مع اقتراب شهر رمضان، بدأت الدولة الصهيونية حملة دعاية كبيرة في الدول العربية لمنتجاتها من التمر الذي تزعم أنها تمتلك 75% من سوقه في العالم.
جمعيات ومنظمات عربية وأخرى تابعة لمسلمي أمريكا وأوروبا دشنوا 3 إبريل الجاري حملة “لا تفطر على تمر إسرائيلي” في رمضان القادم، وقاموا بتوعيه العرب والمسلمين بأنواع العلامات التجارية الصهيونية التي تبيع هذه التمور .
الحملة التي ركزت على المقاطعة، أوضحت أنه تحت مسمى “منتج أردني” أو “منتج في الضفة الغربية” وتزامنا مع قدوم شهر رمضان، يسعى الصهاينة إلى “السرقة العلنية لموارد الأراضي الفلسطينية”؛ وهو ما يجب مقاطعته.
التمر الصهيوني الذي يجري تصديره للدول العربية يطلق عليه اسم “المجهول”، وأصله تمر مغربي نسبوه لهم ويزرع حاليا في الأراضي المحتلة، ويزعمون أنه “ملك التمور” في العالم، وهو خليط هجين من الأنواع الفلسطينية والعربية الشهيرة.
أمست دولة الاحتلال مصدرة للتمور وفي مقدمتها صنف “المجهول” الذي يحتل شريحة قدرها 75% من السوق العالمية للتمور
وشهدت مواسم رمضانية سابقة شكاوى لمغردين عرب بالمغرب ودول خليجية أنهم صُدموا عقب شراء تمور (بلح) رمضان أن العبوات مكتوب عليها “صنع في إسرائيل”، وأنتجته شركات تسمى “بات شيفا” أو “جوردان ريفر” و”جوردان بلينز“.
ويوم 6 نوفمبر 2020 ذكرت صفحة الخارجية الصهيونية “إسرائيل بالعربية” أن “أول شحنة من التمر الإسرائيلي تم إرسالها إلى الإمارات بعد اتفاق السلام المبرم بين البلدين” في 15 سبتمبر 2020 في البيت الأبيض، وإعلان الإمارات 29 أغسطس 2020 “إلغاء قانون مقاطعة إسرائيل” الصادر عام 1972.
واعتبرت صحف عبرية أن هذه فرصة لتصدير التمور رسميا للدول الخليجية والعربية عبر أسواق الإمارات والسودان الذي ألغى أيضا مقاطعة الكيان الصهيوني في 6 إبريل الجاري، واعتبرته الخارجية الصهيونية انتصارا لها، وقالت: “انتهى عهد اللاءات الثلاثة: “لا صلح، ولا اعتراف، ولا تفاوض“.
وقالت الخارجية الصهيونية في تغريدة أخرى: “أمست إسرائيل مصدرة للتمور وفي مقدمتها صنف “المجهول” الذي يحتل شريحة قدرها 75% من السوق العالمية للتمور؛ حيث تنمو فيها 9 أنواع من التمور التجارية التي تم استقدامها من مختلف أنحاء العالم”.
وأكدت أن حجم تمر “المجهول” الذي تنتجه يصل إلى 40 ألف طن سنويا وزعمت أن “له مكان الصدارة على الموائد العربية“.
كيف سرق الصهاينة تمر العرب؟
تعترف صحيفة “ذا ماركر” الاقتصادية الصهيونية 1 مارس 2016 بسرقة الاحتلال الأصناف النادرة من الدول العربية والإسلامية خلال ثلاثينيات القرن الماضي؛ حيث بدأت الحركة الصهيونية منذ عام 1924 بزرع النخيل في مستوطنات طبريا، ونهلال، ودجانيا، وعين حرود، من أصنافٍ مصرية جلبها رئيس بعثة الاستيطان التابعة للهستدروت الصهيونية يوسيف فيتس.
هرب الصهاينة فسائل تمور من العراق والمغرب والجزائر وإيران، ويزرعونها حاليا على طول غور الأردن ووادي عربة
كذلك هرب الصهاينة لاحقا فسائل تمور من العراق والمغرب والجزائر وإيران، ويزرعونها حاليا على طول غور الأردن ووادي عربة حتى البحر الميت، وأنتجوا أنواعا من تمورها، وعلى رأسها “تمر المجهول“.
وسبق أن أجرت مؤسسة “أريج” الإعلامية تحقيقا استقصائيا، يفضح كيفية “تبييض” التمور “الإسرائيلية” من قبل التجار الفلسطينيين والصهاينة؛ حيث يتم تهريبها إلى مدن فلسطينية وإعادة تغليفها بأسماء عربية.
