بيانات الكتاب:
اسم المؤلف: أحمد طه.
عنوان الكتاب: المثلية الجنسية بين الإسلام والعلمانية.
عدد صفحات الكتاب: 205 صفحات.
الطبعة الأولى: 1442هـ/ 2021م.
موضوع المثلية الجنسية (الشذوذ) من الموضوعات التي وجدت لها نشاطاً وحراكاً عالمياً لدعم حقوقهم (الشواذ)، وتنشط جميع المؤسسات الغربية على اختلاف تنوعها لدعم هذا المجتمع، والدفاع عن حقوقه، ومباركة حركته العالمية.
أما موضوع حقوق الشواذ في بلادنا، فهو من الموضوعات الشائكة والحساسة، وإن كانت محاولة تطبيعها تظهر بين الحين والآخر، من خلال جهود شذاذ الآفاق على مستوى العالم في وسط التطبيع الفني، ومن خلال المؤتمرات التي تدعمها جهات مشبوهة، وعبر المبادرات ومنظمات حقوق الإنسان والحركات النسوية.. إلخ.
هذا الكتاب:
على المسلم ممارسة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في نفسه ومجتمعه وعالمه وفق ميزان الإسلام
يُحاول هذا الكتاب تقديم مقاربة حول فهم موضوع «المثلية الجنسية» من منظورها العلماني الغربي، ومن منظورها الإسلامي، ويُجيب عن تساؤلات مهمة، مثل: كيفية التعاطي مع المثلية؟ وهل «المثلية الجنسية» حالة طبيعية، أم حالة مرضية؟ وإذا كانت حالة مرضية فما العلاج؟ وهل نظرة الإسلام للمثلية تختلف عن نظرة العلمانية لها؟ وكيف نتعامل مع المثليين؟ وهل يصح دعم حقوقهم كما فعل الغرب؟
محتوى الكتاب:
يضم الكتاب جملة من الموضوعات التي تناولت موضوع المثلية الجنسية بين الإسلام والعلمانية، جاءت على النحو التالي:
– طبيعة الإسلام.
– طبيعة العلمانية.
– مُحددات المعرفة في الفكر العلماني.
– مُحددات المعرفة في الفكر الإسلامي.
– وسائل التبشير بالعلمانية.
– هل المثلية الجنسية جريمة؟
– كيف تم تطبيع المثلية في الغرب؟
– الهوية الجندرية (The Gender Identity).
– رُهاب المثلية (Homophobia).
– كيف يتم تطبيع المثلية في بلادنا؟
– أسباب وفهم المثلية الجنسية.
– الموقف الغربي من علاج المثلية.
– العلاج التصحيحي الترميمي.
– هل يوجد علاج إسلامي للمثلية؟
الإسلام يحكم
العلمانية ترتكز في أحد محدداتها المعرفية على فكرة تأليه الإنسان والإيمان بالفكر المادي وحده
يرسم المؤلف تحت عنوان «الإسلام يحكم» الصورة الشاملة للإسلام باعتباره منهج حياة؛ حيث يؤكد أن الإسلام ليس أحكاماً فحسب؛ بحيث يُرجع إليه في الفتاوى فقط، إنما هو ابتداء يقدم تفسير الحياة والوجود والإنسان، ثم يقرر أسس الإيمان والاعتقاد، ثم الشرائع والأحكام، ويحدد الصواب من الخطأ، والحق من الباطل، والإيمان من الكفر، ثم لا يقف سلبياً بعد ذلك، فهو يمثل «المرجعية العليا والسيادة على الإنسان»، سواء أكان فرداً أم مجتمعاً أم نظاماً، ويجعل لكل منهم مسؤولية «الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» في النفس والمجتمع، ولا يقف على الحياد أمام الباطل، ولا يترك الحق أعزلَ، والأمة المسلمة شاهدة على الناس -على غيرها من الأمم- وتحكم عليهم بميزان الله، فما وافق الكتاب كان هو الحق الذي نتعاون عليه، وما خالف الكتاب هو الباطل الذي يجب فضحه ودمغه، ومقاومته وجهاده.
وانطلاقاً من هذه الفكرة، يرى المؤلف أن المسلم يقوم بوظيفة إقرار سيادة الإسلام في كل مجال ونشاط، وهذه وظيفة عامة لكل مسلم، ودور المسلم أن يمارس وظيفة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في نفسه ومجتمعه وعالمه البشري كله، وحسب طبيعة هذه الوظيفة، فإنه يقرر تحديد ما هو معروف، وما هو منكر وفق ميزان الكتاب، الذي يجب أن يدور معه حيث دار.
