تتجه الأنظار لاجتماعات المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية في نهاية هذا الشهر، الذي سيعقد في مقر الرئاسة الفلسطينية بمدينة رام الله بالضفة المحتلة، ويتوقع أن يتم في هذا الاجتماع اتخاذ سلسلة من القرارات المتعلقة بطبيعة العلاقة مع الاحتلال، ومستقبل اتفاق أوسلو الموقع بين منظمة التحرير الفلسطينية والاحتلال عام 1993، في ظل تنكر الاحتلال لكافة الاتفاقيات الموقعة، وإنكاره لحقوق الشعب الفلسطيني، والتغول الاستيطاني، ومواصلة حصار قطاع غزة، ورفض المطالب الدولية بوقف عمليات التهجير للفلسطينيين في القدس.
وتقول قيادات فلسطينية: إن اجتماع المجلس المركزي لمنظمة التحرير سيكون له ما بعده، وسيشكل مرحلة جديدة في الحياة السياسية الفلسطينية، وسيتم فيه التأكيد على القرارات السابقة التي اتخذها المجلس المركزي في دورته عام 2015، التي نصت بشكل واضح على ضرورة إعادة النظر بالاعتراف بدولة الاحتلال، والانسحاب من الاتفاقيات الموقعة معها .
كل الاتفاقيات قتلتها دولة الاحتلال بالاستيطان
وقال مستشار الرئيس الفلسطيني للعلاقات الخارجية نبيل شعث لـ”المجتمع”: اتفاق أوسلو أنهته دولة الاحتلال حين لم تلزم بالاتفاقيات الموقعة، وكان من المفترض أن تنتهى الفترة الانتقالية عام 1999 لتقام حينها الدولة الفلسطينية، ولكن حدث عكس ذلك تماماً، فدولة الاحتلال ضربت بعرض الحائط كل الاتفاقيات الموقعة، ولم تلتزم بها على الإطلاق بل وعززت الاستيطان وقوضت كل أساس يمكن بناء الدولة الفلسطينية عليه.
وأكد شعث أن القيادة الفلسطينية حسمت أمرها فيما يتعلق بالعلاقة مع الاحتلال، وسيتم تجميد التعامل بالاتفاقيات الموقعة التي من أبرزها بروتوكول باريس الاقتصادي، ووقف التنسيق الأمني، لأن حكومة الاحتلال باتت لا تعترف بأي اتفاق، فلا يمكن للأبد أن تلتزم بالاتفاقيات مع الاحتلال إلى الأبد.
وأوضح شعث أن كل ما يتعلق بمنظومة العلاقة مع الاحتلال سيتم إعادة النظر فيها وتعريفها من جديد، وعلى الرئيس الأمريكي دونالد ترمب أن يعرف أن الحقوق الفلسطينية لا يمكن أن تسقط لأن الشعب الفلسطيني صاحب حق تسانده الشعوب العربية والإسلامية.
من جانبه، أكد عضو المكتب السياسي لحزب الشعب طلعت الصفدي لــ”المجتمع”، أن ملف المصالحة سيعطى الأولوية في اجتماعات المجلس المركزي، وكذلك تعليق العمل بالاتفاقيات الموقعة مع الاحتلال؛ لأنه لم يعد هناك اتفاق سلام، دولة الاحتلال حاربتنا في كل جوانب حياتنا، وهي دولة استعمارية عنصرية خارجة عن كل القوانين الدولية.
وقال الصفدي: إن المجلس المركزي سيناقش فرص المصالحة بين “فتح” و”حماس”، مؤكداً أن قطاع غزة لا يمكن فصله عن الضفة الغربية والمشروع الوطني، مؤكداً التصدي لمشروع ترمب و”صفقة القرن”.
وأشار الصفدي إلى أن إبقاء قطاع غزة على صفيح ساخن مصلحة إسرائيلية لتكريس الانقسام، وأن الأوضاع الاقتصادية في قطاع غزة سيئة، وأن الانقسام ينمو تدريجياً لانفصال.
الوضع معقد للغاية
من جانبه، استبعد المحلل السياسي د. نشأت الأقطش لـ”المجتمع” أن يقدم المجلس المركزي على قرارات دراماتيكية تتعلق بطبيعة العلاقة مع الاحتلال، أو حتى ما يتعلق بالعلاقات الاقتصادية التي تنظم العلاقات مع الاحتلال، لعوامل تتعلق بضعف السلطة الفلسطينية وعدم قدرتها على اتخاذ هكذا خطوات في وجه الاحتلال وواشنطن.
وأكد الأقطش أن الاحتلال قوض وجود السلطة الفلسطينية، والتنسيق الأمني استغلته دولة الاحتلال أفضل استغلال ولا يمكن أن نسمع جديداً، فالواقع معقد للغاية.
وأشار الأقطش إلى أننا نسمع منذ عام 2008 مطالبات وبيانات بتجميد العلاقة مع الاحتلال، وبإلغاء الاتفاقيات الموقعة مع الاحتلال، ولكن في حقيقة الأمر وللأسف لم تطبق تلك القرارات وبقيت حبراً على ورق، وتصريحات للاستهلاك الإعلامي، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن اجتماعات المركزي قاطعتها فصائل رئيسة على الساحة الفلسطينية وأبرزها “حماس” و”الجهاد الإسلامي” و”الجبهة الشعبية”، لذلك لا يوجد غطاء لا قانوني ولا سياسي لتلك الاجتماعات؛ لذلك “إسرائيل” لهذا السبب استقوت على الفلسطينيين نتيجة حالة الانقسام الداخلية الفلسطينية، وعدم وجود إستراتيجية وطنية فلسطينية موحدة يتم الانطلاق من خلالها لمقاومة الاحتلال.
وأوضح الأقطش أنه لو أوقفت السلطة الفلسطينية التنسيق الأمني فستأتي “إسرائيل” راكعة للرئيس الفلسطيني محمود عباس، لكنه لا يستطيع فعل ذلك لتعقيدات الوضع القائم في الضفة الغربية.
ويشار إلى أن المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية سبق وأن اتخذ قرارات مهمة في اجتماعاته السابقة، أبرزها ضرورة إعادة النظر في الاعتراف بـ”إسرائيل”، وتجميد كافة الاتصالات مع الاحتلال، والتحلل من اتفاق أوسلو، لكن هذه القرارات بحاجة لأدوات تنفيذ تمتلكها فقط اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية التي تحال إليها مثل هكذا قرارات من أجل تنفيذها على الأرض.
وكان الرئيس الفلسطيني محمود عباس لوح في خطابة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة الشهر الماضي بأن المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية سيتخذ سلسلة من القرارات المهمة، وأن السلطة الفلسطينية لم يعد بإمكانها الالتزام بالاتفاقيات مع الاحتلال من طرف واحد في ظل سياسة التغول الاستيطاني وقتل حل الدولتين وسن القوانين العنصرية.