يرى خبراء متابعون للشأن النمساوي أن جميع السبل تؤدي إلى صعود اليمين المتطرف في الانتخابات التشريعية المزمع إجراؤها في النمسا الأحد المقبل 15 أكتوبر.
ومن المتوقع أن يوجه الفكر اليميني المتطرف، البرامج الحكومية لجميع الائتلافات المحتملة التي ستتكون لتشكيل الحكومة المقبلة في النمسا، التي لم يتمكن أي حزب من تشكيل حكومة بمفرده منذ 34 عاماً.
ويرى خبراء أن صعود اليمين المتطرف خلال السنوات الـ15 الأخيرة في النمسا، جاء نتيجة عجز “حزب الشعب النمساوي”، والحزب الاشتراكي الديمقراطي عن إنتاج سياسة بديلة، لسياستهما منذ قرن في البلاد، ولجوئهم إلى نهج سياسيات يمينية متطرفة خلال الحملات الانتخابية.
ومن المتوقع أن يتواصل تصاعد خطابات اليمين المتطرف الحالية حتى إعلان نتائج الانتخابات التشريعية المزمع إجراؤها الأحد المقبل، وخصوصاً ضد القوانين التي أقرها حزبي اليمين الوسط، “الشعب النمساوي” و”الاشتراكي الديمقراطي” خلال السنوات الخمسة الأخيرة.
وتشير التوقعات إلى أن حزب الشعب النمساوي الذي يتزعمه، وزير الخارجية والاندماج “سيباستيان كورز” المعروف بخطاباته المعادية للإسلام، سيأتي في المرتبة الأولى في الانتخابات التشريعية المقبلة.
وتوقع “فريد حافظ” أستاذ العلوم السياسية بجامعتي جورجتاون وسالزبورغ، في حديث مع الأناضول، أن يتمكن حزب الحرية النمساوي (يميني متطرف) من المشاركة في تشكيل الحكومة الائتلافية المقبلة، مبيناً أن مشاركة الأخير لن يُحدث تغييراً حقيقياً في الوضع بالبلاد.
ولفت إلى أن حزبي اليمين الوسط، الشعب النمساوي، و الاشتراكي الديمقراطي اللذان يقودان البلاد منذ سنوات طويلة، قاما بانتهاج سياسات يمينية من الأساس.
وبيّن حافظ أن المسائل التي يطرحها السياسيون في النمسا خلال حملاتهم الانتخابية بخصوص الهجرة والاندماج، هي مشاكل مفبركة تُسوق للشعب.
ولفت إلى أن هناك تباين في موقف الحزبين بخصوص أفكار اليمين المتطرف، إذ أن الديمقراطيين الاشتراكيين لم يتمكنوا من إعطاء جواب شاف للخطاب الشعبوي القائل “المهاجرين يأخذون أعمالنا”، في حين لزم الحزب الاشتراكي الديمقراطي الصمت حيال الخطاب القائل “الأجانب يدمرون ثقافتنا”، وانحاز بشكل غير مباشر إلى اليمين المتطرف.
وأكد حافظ أن حزب الشعب النمساوي تخطى في خطابه الشعبوي اليميني اليوم خطاب حزب الحرية النمساوي.
وشدد أن النمسا أثرت على السياسة في ألمانيا، مبيناً أن حزب البديل من أجل ألمانيا هو نسخة طبق الأصل لحزب الحرية النمساوي.
ولفت إلى أن فكر اليمن المتطرف موجود في السلطة في الوقت الراهن بالنمسا، مبيناً أن صدور قانوني “الإسلام الجديد” في 2015، و”حظر ارتداء النقاب والبرقع” اللذين صدرا مؤخراً، يعدان، دليلين على تولي اليمين المتطرف السلطة في البلاد.
وتابع:” كما أن المقترحات لتغيير السياسات الأمنية في البلاد، والمطالبات بخصوص إغلاق ممر البلقان، والبحر الأبيض المتوسط أمام اللاجئين، كلها سياسات تميل الى اليمين المتطرف بشكل كامل.
وأشار إلى أن المسلمين في النمسا غير منظمين، وغير موحدين في تحركاتهم، ولم يتمكنوا من ممارسة ضغط على الأحزاب السياسية، وغالباً ما يتم تجاهلهم ويُغض الطرف عن مطالبهم.
من جانبه، قال الناشط والكاتب الصحفي ويلهلم لانغثالر، لـ”الأناضول”: إن مسائل الهجرة، واللاجئين، والاندماج التي أصبحت رائجة في الحملات الانتخابية لا تعكس مشاكل البلاد الحقيقية.
وأكد لانغثالر أن غياب المساواة في توزيع الدخل يعتبر أهم مشكلة في النمسا.
ولفت إلى أن النمسا تعتبر واحدة من أغنى دول العالم، ولكن لا توجد عدالة في توزيع الدخل، وأن الهوة بين مستوى الأغنياء والفقراء في اتساع كبير.
وأشار إلى أن أهم ثاني مشكلة تعاني منها البلاد، هي تقييد الحقوق الديمقراطية، مؤكداً أن هاتين المشكلتين لا تطرحان على الأجندة من قبل الإعلام والسياسيين في النمسا، حيث يتم البحث عن مسبب لهما، ويتهمون المهاجرين واللاجئين فيها.
وأكد أن السياسيين في النمسا هم أساس المشاكل التي يعاني منها البلاد، حيث يُظهر أغلبهم المسلمين على أنهم أعداء، الأمر الذي أدى إلى انتشار ظاهرة معاداة المسلمين في المجتمع.
وفي 15 من الشهر الحالي، يتوجه قرابة 6.4 مليون ناخب إلى صناديق الاقتراع في الانتخابات التشريعية الـ22 في البلاد، وسط تصاعد خطاب اليمين المتطرف في الحملات الانتخابية لدى أغلب الأحزاب السياسية في النمسا.