والآيات القرآنية والأحاديث النبوية مستفيضة في هذا الجانب، منها على سبيل المثال: قوله سبحانه: {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْراً لَّهُم مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ} (آل عمران: 110)، وقوله تعالى: {وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (آل عمران: 104)، وفي الحديث الشريف: «والذي نفسي بيده، لتأمُرُنَّ بالمعروف، ولتنهَونَّ عن المنكر، ولتأخذنَّ على يد السفيه، ولتأطرنه على الحقِّ أطراً، أو ليضربَنَّ الله بقلوب بعضكم على بعض، ثم يلعنكم كما لعنهم» (مشكل الآثار للطحاوي: 1163).
فلا بد من إنكار المنكر بكل وسيلة، حتى إن عجز الإنسان عن الإنكار باليد واللسان، فيجب أن يظل ينكره بقلبه؛ حتى لا يستسيغ القلب المنكر، ويتعود عليه، ويتقبله، ويتعايش معه! فيؤدي إلى انتكاسة المعروف، وفقدان الإنسان أساس الإيمان بالكلية.
تشكيل المصطلح كان المدخل الأول لتطبيع المثلية الجنسية وتسميتها بغير اسمها على الحقيقة
طبيعة العلمانية
على النقيض مما سبق، يرى المؤلف أن الفلسفة الغربية العلمانية (سواء الليبرالية والإلحادية واليسارية.. إلخ) لها هي الأخرى معايير للحق والباطل، والخطأ والصواب، والإيمان والكفر مستمدة من فلسفة اليونان والإغريق والرومان، ومستمدة من الأديان القديمة، ومستمدة من فلاسفة عصر التنوير –بزعمهم– ومستمدة من فلسفات دارون، وفرويد، وماركس، وجاك جاك روسو.. إلخ، وتضع لنفسها الموازين التي تفهم بها الحياة وتفسرها، وتفسر بها نظرتها للإنسان والوجود والتاريخ والأخلاق وتحدد بها النظم السياسية والاجتماعية والأخلاقية والفلسفية.
وتقوم العلمانية على محددات معرفية ثلاثة، هي:
1- ذاتية ومادية المعرفة: بمعنى عدم إعمال أي مقاييس خارجة عن ذات الإنسان؛ أي استبعاد العامل الغيبي، مثل: الله عز وجل أو وحيه إلى أنبيائه، أو وساوس الشيطان؛ أي: فكرة تأليه الإنسان والإيمان بالفكر المادي وحده، وهذا ما أشار إليه القرآن الكريم في وصف هذا المنهج بقوله تعالى: {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ} (الجاثية: 23).
2- الذوق والتجربة الذاتية: بمعنى القياس على التجربة والذوق البشري، فما يقرره علماء النفس –مثلاً– من خلال تأملاتهم، وملاحظاتهم وفلسفاتهم وتجاربهم مع أنفسهم أو مع مرضاهم سيصبح علماً مثل العلوم التجريبية كالفيزياء، والكيمياء، والطب، ويجب أن تأخذ نفس التقدير والأهمية والانتشار العالمي حتى لو كانت مصادمة للدين والعقل والفطرة.
3- فصل العلم عن الدين: تعتبر العلمانية –خاصة المدرسة العلمية الغربية- أي حديث عن الدين في السياق العلمي، حتى الفلسفي منه، حديثاً «غير علمي»، وشاذاً على الوسط العلمي، وتريد أن تفصل فصلاً تاماً بين «العلم»، و«الدين»، وأن يكون العلم في موضع المرجعية والسيادة ويعلو ولا يُعلى عليه، ولا تريد حتى أن يكون الدين في موضع الند مع العلم، حتى في المساحة التي يتقاطع فيها العلم مع الدين.
ولا يريد العلم من المنظور العلماني الغربي التقارب مع الدين مطلقاً، فهو لا يريد أن يشعر حتى بالتوافق في بعض الجوانب؛ بل يريد أن يتحول الدين نفسه إلى «علم» قابل للنقد، والتحليل، والتفكيك، والتركيب، والحكم عليه، ورد وإنكار ما يشاء منه، مثلما يفعل مع المادة تماماً، أو مع ما يفعله من الفلسفات والأيديولوجيات! ويحارب أن يكون للدين أي مكان في المرجعية والسيادة والحاكمية.
