لم تتوقف عربدات المستوطنين على الأرض بسرقتها ومصادرتها من أصحابها، بل تعدى ذلك إلى إطلاق حيواناتهم لإيذاء أصحاب الأراضي الفلسطينية المحيطة بالمستوطنات.
القرى الواقعة بين محافظتي قلقيلية وسلفيت تنتشر فيها ظاهرة تخريب الأراضي والأشجار من قبل هذه الحيوانات، وهي عبارة عن خيول وأغنام، وأبقار، والمساس بها يعرض الفلسطيني إلى عقاب مزدوج من خلال محاكمته وفرض غرامات مالية عليه.
يقول أحمد بركة، من قرية ديراستيا في محافظة سلفيت: كانت الخنازير تهاجم أراضينا، واليوم أضيف لها حيوانات للمستوطنين، حيث يتم إطلاقها في أراضينا وتحت حراسة من أمن المستوطنات، والاعتراض على ذلك قد يكلف المواطن حياته، فلا قيمة للإنسان في ظل الاستيطان، والخيول التي تجوب أراضينا أفضل وأكثر قيمة منا في نظر المستوطن العنصري وحكومته اليمينية.
ويضيف: نتحسر على أشجارنا التي ترعى من قبل تلك الحيوانات، ونحن لا نستطيع حمايتها، فهذا الأمر يزيد من ألمنا، ولا نملك إلا البكاء على حالنا التي وصلت إلى أن تتحكم بنا حيوانات المستوطنين.
ويؤكد الخبير النباتي بنان الشيخ أن الاستيطان الجاثم على أرضنا لا ينجم عنه إلا التخريب والمضايقة لممتلكات المواطنين، وتخريب البيئة، فمصانع المستوطنين تهاجم ممتلكاتنا وتخرب علينا بيئتنا، وحيواناتهم تكمل الدور في تدمير الأشجار والمزروعات البعلية التي يعتاش منها الأهالي وتشكل لهم مصدر رزق سنوي.
ويوضح المهندس الزراعي رائد بغدادي أن هذه الحيوانات تقضي على الثروة النباتية، كون الرعي الذي تقوم به يسمى الرعي الجائر الذي ينجم عنه تخريب الغطاء النباتي بشكل متعمد ومقصود، مشيراً إلى أن المزارع الفلسطيني لا يستطيع محاسبة أصحاب هذه الحيوانات كونهم من المستوطنين، ولا تتقبل أي جهة صهيونية الشكوى على المستوطنين فهم فوق القانون.
ويبين بغدادي أن وزارة البيئة الصهيونية لا تحرك ساكناً تجاه ما يجري من عدوان على البيئة الفلسطينية، لافتاً إلى أن هناك خطراً أكبر من ظاهرة الحيوانات تتمثل بالمياه الكيميائية التي تحرق الأشجار المعمرة وتحولها إلى أشجار يابسة وناشفة كما يحدث في هذه الأثناء في مصانع مستوطنة عمانويل المطلة على واد قانا شرق قلقيلية، ومئات الأشجار المعمرة من الزيتون هناك شاهدة على هذا التدمير من قبل مصانع المستوطنين، وهذا يؤكد أن معضلة الاستيطان تنبثق عنها ظواهر سيئة وسلبية لا تحمد عقباها.
وفي خلة حسان بين محافظتي قلقيلية وسلفيت، أقام المستوطنون بؤرة استيطانية وأحضروا إليها حيواناتهم كي تعيث في الأرض فساداً.
يقول المزارع أحمد أبو صفية: بعد استيلاء المستوطنين على مساحة من خلة حسان، أقيمت حظائر لحيواناتهم التي تترك سائبة في حقولنا دون أن نستطيع منع هذه الحيوانات من تخريب الأشجار والمزروعات، فهي محمية ببنادق المستوطنين وجيش الاحتلال.
يشار إلى أن عدد المستوطنين في الضفة الغربية يفوق نصف مليون، يتوزعون في أكثر من 230 مستوطنة وبؤرة استيطانية، ويشكلون عبئاً على الفلسطينيين، ويسيطرون على المناطق المصنفة “ج”، ويقيمون مناطق صناعية ضخمة، ففي محافظة سلفيت هناك أكثر من 600 مصنع تابع للمستوطنين.