في عام 1916، أصدر البرلمان الكرواتي مرسوماً ينص على الاعتراف بالدين الإسلامي، كان ذلك في عهد حكم الإمبراطورية النمساوية الهنغارية (Austrogarska)، لتكون كرواتيا الدولة الثانية في أوروبا بعد النمسا التي تعترف بالإسلام بشكل رسمي، وفي عام 2016 أقيمت احتفالية خاصة بمقر البرلمان حضرته رئيسة الجمهورية بمناسبة مرور 100 عام على الاعتراف بالإسلام كما تم إصدار طابع بريد في كرواتيا بهذه المناسبة.
كما تجتمع العائلات المسلمة في المساجد خلال شهر رمضان حول مائدة إفطار جماعي، ويقضون في كل ليلة سهرة رمضانية في صلاة التراويح والدروس الإسلامية ثم السحور وصلاة الفجر، فماذا عن واقع الإسلام والمسلمين وشهر رمضان في كرواتيا؟
يقول د. خالد ياسين، الرئيس المساعد للمركز الإسلامي الثقافي في العاصمة “زاغرب” والجمعية الإسلامية: قبل أيام من حلول شهر رمضان، يتم توزيع طرود رمضان الغذائية على المحتاجين من العائلات المسلمة والمهاجرين العرب والمسلمين، كما تستعد المساجد والمراكز الإسلامية للصلوات وتنظيم إفطار جماعي يومي، والإعداد لمحاضرات ودروس إسلامية.
المقابلة.. زينة المساجد في رمضان
– يومياً تجد مشاهد حلقات قراءة القرآن في المساجد وهي تعرف باسم “مقابلة”، وهي كلمة تركية تشير إلى تجمع من الناس يجلسون معاً يقرؤون جزءاً من القرآن بالتناوب، بينما يستمع بقية الحضور وهم يمسكون بالمصاحف، كما يوضح د. ياسين، إذ تعقد يومياً بعد صلاة العصر مقابلة، فيقوم الحفاظ بقراءة القرآن غيباً فيما يتبعهم بالقراءة بقية الحضور، كما أن هناك مقابلة بعد صلاة الظهر للأطفال والشباب الصغار، وكذلك مقابلة للنساء بعد صلاة الظهر، ومقابلة بعد صلاة الفجر.
كيف تقضون أيام شهر رمضان في كرواتيا؟
– خلال شهر رمضان، يذهب المسلمون إلى المراكز والمساجد ويبقون فيها في أحيان كثيرة حتى صلاة الفجر، خاصة وأن الوقت بين الإفطار والسحور قصير، لا سيما في فصل الصيف، كما نقوم بالاتفاق مع بلدية “زاغرب” لتأمين مراكز تجمع في عدة أماكن خط سير للباصات لنقل المسلمين إلى المركز الإسلامي قبل صلاة التراويح ثم نقل مناطق تجمعهم مرة أخرى ليستقلوا الحافلات الاعتيادية لنقلهم إلى بيوتهم، بالإضافة إلى أننا في العاصمة نقوم بعمل إفطار جماعي لنحو 1500 شخص، بالإضافة إلى دعوة رئيسة الجمهورية ورئيس الحكومة والوزراء وأعضاء السلك الدبلوماسي لمشاركة المسلمين إفطارهم، وعادة ما نقيم هذا الإفطار في آخر أيام رمضان، فهو يكون إفطاراً وكذلك حفل استقبال لعيد الفطر وتهنئة رئيسة الجمهورية ورئيس الحكومة للمسلمين بعيد الفطر.
ومن الأنشطة الرمضانية أيضاً، البرامج التثقفية والمسابقات الدينية ومسابقة في حفظ جزء النبأ (الجزء الثلاثون) للصغار، ومسابقة في السيرة النبوية لطلاب المرحلة الثانوية، كما يتم تنظيم إفطار جماعي لنادي الشباب المسلم في زاغرب حيث يدعون الشباب من المدن الأخرى، وهكذا يكون بينهم تبادل في الدعوات والمشاركة في الإفطارات الجماعية المخصصة لفئة الشباب.
ماذا عن أحوال المسلمين عموماً في كرواتيا؟
– يمثل المسلمون نحو 1.5% من سكان كرواتيا، فهم حوالي 62 ألف مسلم، من إجمالي عدد السكان الذي يتجاوز 4 ملايين نسمة، معظمهم من الكروات، وأغلبيتهم يعتنقون المسيحيّة الرومانيّة الكاثوليكية، إلى جانب أقليات أخرى أرثوذكس وبروتستانت، بالإضافة إلى الوجود الإسلامي، وكرواتيا تقع في الجنوب الشرقي من أوروبا، عاصمتها وأكبر مدنها “زاغرب”، وهي استقلت عن يوغسلافيا عام 1991.
