يعيش أهالي الغوطة الشرقية أوضاعاً إنسانية لم يسبق أن عاشوها منذ حصار قوات الأسد لهم في 2013، حيث يواجه مئات الأطفال والمرضى من أبناء الغوطة خطر الموت، نتيجة النقص الحاد في الدواء والغذاء، والذي تسبب مؤخرا بوفاة 5 أطفال آخرهم كان الطفل معتصم الذي فارق الحياة أمس، وهو لم يبلغ عامه الثاني.
وفيات نتيجة الجوع
وقال د. أبو جواد العامل في إحدى النقاط الإسعافية بالغوطة الشرقية لوكالة “مسار برس”: إن الوضع الحالي ينذر بكارثة إنسانية، حيث أن سوء التغذية أصبح من الأمراض المنتشرة بين أطفال الغوطة، ولا سيما بين حديثي الولادة، لافتاً إلى أنه لا يوجد غذاء أو حليب أطفال يسد رمق جوع الأطفال.
وأضاف أبو جواد أنه ليس الأطفال وحدهم من يعانون من آثار الحصار الخانق، فكبار السن لهم نصيبهم أيضاً من المعاناة، حيث انعكس سوء التغذية على وضعهم الصحي وتسبب بوفاة العشرات، وسط عجز للمنظمات الطبية والإنسانية عن التدخل.
بدوره، ذكر خلدون عصيدة والد الطفل محمد الذي توفي في بلدة حزة، أن ولده كان مصاباً بمرض في معدته ويحتاج إلى دواء وغذاء بشكل يومي، مضيفاً أنه بعد تلقي العلاج تحسنت صحته ولكن بعد اشتداد الحصار على الغوطة منتصف العام الجاري، ومنع نظام الأسد من إدخال المواد والغذاء تدهورت حالة محمد.
وقال والد محمد: كنت أشاهده يفارق الحياة أمام عيني ولم أستطع مساعدته، لم أستطع تأمين لقمة العيش له بسبب الغلاء الفاحش.. يقولون: لا أحد يموت من الجوع، لكن ابني مات من الجوع.
من جهته، تحدث والد الطفل محمد عبدالسلام الذي توفي بعمر الثلاثة أعوام، قائلاً: إن حالة ولدي تراجعت كثيراً في الأيام الأخيرة نتيجة صعوبة تأمين الحليب المدعم له بشكل يومي والذي يبلغ سعر كيلوا الواحد منه أكثر من 10 آلاف ليرة سورية.
وأوضح أنه في اليوم الذي توفى به ولده أسرع به إلى النقطة الطبية بعد أن لاحظ شدة خفقان قلبه وسرعة تنفسه، حيث قام الطبيب المناوب بإدخال الطفل إلى غرفة الإنعاش ولكنه كان قد فارق الحياة وقد بدت عليه علامات الهزال الشديد والجفاف.
من جانبه، أكد أبو أحمد والد الطفلة يسرى التلاوي أن ابنته ذات الست أعوام مهددة بالموت في أية لحظة لأنها تعيش على فتات الخبز والماء بعد عجزه عن تأمين الحليب والطعام والدواء لها ولأخوتها.
وبيّن أبو أحمد أنه بعد نزوحه مع زوجته و3 أولاد من بلدة حتيتة تركمان إلى مدينة سقبا أصبح يتقاضى مبلغ 600 ليرة جراء عمله اليومي، وأن هذا المبلغ لا يشتري له سوى رغيفين من الخبز لإطعام أطفاله، مناشداً العالم أجمع أن يساعد ابنته يسرى قبل أن تفارق الحياة.
195 رضيعاً مهددون بالموت
وكانت الأمم المتحدة ذكرت أنه يوجد في الغوطة الشرقية 400 مريض، ثلاثة أرباعهم نساء وأطفال، ويجب أن يتم إجلاؤهم الآن، موضحة أن 29 منهم بينهم 18 طفلاً سيموتون في حال عدم إجلائهم.
في حين أشارت مصادر طبية من داخل الغوطة الشرقية أن 195 رضيعاً مهددين بالموت بسبب انتشار أمراض الكساح والسل والتهاب الكبد، وعدم تأمين اللقاحات اللازمة.
وقال الناشط أبو البراء الغوطاني: إن الأمم المتحدة مستمرة في الخداع والتواطؤ مع القتلة من خلال الاكتفاء بالتعبير عن قلقها إزاء أوضاع مئات آلاف المحاصرين في الغوطة.
يذكر أن 12 طفلاً توفوا بسبب سوء تغذية بالغوطة الشرقية في الأشهر الستة الماضية، 5 منهم توفوا في الأيام القليلة الماضية، في حين أن العدد قابل للارتفاع إذا استمر إغلاق المعابر الإنسانية من قبل نظام الأسد.