوالهم لأوضاع باتت أسوأ في نظر بعضهم مما كان عليه الحال قبل تنحي مبارك.
وفي تقرير لموقع صحيفة “العربي الجديد” بعنوان “الخديعة الكبرى لثوار يناير” لفت من خلاله أن الوقائع المتتالية خلال الأعوام الستة الماضية، أثبتت، أن “تنحي مبارك” كان خدعة كبيرة مارسها نظامه وأقنع بها الثوار، مشيرة إلى أنها بدأت ببعض الإجراءات السريعة، مثل تجميد أرصدة بعض الوزراء وكبار المسؤولين في نظام مبارك، وبعض رجال الأعمال، وكان على رأس هؤلاء وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي، ووزير السياحة الأسبق زهير جرانة، ووزير الإسكان الأسبق محمد المغربي، وأمين التنظيم بالحزب الوطني “المنحل” أحمد عز، وعدد من كبار رجال الأعمال، ورئيس الوزراء الأسبق أحمد نظيف، وكلهم حصلوا على أحكام بالبراءة وإلغاء التحفّظ على أموالهم بعد ذلك.
ويضيف الموقع: مسرحية أخرى قدمت للثوار في إطار الخديعة الكبرى، تمثلت في المحاكمات “الوهمية” للرئيس المخلوع مبارك، ونجليه، والعديد من قيادات الشرطة، على خلفية قتل المتظاهرين إبان الثورة، وصدر الحكم المبدئي فيها بالحبس المؤبد لمبارك ووزير داخليته حبيب العادلي، وبراءة باقي المتهمين، ثم ألغي القرار وحكم لهم بالبراءة أمام محكمة أخرى في عهد السيسي.
وقال الشاعر الفلسطيني مريد البرغوثي في تدوينة عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”: “جملة بسيطة من مبتدأ وخبر ملأت الكون ولن يستطيع أحد محوها من وجدان الناس.. الشعب خلع الرئيس، 11 فبراير”.
وقال د. محمد البرادعي، نائب رئيس الجمهورية الأسبق: إن مشهد ميدان التحرير المشرّف خلال أيام الثورة الـ 18 “يخليك تشيل الشعب المصري على رأسك”، مشدداً على أنه رفض كل محاولات بقاء مبارك وطالب بأن يرحل ليُريح ويستريح، وكان يفضل أن يغادر البلاد لأنه لو فعل ذلك لتجنبنا جزءاً كبيراً من الأحداث التي حدثت بعدها.
وأضاف في حواره مع برنامج “وفي رواية أخرى”، المذاع على “التلفزيون العربي”، أنه عندما سمع خطاب تنحي الرئيس الأسبق مبارك كان شعوره لا يوصف، وأحس بأن مصر تحررت، لكنه اكتشف بعدها أنه للأسف كان بداية طريق الآلام وليس طريق الخلاص.
ويرى رئيس المركز المصري لدراسات الإعلام والرأي العام مصطفى خضري أن انقسام الشارع تجاه تنحي مبارك انقسام اجتماعي أكثر منه سياسي؛ فأبناء التيار الإسلامي والشباب بكل انتماءاتهم ما زالوا يرون خلع مبارك من أهم مكتسباتهم، في حين يتحسر آخرون على أيام مبارك لما كانت تشهده من استقرار نسبي.
وتابع، وفق “الجزيرة نت”: هناك فئة مجتمعية بمصر تتعلق بالأفكار الغالبة، فعندما يكون المنادون بالثورة الأكثرية تراهم ثوريين، وعندما يكون صوت الأجهزة الأمنية هو الأعلى يسيرون في فلكهم، وهي فئة تتراوح بين 21 و24%، لكن نسبة مؤيدي خلع مبارك تصل إلى 72% حسب دراسة أجراها المركز في نوفمبر 2016م.
ولم يستبعد خضري أن يشهد المستقبل نزول حشود كبيرة مماثلة لما كانت عليه في الثورة ويوم التنحي؛ لأنّ المجتمع المصري حسب رأيه خرج من طور الاستكانة السياسية ويتطلع إلى أن يحقق أحلاماً راودته كثيراً في 25 يناير.
محمد الأسيوطي (37 عاماً) رأى أن الشعب المصري تعرض لخديعة كبرى حين ظن أن ثورته نجحت في لحظة تنحي مبارك، واصفاً ما تم من إجراءات حينها وما تلاه من محطات بأنها حالة نصب واحتيال من قبل المؤسسة العسكرية التي سيطرت على الدولة، وتسببت في تدهور أحوال الوطن.
وأبدى الأسيوطي، الذي يملك محلاً لبيع مستلزمات النظافة، تعجبه الشديد من تجاهل قيادات الجيش لما وصلت إليه الأحوال المعيشية للبلاد، مضيفاً: قد نفهم تخوف وتراجع النخب السياسية لما يعلمه الجميع مما يتعرض له المعارضون في سجون السلطات، لكن لا أفهم قبول ورضا جميع قيادات الجيش عن الأوضاع الحالية.
ويحمّل الطالب سلامة سعيد (20 عاماً) مسؤولية ما وصلت إليه مصر لجيل “النكسة”، الذي وقف – حسب رأيه – أمام أحلام الشباب وطموحاتهم لغد أفضل، ووأد تجربتهم للتغيير بمهاجمتهم واتهامهم وتخوينهم المتكرر.