يأمل الطفلان الشقيقان يوسف وإبراهيم أبوغنّام من بلدة الطور في القدس أن يُكسى والداهما حُللا كثيرة يوم القيامة بفضل قراءتهما للقرآن، إذ أخذ الشقيقان حفظ القرآن منذ سن صغيرة واستطاعا قراءته كاملا غيبا في سنة ونصف فقط.
يقول الطفل يوسف أبوغنّام (12 عاما) لـ”الجزيرة نت” إنه بدأ تعلّم القرآن في عمر الثامنة إلى جانب شقيقه إبراهيم، الأمر الذي رفع مستواه في اللغة العربية، فأبى إلا أن يجيب عن أسئلة المقابلة بلسان فصيح، ويقول إن السبب وراء ذلك هو قراءة القرآن وتعلّم أحكام تلاوته وتجويده.
وانتسب يوسف وإبراهيم إلى مركز زيد بن ثابت لتحفيظ القرآن في بلدة صور باهر، جنوب شرق القدس، ويقول والدهما مجدي أبو غنام للجزيرة نت إنه كان يقلّهما إلى المركز بشكل شبه يوميّ ويتابعهما باستمرار، مبينا أن أمنيته كانت أن يحفظ القرآن كاملا، لكنه لم يستطع، فعاهد نفسه أن يجعل من أبنائه حفظة للقرآن الكريم.
حفظ أرقام الآيات
دأبت والدة الطفلين لينا أبو غنام على متابعة ولديها وتنمية موهبتهما، فقد لاحظت موهبة حفظ أرقام الآيات وصفحات المصحف لدى طفلها إبراهيم. وتقول إنه كان يستطيع ذكر رقم أي آية تسأله عنها أثناء القراءة، وتطور ذلك إلى براعته في مادة الرياضيات التي يفضلها في مدرسته.
كما لاحظت الأم تنامي المستوى الدراسي لأطفالها بعد تعاهدهم للقرآن، وتضيف “كانوا يغادرون المدرسة ويتناولون الطعام ثم أتابع واجباتهم المدرسية وبعدها يبدؤون بحفظ وردهم اليومي من القرآن”.
وعن طريقة الحفظ قال يوسف إنه كان يقرأ الصفحة من السورة مرارا حتى يعيها ثم يحفظها غيبا وتختبره أمه فيها، وكان يحفظ هو وأخوه إبراهيم أثناء أيام الفصل الدراسي صفحة واحدة، وفي أيام العطل ست صفحات، يختبرهم بها الشيخ في مركز تحفيظ القرآن ويثبّت تلاوتهم.
وبعد إتمام حفظهما للقرآن بدأ الشقيقان مرحلة المراجعة المستمرة، حيث يقومان يوميا بمراجعة جزأين من القرآن. ويداوم إبراهيم ويوسف منذ ستة أشهر على دراسة علم التلاوة والتجويد في المسجد الأقصى، ويعملان على نيل السند في تلاوة القرآن غيبا برواية حفص عن عاصم مع حلول شهر رمضان المقبل.
يحظى الشقيقان أبو غنام بتحفيز الأهل ومركز تحفيظ القرآن ووزارة الأوقاف الإسلامية الفلسطينية، ورشحتهما الأخيرة للمشاركة في مسابقة للقرآن بالمملكة العربية السعودية، بالإضافة إلى إهدائهما رحلتين لأداء مناسك العمرة وأخرى إلى تركيا للسياحة، وفازا بالعديد من الجوائز بعد مشاركتهما بنحو عشر مسابقات للقرآن في فلسطين والقدس.
تشجيع وتنشئة
ويقول إبراهيم إن معلمته في مركز التحفيظ تأتي إلى مدرسته وتكرمه أمام الطلاب. كما يشجعه الوالدان بالهدايا والرحلات بعد إتمام الحفظ والمراجعة.
تمشي أختهم الصغيرة شهد غنام (8 سنوات) على ذات الطريق، وبدأت حديثا برحلة الحفظ وأتمت جزأين من القرآن، بالإضافة إلى أصغرهم مصطفى (6 سنوات) الذي يحرص والداه على أن يسمع الكثير من سور القرآن لترسخ في ذهنه منذ الصغر.
يتفق الوالدان مجدي ولينا أبو غنام على أن العمر الصغير هو الوقت المثالي لتنمية مهارات أي طفل، خصوصا مهارة حفظ القرآن، ويعللان ذلك بسهولة انصياع الأطفال، وجودة ذاكرتهم وسرعتها.
ويقولان إن الأهل يجب أن يتمتعوا بالصبر والأناة وألا يجبروا الأطفال على الحفظ وأن يتخيّروا الوقت المناسب لذلك. ويؤكدان أن ابتعاد أطفالهما عن التلفاز والأجهزة الإلكترونية أسهم كثيرا في تركيزهم والحفاظ على نقاء موهبتهم بعيدا عن مشتتات الذهن ومضيعات الوقت.