فقد تقمص معد التحقيق دور التاجر المهرب، وجال في ثلاثة مصانع صهيونية؛ باعتباره أحد تجار التمور، وهي: مصنع “ريمون إكسبورت” في مستوطنة “تومر”، ومزرعة “راميكفير” قرب مستوطنة “مسواة”، و”ميشك أرافيل” قرب مستوطنة “جلجال”، مدعيًا رغبته في اقتناء خمسة أطنان من تمر “المجهول” (يعرف أيضا باسم المجدول)، واشترط المحقق الصحفي على مسؤولي مزارع التمر الصهاينة أن تكون التمور محضرة في عُلب بعلامات تجارية عربية، وليست عبرية، فأخبروه “لا مانع لدينا من ذلك، لكن الأهم الحصول على المال وجني الأرباح“.
وهكذا تستطيع دولة الاحتلال تصدير تمورها لفلسطين، والبلدان العربية وأوروبا، عبر وسائط مقنعة، قد تكون على شكل شركات أو دول أو مهربين.
وتزعم دولة الاحتلال أنه من مجمل الاستهلاك العالمي لصنف “تمر المجهول” البالغ حوالي 40 ألف طن سنويًا، تنتج هي 30 ألف طن بحسب هيئة مزارعي النخيل في الكيان الصهيوني؛ أي أنها تمتلك 75% من سوق إنتاج هذا الصنف حول العالم.
وتشير تقارير اقتصادية إلى أن حجم سوق التمور العالمي حوالي 8 مليون طن، تنج دولة الاحتلال منه حوالي 40 ألف طن، بتركيز تبلغ نسبته 80% على صنف المجهول الذي يعود موطنه الأصلي إلى المغرب العربي.
ويأتي معظم إنتاجها من المستوطنات في الضفة الغربية، وعلى رأسها “الغورن”، وتنتج 30 ألف طن سنويًا من تمر “المجدول”؛ أي 75% من الإنتاج العالمي، وهو نوع قرصنته –كما أشرنا- من المغرب؛ إذ ينتشر بكثرة في المناطق الشرقية بالمغرب.
وتقوم “حركة مقاطعة إسرائيل” في المغرب ودول عربية أخري بخوض حملات واسعة من أجل مقاطعة التمور القادمة من الدولة الصهيونية، وأوقفت العشرات من المتاجر في الأسواق المغربية والجزائرية تسويقها لهذا المنتج، في شهر رمضان بعد اكتشافها في مواسم سابقة.
ويقول تقرير لوزارة الاقتصاد الفلسطينية وزارة الاقتصاد الوطني، إن شركات إسرائيلية متخصصة في تسويق التمور تنشط بالالتفاف على قرار مقاطعة منتجات المستوطنات في الأسواق الأوروبية.
تزعم دولة الاحتلال أنها تنتج 30 ألف طن سنويا من تمر المجهول من مجمل الاستهلاك العالمي له البالغ حوالي 40 ألف طن
وكشفت الوزارة في بيان سابق قيام بعض الشركات الصهيونية باستغلال موسم قطاف التمور الفلسطينية لتمرير تمور المستوطنات في الأسواق الدولية من خلال تعبئة هذه التمور تحت مسميات دينية منها’ هولي لاند The Holy Lan. واستخدام شعار ‘قبة الصخرة’، كما أنها تقوم بإغراء بعض التجار غير المحسوبين على القطاع التجاري الفلسطيني بشراء تمور صهيونية، ومن ثم إعادة تعبئتها باسم منتج فلسطيني.
تتفوق على مصر في التصدير
وأكد تقرير رسمي صادر عن وزارة الزراعة المصرية ديسمبر 2017 أن “إسرائيل تتفوق على مصر في تصدير التمور للخارج بسبب سيطرتها على أراض فلسطينية مزروعة بنخيل البلح”.
وأظهر التقرير أن إجمالي الصادرات المصرية من التمور بلغ 33.6 مليون دولار أمريكي في عام 2015 بكمية بلغت 26.4 ألف طن من إجمالي 888 ألف طن تمور هي حجم التجارة العالمية للتمور، تذهب 91% منها لأسواق المغرب وإندونيسيا وماليزيا.
كما كشف أن دولة الاحتلال تحتل المرتبة الثانية في قيمة صادرات التمور بقيمة 139 مليون دولار، يليها السعودية، فالإمارات، فإيران، فباكستان، فالعراق، فأمريكا، فالجزائر، ففرنسا، ثم مصر، وتمثل صادرات الدول سابقة الذكر 88% من إجمالي قيمة صادرات التمور في العالم في عام 2015.