مصطلح «الهوية الجندرية» محاولة لفلسفة الشذوذ بطريقة لم تخطر على بال قوم لوط أنفسهم
وقد اعتبر ويليام رايش، في كتابه «الثورة الجنسية» الصادر في عام 1936م، أن اضطهاد الميول الجنسية غير الطبيعية مثل «المثلية الجنسية» عمل الدولة الاستبدادية التي تقمع النشاط الجنسي الطبيعي لمواطنيها، وهو يساري ملحد، يعتبر مؤسسة الأسرة والزواج مؤسسة رأسمالية يجب القضاء عليها، فالرجل يفسر الحياة والجنس والسياسة من خلال إيمانه العميق بالشيوعية والماركسية، وهو التلميذ النجيب لفرويد، فهل من المعقول أن تعتبر هذه المقولات بمنزلة العلوم التجريبية التطبيقية كالفيزياء والهندسة والرياضيات سواء وصلت لغلو الملحدين أو كانت دونه؟!
وسائل التبشير بالعلمانية
يشير المؤلف إلى أن التبشير بالفلسفة الوضعية العلمانية الغربية مضى على نفس طريق المنصّرين؛ حيث حاول المنصّرون التبشير بالمسيحية في البلدان الإسلامية وإخراج المسلمين من دينهم، فعجزوا عن إقناع المسلمين بالمسيحية، وأصيبوا بخيبة أمل كبيرة، وفي مؤتمر القدس عام 1935م الذي كان يناقش «التنصير في العالم الإسلامي»، قال صموئيل زويمر: «ينبغي للمبشرين ألا يقنطوا إذا رأوا نتيجة تبشيرهم للمسلمين ضعيفة؛ إذ إن من المحقق أن المسلمين نما في قلوبهم الميل الشديد إلى علوم الأوروبيين وتحرير النساء»، وقال: «مهمة التبشير التي ندبتكم لها الدول المسيحية في البلاد الإسلامية ليست في إدخال المسلمين في المسيحية، فإن في هذا هداية لهم وتكريماً، وإنما مهمتكم هي أن تُخرجوا المسلم من الإسلام ليصبح مخلوقاً لا صلة له بالله، وبالتالي لا صلة له بالأخلاق التي تعتمد عليها الأمم في حياتها».
وذكر المؤلف العديد من وسائل تطبيع العلمانية والتبشير بها، ومنها:
– زعم العلم التجريبي التطبيقي.
– تقديس الفلسفة العلمانية ورموزها والتسويق لأفكارها.
– تفكيك وتسييل المفاهيم والثوابت ونسبيتها.
– تدمير الثوابت الإسلامية.
– تحييد الفكر الغيبي وتأليه الإنسان.
– نشر الفواحش بين الشباب بدعوى الحرية الشخصية، مثل المثلية الجنسية، أو ما يسمى بالإنجليزية، اختصاراً «LGBT+».
الشذوذ انحراف سلوكي وتربوي وإيماني عن الفطرة السوية وليست له أسباب بيولوجية وعلاجه بالرجوع للفطرة السوية
ويشير المؤلف إلى أن المثلية فاحشة وجريمة، فقد أرسل الله تعالى لوطاً عليه السلام لقومه الذين يأتون هذه الفاحشة القبيحة، وقد ذكر القرآن الكريم قصة نبي الله لوط عليه السلام مع قومه في سور «الأعراف، هود، الأنبياء، النمل، العنكبوت، الحجر، الشعراء، القمر»، ولقد وصفهم القرآن الكريم بالقوم المجرمين الفاسقين بسبب هذه الفاحشة المقززة: {قَالُوا إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمٍ مُّجْرِمِينَ} (الذاريات: 32).
وأركان الجريمة جاءت على النحو التالي:
1- ممارسة الفاحشة مع الذكور: قال سبحانه وتعالى: {أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ (165) وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُم بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ} (الشعراء).
2- اعتراضهم على إنكار نبيهم عليهم: قال الله جل وعلا: {قَالُوا أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعَالَمِينَ} (الحجر: 70).
3- محاربة من ينكر عليهم المنكر: قال جل في علاه: {وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَن قَالُواْ أَخْرِجُوهُم مِّن قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ} (الأعراف: 82).
