لم يكن يتخيل المعلم الفلسطيني محمد أبو شعر عيد ووالدته المريضة من قرية “جينصافوط” شرق قلقيلية أن مشروعهم نقل زراعة العكوب من الجبل إلى السهل سيصل إلى دولة اليابان لزراعته هناك، وأن يكون له اهتمام عالمي من دول ألمانيا وفرنسا ومنظمة “الفاو” التابعة للأمم المتحدة.
وقال أبو شعر في لقاء معه: كنت أرافق والدتي في قطف ثمار العكوب من الجبال المحيطة، ولم نكن نجمع سوى كمية قليلة جداً، وكنا نتعرض إلى مضايقات المستوطنين وملاحقاتهم وعربداتهم وكذلك إلى ما يسمى بسلطة الطبيعة التي تمنعنا من قطف اي ثمار برية.
وأضاف: والدتي قالت لي: علينا أن نفكر في طريقة كي نحضر العكوب من الجبل إلى السهل عندنا في أراضي قريتنا، وفكرت في طريقة كي تتحقق الفكرة التي طرحتها عليّ والدتي، وقمت بجمع بذور العكوب وزراعتها داخل أرضنا بالقرية، ولم تنجح في بداية الأمر، وبعد بحث طويل في الفضاء الإلكتروني، تبين أن بذور العكوب تحتاج إلى جو بارد حتى تنمو بعكس بذور النباتات الأخرى، ونجحت الفكرة وأصبحت بذور العكوب تنمو في أراضينا داخل القرية، والناتج الاقتصادي من زراعة بذور العكوب أصبح أفضل من ناتج شجرة الزيتون وغيرها من المحاصيل البعلية.
اهتمام عالمي
واستطرد أبو شعر قائلاً: بعد نجاح المشروع جاءت منظمة “جايكا” اليابانية وطلبت شراء عشرات الآلاف من الأشتال لزراعتها في اليابان، والدفعة الأولى كانت 10 آلاف شتلة.
وأشار إلى أن هناك طلباً شديداً على شتلات العكوب، وقال: ولو كان عندي 200 ألف شتلة لتم بيعها بسهولة، وإنتاجي الآن 20 ألف شتلة.
وتابع حديثه: هناك مشروع تطويري لإنتاج أكبر عدد من الشتلات التي أصبحت محط اهتمام عالمي من حيث الطلب عليها أو دراستها من الناحية العلمية، حيث قدم وفد علمي من جامعة قولون الألمانية وأجرى دراسات على نبات العكوب، وكذلك باحث من منظمة “الفاو” التابعة للأمم المتحدة، حيث طلب معلومات عن زراعتها وكيفية الاعتناء بها وتسويقها، وما يتم إنتاجه.
وعن إنتاج الدونم الواحد من نبات العكوب قال أبو شعر: الدونم الواحد ينتج طناً من العكوب بمردود مالي ما بين 25 إلى 30 ألف شيقل، ويستمر الموسم لمدة شهرين، وبعدها يذوب النبات في الأرض، وبعد نزول الأمطار في فصل الشتاء تنمو البذور لتصبح شتلات.
وعن خصائص نبات العكوب بين أبو شعر أن نبات العكوب له ميزة امتداد جذوره إلى باطن الأرض ويزداد عمق الجذور سنوياً ما بين 20 – 30 سم، وعند زراعة البذرة في الأرض تحتاج إلى عامين حتى تنتج ثمار العكوب، بينما عندما يتم تشتيله في ذات العام تنتج الشتلة ثمار العكوب.
وأضاف: أصبح لدينا خبرة في زراعته وتشتيله وارتحنا من ملاحقة المستوطنين لنا وسلطة الطبيعة الإسرائيلية التي كانت تفرض علينا قيوداً قاسية، منها الاعتقال ومصادرة ما تم جمعه من ثمار العكوب وفرض غرامات مالية.
إنجاز بإمكانات محدودة
وقال المعلم الفلسطيني أبو الشعر: والدتي صاحبة الفكرة تعمل معي مع أنها مريضة بالسرطان، إلا أنها تقاوم المرض وتعمل في زراعة نبات العكوب، وجميع الوفود التي قدمت إلينا كانت تصدم من قدرة والدتي المريضة (67 عاماً) من قوة عزيمتها وإصرارها على العمل والإنتاج، فهي صاحبة همة لا تضعف أبداً.
وقالت الحاجة حُسن أبو شعر (أم أنور): أعمل مع ابني محمد في زراعة وتشتيل ثمار العكوب، وكنا نذهب بعيداً وصعود الجبال والتلال، كي نحضر كمية قليلة من ثمار العكوب وبعد خوف ورعب من المستوطنين، أما اليوم فقد أصبح لدينا العكوب داخل أراضينا القريبة على منازلنا ولا نحتاج إلى البحث بعيداً عنه، فقد ارتحنا من عذابات المستوطنين وملاحقة ضباط الإدارة المدنية، وكانت الكمية طوال الموسم لا تزيد على 30 كجم فقط، أما اليوم فالكمية كبيرة والجهد أقل، وهو أكلة شعبية تطبخ مع اللبن ومذاقها لا يوصف.
وأشار أحمد عيد، مدير دائرة الزراعة في محافظة قلقيلية، إلى أنه تم الاهتمام بمشروع تشتيل بذور العكوب، وعائلة أبو شعر هي السباقة في هذا المجال، وتم إحضار اليابانيين إليهم وقاموا بالتعاقد معهم لشراء شتلات العكوب وتصديرها لليابان، وهذا إنجاز فلسطيني بإمكانيات محدودة، فالمزارع الفلسطيني لو فتح له المجال في الأراضي المصنفة “ج” التي تسيطر عليها سلطات الاحتلال إدارياً وأمنياً؛ لكانت النتائج مذهلة، فهناك مشاريع زراعية يحرم منها المواطن الفلسطيني في الريف بسبب إجراءات الاحتلال والمستوطنين.