متى وصل الإسلام إلى كرواتيا؟
– وصول الإسلام إلى كرواتيا شهد 3 مراحل، الأولى تعود إلى منتصف القرن العاشر الميلادي عندما قدم الدعاة المسلمون من هنغاريا (بولغارا – Bolgara ) طلباً من ملوك مناطق أوغرسكا (Ugarska) واستوطنوا في كرواتيا في منطقة سلافونيا الشرقية (Slavonija) وسريم الغربي (Srijem)، وكتب عنهم العديد من المؤرخين الأوروبيين، والمؤرخين المسلمين مثل أبو حامد الأندلسي.
أما المرحلة الثانية، فقد كانت مع مطلع القرن الـ16 الميلادي عندما تقدمت الجيوش العثمانية ووصلت إلى كرواتيا وذلك في الأقاليم التالية سلافونيا (Slavonija) وليكا (Lika) وبقيت حتى نهاية القرن الـ17 الميلادي، وخلال الحكم العثماني لهذه المناطق في كرواتيا تم بناء أكثر من 200 جامع ومدرسة وكثير من المؤسسات الأخرى، بينما المرحلة الثالثة للوجود الإسلامي في كرواتيا، فكانت مع بداية القرن الـ20 الميلادي عندما بدأ ظهور المسلمين مجدداً وأخذ عددهم يزيد بشكل سريع.
هل تعترف كرواتيا رسمياً بالإسلام؟
– كرواتيا من أوائل من اعترف بالإسلام، ففي عام 1916 أصدر البرلمان الكرواتي مرسوماً ينص على الاعتراف بالدين الإسلامي، وكان ذلك في عهد حكم الإمبراطورية النمساوية الهنغارية (Austrogarska)، وكانت كرواتيا الدولة الثانية في أوروبا وذلك بعد النمسا التي تعترف بالدين الإسلامي بشكل رسمي، وفي عام 2016 أقام البرلمان الكرواتي احتفالية خاصة في مئوية الاعتراف بالإسلام كما تم إصدار طابع بريد في كرواتيا بهذه المناسبة.
ماذا عن المؤسسات التي تمثل المسلمين؟
– تعتبر الجمعية الإسلامية هي الهيئة الدينية والروحية التي تمثل مسلمي كرواتيا برئاسة الشيخ د. عزيز حسانوفيتش، المفتي العام لكرواتيا، وهذه الجمعية قائمة منذ عام 1916 وتعمل دون انقطاع، وهي جمعية رسمية مستقلة تتبع روحياً رئاسة علماء المسلمين في البوسنة والهرسك.
وللجمعية مجالس تنبثق عنها، ومنها: “مجلس الشورى الإسلامي”، ممثل التشريعية أو ما يعرف باسم البرلمان الإسلامي، يتكون من 23 عضواً يتم اختيارهم في انتخابات عامة لجميع المسلمين كل 4 سنوات، وينعقد مجلس الشورى مرتين سنوياً لإقرار ميزانية الجمعية ووضع اللوائح والمراسيم ومناقشة تقارير المجالس الإسلامية والمشيخة وغيرها، ويعتبر مجلس الشورى الإسلامي هو السلطة العليا للجمعية.
ثانياً: المشيخة الإسلامية (الإدارة التنفيذية)، وهي تعتبر الجهة الرسمية التنفيذية والسلطة العليا، وهي مؤسسة لها الصفة القانونية الاعتبارية في كرواتيا، وتقوم على تمثيل المسلمين لدى السلطات في كرواتيا، وكذلك تنظيم وتسيير ومراقبة الأعمال والنشاطات التعليمية والتربوية الدينية للمسلمين، ورئيس المشيخة الإسلامية هو المفتي العام للجمهورية، ويتم انتخاب رئيس المشيخة كل 7 سنوات.
بالإضافة إلى المراكز الإسلامية، ومنها المركز الثقافي الإسلامي في العاصمة زاغربن، والمركز الإسلامي في رييكا، ونحو 23 مسجداً تقام فيها صلاة الجمعة والصلوات الخمس، والأمانة العامة للمسابقة الأوروبية الدولية في حفظ وتلاوة القرآن الكريم، والمدرسة الثانوية الإسلامية د. أحمد إسماعيلوفيتش، ومؤسسة الوقف الإسلامي للجمعية الإسلامية، إلى جانب المجالس الإسلامية المحلية حيث يوجد في كل مدينة يعيش بها أكثر من ألف مسلم، مجلس إسلامي وللمجلس لجنة تنفيذية تقوم على إدارة المساجد.