4- الجهر بالفاحشة دون توبة أو خجل بدعوى الحرية الشخصية: قال تعالى: {وَلُوطاً إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ وَأَنتُمْ تُبْصِرُونَ} (النمل: 54).
ويشير المؤلف إلى ملمح مهم، وهو أن تشكيل المصطلح كان المدخل الأول لتطبيع المثلية الجنسية وتسميتها بغير اسمها على وجه الحقيقة كما ورد في القرآن الكريم؛ فالإسلام يسمي هذه الفاحشة بـ«عمل قوم لوط»، أو الشذوذ عن الفطرة السوية، أو القوم العادين المجاوزين للحدود والفطرة، أو المؤتفكات الخاطئة، إشارة إلى تدمير قوم لوط حيث جعل عاليها سافلها بسبب هذه الفاحشة والكفر بالله عز وجل، وجاء في الحديث بإسناد حسن: «لعن الله من عمل عمل قوم لوط» قالها ثلاثاً في عمل قوم لوط (الطبراني في الأوسط 8/234، والحاكم 8053 وصححه، وصححه الألباني لغيره في الترغيب 2420).
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به» (أبو داود 4462، والترمذي 1456، وابن ماجة 2561، والبيهقي في الشعب 5387، وصححه الألباني في الترغيب 2422)، وبهذا التوصيف تعد المثلية جريمة كبرى تعبر عن الهالكين اللعناء المجرمين.
أما في الغرب، فتسمية الفاحشة الشاذة هي «Homosexuality»، وهي كلمة من مقطعين «Homo» وتعني المماثلة، و«sexuality» وتعني النشاط الجنسي؛ فيكون معنى المصطلح المركب هو «مثلي الجنس»، أو «المثلية الجنسية»، وتم نحت هذا المصطلح في القرن التاسع عشر تقريباً.
ويسرد المؤلف تطور المصطلح في الغرب عبر مراحل زمنية مختلفة، ويبين ما تحمله من دلالات وموازين قيمية غربية، والمختصرات التي تم نحتها لتجميل الفاحشة الشاذة وتغيير وجهها المقزز بصور مختلفة مثل اختصار «ssm»؛ أي الزواج من نفس الجنس، وهو مختصر لتعبير «same sex marriage».
بعض المنظمات والمؤتمرات الدولية تشترك مع الشياطين في تزيين هذه الفاحشة بدعوى حقوق الإنسان
فلسفة الشذوذ الجنسي
يرى المؤلف أن أهم وأخطر خطوة هو اختراع ما يسمى «الهوية الجندرية»، وهي من أخطر الأساليب في تطبيع هذه الفاحشة الشاذة؛ لأنها محاولة لفلسفة وعقلنة الشذوذ بطريقة لم تخطر على بال قوم لوط أنفسهم! ولا حتى الشيطان نفسه، بحسب المؤلف.
فكلمة «Gendre» تعني «النوع الجنسي»، بمعنى أن تحديد هوية نوع الإنسان متروك للإنسان ذاته، ويعتبر هذا التحديد طبقاً لهذه الفلسفة من أصول الحرية سواء أكانت من منظور ليبرالي أم منظور يساري راديكالي، ويرتبط بموضع الهوية الجندرية موضوع لصيق به وهو التوجه أو الميل الجنسي (sexual Orientation)، وهو أن الإنسان هو الذي يحدد لنفسه ما يشاء من الميول الجنسية، فيصبح تحديد «نوعك الجنسي» لا علاقة له بالخلقة التي خلقك الله عليها (ذكراً أو أنثى)، إنما هو اختيار ذاتي، يرجع لرغبة الشخص ويحول نفسه بعملية جراحية متى شاء، وهذه الفلسفة تدمر كل تعريف للإنسان، وتفكك كل الثوابت والمفاهيم الفطرية والدينية باسم العلم والأبحاث والحرية الشخصية وحقوق الإنسان، وكلها دعاوى زائفة هدفها تفكيك وتدمير الأسرة المسلمة التي هي الركيزة الأساسية في بناء المجتمع الإسلامي والدرع الحصينة.
