أكدت المؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان (شاهد)، على أن قرار المحكمة الجنائية الدولية أخلاقي وقانونيّ؛ ويمهد الطريق لفتح تحقيق بارتكاب جرائم حرب، من جانب الاحتلال الإسرائيلي.
وأضاف مدير المؤسسة محمود الحنفي، اليوم الخميس، في مؤتمر صحفي بالعاصمة اللبنانية بيروت أن “القرار يعني توجيه التهم المباشرة إلى القادة العسكريين والسياسيين الإسرائيليين بالاسم، الذين ارتكبوا جرائم حرب ضدّ الفلسطينيين والعرب، إذ سيواجهون الاعتقال في أكثر من مئة دولة في العالم“.
وأصدرت المحكمة الجنائية الدولية “قرارا بموافقتها على التحقيق في جرائم حرب محتملة من قبل الاحتلال الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية، وقررت أن اختصاصها يمتد إلى الأراضي التي يسيطر عليها الاحتلال الإسرائيلي منذ حرب الأيام الستة عام 1967“.
ولفت مدير مؤسسة (شاهد) النظر إلى أن القرار ينطوي على أبعاد سياسية وقانونية بدرجة كبيرة من الأهمية، إذ يسمح بإدانة مجرمي الحرب “الإسرائيليين” وملاحقتهم وإصدار مذكرات توقيف بحقّهم، لمحاسبتهم، ويلزم دولة الاحتلال الإسرائيلي بسداد تعويضات مالية كبيرة لأسر الضحايا الفلسطينيين.
كذلك يؤكد القرار على الوضع القانوني للضفة الغربية وغزة والقدس، بوصفها أراضيَ فلسطينية ما زالت محتلة، وإعلاناً لبطلان قرارات الضمّ “الإسرائيلية” للأراضي الفلسطينية المحتلة، بما فيها قرار ضمّ مدينة القدس وفرض سيادته القانونية عليها وإعلانها عاصمة موحدة للكيان الصهيوني، وبطلان الاعتراف الأمريكي بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني ونقل السفارة الأمريكية إليها.
خطوات عملية
وتناول الباحث القانوني الخطوات العملية المتوجبة على الفلسطينيين على المستويين الرسمي والشعبي للاستفادة من هذا القرار، مشدداً على أن المرحلة اللاحقة بعد بداية التحقيقات ستشهد جمع الأدلة وتقديم الدعاوى والشهادات، وهذا يحتاج إرادة سياسية حقيقة من القيادة الفلسطينية التي تمسك بزمام السلطة، وتسخير الإمكانيات والتسهيلات والتعاون المطلوب مع المحكمة وفرق التحقيق لتحقيق ذلك، وتزويدها بالملفات المتعلقة بالجرائم الصهيونية، حتى لا تفرط بهذا الإنجاز التاريخي.
وأكد على أهمية عدم رضوخ السلطة للضغوط الدولية بوقف إجراءاتها القانونية لمحاسبة قادة الاحتلال على جرائمهم.
وفي السياق نفسه شدد “الحنفي” على أهمية دور المجتمع المدني الفلسطيني في ذلك؛ فهو مطالب بمراقبة عمل السلطة الفلسطينية من جهة، ومساندتها في معركتها القانونية ضدّ الاحتلال من جهة أخرى.
وكذلك تحدث مدير مؤسسة “شاهد” عن أبرز التحديات الدولية والإقليمية و”الإسرائيلية” والفلسطينية التي تواجه العدالة الجنائية الدولية في فلسطين، بالإضافة إلى المخاوف التي ترافق الدخول في مسار هذه العدالة.
وعن هاجس التخوف الذي يمكن أن تحدثه خطوة الانضمام للمحكمة الجنائية الدولية على المستوى الفلسطيني، من خلال الاعتقاد أنه من الممكن أن يستغل الكيان الصهيوني ذلك ويحاكم قيادات وعناصر المقاومة الفلسطينية على أفعال المقاومة، شدد “الحنفي” على أنه بالمقارنة بين الأعمال العسكرية التي تقوم بها المقاومة الفلسطينية وتلك التي يقوم بها الاحتلال، “نجد أننا أمام ضحية تقاوم بإمكانيات متواضعة وهذا أمر طبيعي وقانوني، وفي الحالة المعروضة أمامنا نتحدث عن شكل من أشكال الدفاع عن النفس الجماعي للشعب الفلسطيني، الذي تضمنه كافة قرارات الشرعية الدولية“.
خارطة طريق
وفي ختام مؤتمره الصحفي، رسم “الحنفي” خارطة طريق دولية للتعامل مع قرار محكمة الجنايات الدولية، داعياً إلى تشكيل مجموعة مناصرة للقضية الوطنية الفلسطينية على المستوى الدولي، وإلى تشكيل قوة ضغط عربية رسمية والعمل باتجاه تحقيق العدالة الدولية في فلسطين.
كذلك دعا إلى عقد قمة إسلامية استثنائية لمنظمة التعاون الإسلامي تخصص لبحث التطورات التي تشهدها القضية الفلسطينية، ولضمان مساندة الدول الإسلامية في هذا المسار الفلسطيني الجديد.
وفي الإطار نفسه، دعا إلى منح دولة فلسطين العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، وإلى اللجوء إلى محكمة العدل الدولية بصفتها محكمة ذات اختصاصين (استشاري وقضائي)، وإلى تطبيق قوانين تحظر استيراد السلع والخدمات من المستعمرات الإسرائيلية غير الشرعية في الضفة الغربية المحتلة، والعمل على فرض حظر السفر على قادة المستعمرات، بما يشمل رؤساء البلديات في المستعمرات.