أكد رئيس حزب حركة النهضة الشيخ راشد الغنوشي، أن الثقة لا تتكون وتتشكل إلا بأداء الأمانة. وأن الأمانة تتمثل في التسيير الرشيد للموارد المتاحة، حتى في غياب البترول وكنوز الذهب. وأشار إلى أن الإرهاب عدو الإسلام، وأنه يتمدد في البيئات التي يعشش فيها الفساد وتغيب فيها العدالة، وأن تحقيق العدالة والتنمية بإمكانهما المساهمة في حرب الإرهاب.
وثمن الغنوشي سياسة التوافق التي جنبت البلاد الويلات التي تعصف بدول أخرى. وأشاد بالمصالحة التي أوضح بأنها لا بد أن تمر بمراحل ومحطات مهمة حتى يغلق الجرح وهو نظيف، أو الملف بنظافة على حد تعبيره. جاء ذلك أثناء حضوره تنصيب النيابة الخصوصية { الفريق البلدي } بمنطقة سيدي حسين، بالعاصمة التونسية.
السلطة لأهلها
واعتبر الغنوشي أنموذج بلدية سيدي حسين، “درس عظيم في بلادنا في كيفية تسيير الموارد حيث لا ذهب ولا بترول”، وأن هذا التسيير الرشيد حقق نسبة نمو تقدر بأكثر من 400 %، وضاعفت ميزانيتها من 2،7 مليون دينار إلى 11 مليون دينار. في حين تتراوح نسبة التنمية على مستوى البلاد بين صفر فاصل و1 و2 %. وعلق الشيخ راشد على هذا النجاح بقوله” هكذا تكون النتائج عندما تعطى السلطة إلى أهلها” في حين أن الفناء ونهاية العالم مقرونان باستشراء الفساد في الأرض، وأن من علامات القيامة أن” يوسد الأمر لغير أهله”. وأن نظافة اليد والعدل والخير والجمال يمكن تحقيقها، وبلدية سيدي حسين، التي قدمت لنا درسا كبيراً، عنوان لذلك.
الثورة والإرهاب
وبين الشيخ راشد الغنوشي أهداف الثورة، وهي تحقيق العدالة والتنمية والكرامة، وهي “ليست انقلاباً”، وإنما تنمية وهدم للفساد وإصلاح، على حد قوله. وذكر بأن الإرهاب عدو الإسلام.. ولكن عندما تسود البلديات الفوضى والفساد والمحسوبية، يعشش الإرهاب وتنتشر الجريمة، وفي غياب التنمية والنوادي الثقافية، والمكتبات العمومية، والمناطق الخضراء، والخدمات العمومية، واحترام الثقافة المجتمعية، والمكتسبات الحضارية، يؤهل الشاب لأن يكون إرهابياً. وتختلط المفاهيم لديه ولا سيما الخط الفاصل بين الثورة والتمرد على القيم والقانون ويصبح عدم أداء الضرائب ثورة، وعدم احترام الإشارات الضوئية ثورة، والاستيلاء على أموال الغير بالقوة، ومخالفة التراتيب البلدية، ثورة !!!.
أرضية للنمو
الغنوشي أشاد بفريق النيابة الخصوصية { البلدية } بسيدي حسين، واعتبر ما ضربه من مثل يمكن أن يكون أنموذجاً لباقي البلديات، وعلى مستوى الدولة، وأرضية للنمو ومحاربة الإرهاب. إذ أن الإرهاب لا يحارب بالبوليس والمحاكم فحسب، وإنما بخلق بيئة يطيب فيها العيش ويشعر فيها المرء بإنسانيته وآدميته، بينما البطالة والفوضى والظلم تمثل العكس، بكونها أرضية للإرهاب.
وأن المواطن عندما يرى أمواله لا تذهب إلى أماكنها ، كما هو الحال في سيدي حسين، لا تحصل الإدارة على الثقة التي توطت هنا في سيدي حسين. هذا الفريق عمل بعقلية توافقية وهذا سر نجاح تونس. إدارة ليس فيها فساد تحصل على ثقة المواطنينk لذلك لا بد من حرب لا هوادة فيها ضد الفساد.
المصالحة الشاملة
يرى الغنوشي بأن سياسة التوافق ينبغي أن تؤدي إلى المصالحة، لأن التونسيين يجب أن يكفوا عن الخصومات والجدل البيزنطي مستشهدا بمثل تونسي {هات شاشيتك هات صباطك }” لا حل لنا إلا التعايش، وليس الإقصاء، وقد قامت الثورة لأن المخلوع بن علي أقصى الإسلاميين وغير الإسلاميين، ولا يمكن أن تنتصر الثورة بنصب المشانق، وإنما باسترداد الحقوق. وقد جرب حل المشانق في دول أخرى وفشل، ولا حل سوى التوافق، والمصالحة، ولكن بعد كشف الحقيقة، والمحاسبة، وجبر الضرر ورد الاعتبار، وإصلاح المؤسسات، ففي القرآن” من اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم” هذا هو العدل، ولكن فوق العدل الإحسان،”إن الله يأمر بالعدل والإحسان….”
وتابع” الآن هناك 10 آلاف أو 12 ألف موقوف من النظام السابق، وبعد 6 سنوات من الثورة لا يعرفون مصيرهم، لذلك هذا الملف لا بد أن يغلق، بيد أنه يجب أن يغلق على نظافة، ومقترح رئيس الدولة يحتاج لتعديل، من أخد أموالا يعيدها، ولكن من دمرت أسرته، وضاع شبابه في السجون، و ديست حقوقه، خلال العقود الماضية كيف يمكن ترتيب أوضاعه “؟
وأردف”هناك مقترح تعويض هؤلاء الناس، وتصفى القلوب بعيدا عن التشفي والحسابات السياسية والتشخيص، لا بد من تصفية القلوب جميعا”.
وختم قائلا” نحن مع مصالحة شاملة من أخد أموالا يعيدها، ومن تعرض للانتهاكات ترمم حياته، وبذلك نحقق نموذجاً ناجحاً في التنمية من خلال محاربة الفساد، وتحقيق المصالحة الشاملة”.