اكتمل نصاب الجوقة في محاولات شيطنة المقاومة بغزة، فلم يعد الاحتلال وحده من يصفها بالإرهاب بل تساوقت معه أطراف عربية حتى بدأت “أونروا” تنشر أخباراً كاذبة عن أنشطة مقاومة الاحتلال.
فقد نشرت “أونروا” بيانًا قبل أيام زعمت فيه اكتشاف ما أسمته نفقاً يمر تحت مدرستين تابعتين لها في مخيم المغازي وسط قطاع غزة، في إشارة صريحة لأنفاق المقاومة.
على أرض الواقع، أكدت مصادر محلية ومراقبون للشأن السياسي في أحاديث منفصلة، بحسب”المركز الفلسطيني للإعلام”، أن ما اكتشف هو بئر زراعي مهجور عثر عليه خلال أعمال بناء لوكالة الغوث، مؤكدين أن إقحام المقاومة في المسألة محاولة متواصلة لتشويهها وإنهاء قضية اللاجئين.
والتقط رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، الاتهامات الكاذية، ليدعو إلى تفكيك “أونروا” في قطاع غزة، مضيفاً: “استمرار وجود الأونروا يطيل أمد مشكلة اللاجئين بدلاً من حلها وبالتالي ينبغي تفكيكها”.
نفق بدون فتحات
بالكاد وافق أحد شهود العيان الذي اكتفى بتسمية نفسه أبو محمد على الحديث لأن المسألة برأيه لا تستحق الكثير، مشدداً أن ما شاهده هو حفرة لبئر مهجور وقديم ليس له فتحة أفقية من أي جانب.
وأعرب علي قنديل ممثل اللجنة الشعبية للاجئين في المخيمات الوسطى، أنه تقصّى بنفسه ما جرى في مخيم المغازي الذي يسكنه فوجد الحفرة تعود لبئر زراعي مهجور من عشرات السنين.
وأضاف: “أقيمت المدرسة فوق أرض المصدر فوق بستان زراعي كان به بئر للري أقيم قبل 70 سنة وهو مهجور ردموا جزء منه وعندما بدأت الوكالة أعمال إنشاءات قربه انكشفت الحفرة وما يقال من الوكالة والاحتلال محاولة لتشديد الحصار وتشويه للمقاومة فقط”.
وتظهر تناقضات في رواية “أونروا”، فقد قال كريس غينيس الناطق باسمها إنه تم اكتشاف جزءٍ من نفق يمر تحت مدرسة المغازي الابتدائية للبنين ألف وباء ومدرسة المغازي الإعدادية للبنين، واللتان تقعان في نفس المكان.
وفي يناير الماضي نفى عدنان أبو حسنة الناطق باسم “أونروا” ما وصفها بأكاذيب عن وجود أنفاق أسفل مدارس، مضيفاً: “الأخبار عن وجود أنفاق للمقاومة أسفل مدارس أونروا في المغازي عارية عن الصحة”، في إشارة لنفس البئر أسفل مدرسة في المخيم.
واستهجن أن ما تناوله ذاك الموقع وما أورده عن حدوث انهيار نفق أسفل مدرسة تابعة للأونروا شرق المغازي في شهر 12 من عام 2016، وقال: “هذا أمر لم يحدث على الإطلاق ونشر مثل هذه الأخبار العارية عن الصحة غير مقبول”.
وكانت طائرات الاحتلال قصفت في حروب غزة (2008-2014) عدة مؤسسات للأونروا من بينها مدارس لجأ لها المدنيون ومخازن للمساعدات الإغاثية استشهد فيها العشرات من بينهم أطفال ونساء حوامل.
صفقة القرن
ومنذ سنوات يركّز الاحتلال على أنفاق المقاومة بغزة، ويزعم أن المقاومة تخترق السلك الفاصل لشن هجمات على قرى وبلدات غلاف غزة.
ونظمت قيادة الاحتلال عدة زيارات لمسؤولين من مؤسسات دولية لأنفاق قديمة قرب الحدود كان آخرهم نيكي هيلي سفيرة الولايات المتحدة الأمريكية في الأمم المتحدة للاطلاع على نفق قديم شرق رفح وقبل سنوات بالمثل زيارة بان كي مون الأمين العام السابق للأمم المتحدة.
ويؤكد المحلل السياسي حسام الدجني، بحسب “المركز الفلسطيني للإعلام”، على أن دعوة نتنياهو لتفكيك “أونروا” هي حلقة من حلقات مشروع إقليمية لإنهاء قضية اللاجئين انسجاماً مع حل سياسي يصفه الرئيس الأمريكي ترمب بصفقة القرن.
ويتابع: “الاحتلال يعتبر ملف اللاجئين تحدي كبير ويسعى لإنهاء عمل “أونروا” بالكلية ومؤخراً ظهرت تقليصات كبيرة وواضحة لخدماتها، ودعا المبعوث الأمريكي غرينبلات لتغيير المناهج الفلسطينية لشطب القضية”.
ملف اللاجئين
المشهد السياسي الإقليمي والسياسة العربية الجديدة نحو المقاومة والقضية الفلسطينية تغري نتنياهو كي يسابق الزمن في اتخاذ خطوات متسارعة نحو جوهر القضية.
ويقول محمد مصلح الخبير في الشؤون “الإسرائيلية”: إن نتنياهو يحاول إيجاد مبررات لإنهاء عمل “أونروا” وتغيير مفهوم اللاجئين بالتدريج كجزء من حل قادم.
ويتابع: “مؤخراً تتزايد التقليصات وفي حروب غزة قصفوا المدارس ومؤسسات أونروا وهناك حالة صمت مريبة من صمت عباس ما يجري في بحث القضية بين السيسي رئيس مصر وموقف دحلان والسياسة العربية لجرّ حماس لمشروع سياسي غير مفهوم”.
ورغم أن مسألة الحدود مسالة شائكة في أي حل للصراع إلا أن ملف اللاجئين يرتبط بالبعد الفكري والتاريخي لحق الفلسطيني في وطنه، ولعل أكثر ما يقلق نتنياهو، حسب المحلل مصلح، المشكلة الديمغرافية والبعد القومي.
ويحاول نتنياهو التركيز على ملف اللاجئين من بوابة تفكيك “أونروا”، والمضي قدماً في تهويد القدس المحتلة ممهداً الطريق لحل سياسي قادم، وهي سياسة قديمة لكنها تمضي مؤخراً بسرعة ماراثونية.