ويؤرخ المؤلف لمؤسس الفلسفة الجندرية ثم يتطرق لمبادئ يوجيا كارتا، وقد تم تبني منظمة الأمم المتحدة لمبادئ يوجيا كارتا حول تطبيق القانون الدولي على قضايا الميل الجنسي والهوية الجنسية، التي هي بداية الطريق لوثيقة دولية تحمي حقوق المثليين، فقد كانت إحدى المحطات المهمة في مسيرة وضع هذه المبادئ ندوة دولية ضمت 29 خبيراً دولياً في قضايا حقوق الإنسان، منهم خبراء قانونيون، انعقدت في جامعة «جادجاه مادا» في يوغياكارتا بإندونيسيا، بين 6 – 9 نوفمبر 2006م، وهي تؤكد المعايير القانونية التي ينبغي للحكومات والفعاليات الأخرى اتباعها؛ لإنهاء العنف والإساءة والتمييز بحق المثليين، وذوي الجنس المزدوج، والمتحولين جنسياً، وضمان المساواة التامة لهم.
ثم يتحدث المؤلف عن «مشروع تريفور»، وهو مؤسسة أمريكية غير ربحية أنشئت عام 1988م، وهي تركز على الاهتمام بالجهود المبذولة في منع الانتحار بين شباب السحاقيات، والمثليين، ومزدوجي التوجه الجنسي، والمتحولين جنسياً، وأحرار الجنس، والمتحيرين جنسياً أو ما يطلقون عليهم «مجتمع الميم».
وقد قامت هذه المنظمة بتفكيك وتسييل مفهوم الإنسان وتدمير ثنائية الجنس التي خلق الله الناس عليها (ذكراً وأنثى)، وتدمير ثنائية الانجذاب الفطري (الرجل للمرأة والمرأة للرجل) ليخلق هويات جندريات متعددة لا علاقة لها بالدين ولا الفطرة ليصبح من الطبيعي انجذاب الرجل للرجل أو المرأة للمرأة.
خلاصات الأفكار:
تناول المؤلف موضوع المثلية الجنسية بكل أبعاده ومن زواياه المختلفة، وفق المنظور الإسلامي والعلماني والنفسي.
ومن الخلاصات التي يمكن أن نشير إليها في هذا الصدد ما يلي:
– لا توجد أسباب بيولوجية قاهرة لا هرمونية ولا جسدية تدفع الإنسان للشذوذ، ومن ثم فهو انحراف سلوكي وتربوي وإيماني عن الفطرة السوية، ويكون علاجه بالرجوع للفطرة السوية.
– الفاحشة الشاذة هي «شهوة جنسية» بالأساس ذكرها القرآن الكريم في قصة قوم لوط {إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ النِّسَاء بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ} (الأعراف: 81)، وعاقبهم الله عز وجل عليها بالهلاك، والإسلام لم يحارب الرغبة الجنسية بل جعلها وسيلة لتستمر بها الحياة والنسل، وليتمتع بها الإنسان إلى حين في إطار الزواج الشرعي بين رجل وامرأة، وحاطها بالسكن والمودة، والرضا والطمأنينة.
– أهم عامل نفسي في ارتكاب أي جريمة وأي فاحشة هو تزيُّنها في نفس صاحبها؛ فمهما بلغت درجة القبح والتسافل فإن التزين يستطيع أن يخفي القبح والدمامة والقذارة لبعض الوقت، وهذا ما نشاهده بوضوح في المثلية الجنسية التي تزينها منظمات ومؤتمرات دولية بدعوى حقوق الإنسان.
– الشيطان ضعيف لا يملك سلطاناً على الإنسان، اللهم إلا هذا التزيين لكل قبيح فهو يستغل شهوة الإنسان ويلح عليه ويتلاعب بأعصابه وفكره ويقفز في حنايا مشاعره في لحظات الضعف حتى يستسلم له فينسلخ الإنسان من فطرته التي فطره الله عليه، وهذا ما نشاهده في حالات المثلية الجنسية وتحول الشباب إلى فتيات والعكس، والعياذ بالله.
– المثلية الجنسية ليست مرضاً مزمناً أبدياً، بل عرض لمظاهر كثيرة، ويمكن علاجه بالتوبة والرعاية النفسية والعاطفية السليمة، والتربية الحسنة وتوفير الأجواء الإيمانية، والحماية من التحرش منذ الصغر، وغرس الحياء، والتشجيع على الزواج وتيسير سبله، وعدم الاختلاط بين الذكور والإناث، وغيرها من الأسباب والوسائل العملية.