شكك عدد من الخبراء فيما أعلنته الإدارة الأمريكية مؤخراً بأنها ملتزمة بحل لأزمة سد النهضة يرضي جميع الأطراف، لافتين إلى أن هذه مناورات أمريكية وليس هناك جديدة حقيقة لحل هذه الأزمة، بل استهلاك مزيد من الوقت حتي تصعب الأمور على مصر والسودان.
وأضافوا في تصريحات خاصة لـ”المجتمع”، أنه بالفعل لدى إدارة بايدن أوراق ضغط على إثيوبيا لو استخدمتها لساهمت في حل الأزمة، ولكن هناك عدة عوامل تمنع ذلك سواء، باهتمام بايدن بتهديدات الصين وروسيا، أو بربط ذلك بملف حقوق الإنسان بمصر، وصولاً إلى تفعيل السد ومحاولة الاستفادة منه بشكل أو بآخر.
وكانت الولايات المتحدة قد أعلنت مؤخراً أنها ملتزمة بحل للأزمة يرضي جميع الأطراف، رغم رفض إثيوبيا التوقيع على اتفاقية ملزمة بشأن سد النهضة، وذلك على لسان مسئولين أمريكيين زاروا القاهرة والسودان مؤخراً وتناولت عدد من وسائل الإعلام هذه التصريحات.
حافظ: أوراق لدى الإدارة الأمريكية في عهد بايدن لاستعمالها في أزمة السد
أوراق مرهونة بمطالب أمريكية
من جانبه قال خبير السدود محمد حافظ: أعتقد أن هناك أوراق لدى الإدارة الأمريكية في عهد بايدن لاستعمالها في أزمة سد النهضة، ولكن يبدو أن اهتمام بايدن بأفريقيا وأزمة سد النهضة وغيرها ليس بالقدر الذي يجعله أن يوظف هذه الأوراق على الأقل في الوقت الحالي.
وهذا يعود لسببين بحسب خبير السدود، الأول ويكمن في التركيز على منافسي أمريكا عالمياً وهما الصين وروسيا وهو ما يؤرق إدارة بايدن ويحتل الاهتمام الأول لها، فضلاً عن تعهد بايدن بعدم تورط أمريكا في أزمات دولية على خلاف إدارة ترامب التي تدخلت بشكل مباشر في الأزمة، بل وفرضت عقوبات على أديس أبابا.
خضري: لا توجد رغبة حقيقية عند صانع القرار الأمريكي في الضغط على إثيوبيا
لا رغبة أمريكية حقيقية
أما رئيس المركز المصري لدراسات الإعلام والرأي العام مصطفى خضري فيرى أن هناك فرق بين قدرة الولايات المتحدة على الحل ورغبتها فيه، فصانع القرار الأمريكي يناور لصالح الملاك الحقيقيين للسد وهم البنك الدولي وشركاؤه من الشركات متعددة الجنسيات، ويرغب في استهلاك الوقت لصالح اكتمال بناء السد.
وحول السيناريو المتوقع لمثل هذه المحاولات يقول خضري لـ”المجتمع”: سيقوم صانع القرار الأمريكي بعمل مشاورات ولقاءات واجتماعات ليس فيها جديد، ثم سيتم تدشين مبادرة غير ملزمة لإثيوبيا ويمكنها التنصل منها وقت الحاجة، وستستمر تلك الدائرة حتى يكتمل بناء السد، وبذلك تصبح مصر أمام أمر واقع، فالوقت يضيق وليس أمام الجانب المصري إلا أشهر معدودة قبل بداية موسم الفيضان القادم، والذي إن بدأ؛ سيصعب من قدرة مصر على توجيه ضربة عسكرية تجاه السد.
وينهي كلامه بالقول: حتى الآن لا توجد رغبة حقيقية عند صانع القرار الأمريكي في الضغط على إثيوبيا، حيث أن السد الإثيوبي يمثل نواة لمشروع دولي يتم تدشينه للتحكم في مصادر المياه حول العالم، والولايات المتحدة شريك رئيسي في هذا المشروع الذي يتم بتمويل من البنك الدولي، ولكن ربما تفرض التغيرات الدولية الأخيرة خاصة بعد التراجع الاستراتيجي للولايات المتحدة أمام الصين؛ رؤية مغايرة ترجح كفة مصر في بنك الأهداف الدفاعية الأمريكية وتجعل لها وزن نسبي أكبر من مشروع السد الإثيوبي، وتتغير المعادلة تماماً.
أبو الخير: أمريكا هي من صنعت الأزمة وتحركها كيفما تريد
مرواغة وتوظيف
وبدوره، يقول خبير العلاقات الدولية سيد أبو الخير: نعم بوسع أمريكا فعل ذلك لو أرادت من خلال ضغوط اقتصادية وسياسية وحتى قانونية مثل إصدار قرار من مجلس الأمن بوقف العمل في السد، والاقتصادية تتمثل في وقف التمويل للسد من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي للانشاء والتعمير وغيرها.
وأضاف أبو الخير لـ”المجتمع”: أعتقد أن أمريكا لا تريد ذلك لأنها هي من صنعت الأزمة وتحركها كيفما تريد.