رغم دعوات الإفراج عن سجناء الرأي بمصر، خاصة الصحفيين الذين تم اعتقالهم على خلفية ممارستهم لعملهم، إلا أنه لا تزال حملة الانتهاكات ضد الصحفيين مستمرة على كافة الأصعدة، وبأشكال مختلفة، على عكس المتوقع بالإفراج عن عدد من المعتقلين طبقا لتصريحات من أعضاء لجنة العفو.
فقد اتّهمت منظمة “مراسلون بلا حدود” في تقرير لها مؤخرا الإعلام الرسمي المصري ومقدّمي البرامج التلفزيونية الموالين للنظام المصري بالانخراط في “حملة ضد الصحافة في مصر” حيث يقبع العديد من الصحافيين في السجون.
وفي تقرير من 27 صفحة بعنوان “دمى الرئيس السيسي”، ركّزت “مراسلون بلا حدود” على الانتهاكات ضدّ الصحافيين المعارضين و”حملات الكراهية والتشهير” التي يتعرّضون لها، وفق مسؤولة الشرق الأوسط في المنظمة سابرينا بينوي.
وأضاف التقرير أنّ “هذه الهجمات تنظّمها الدولة بالتواطؤ مع مقدّمي برامج مشهورين ووسائل إعلام واسعة الانتشار“.
ومن جانبه سجل المرصد العربي لحرية الإعلام في تقريره عن شهر يونيو ٢٦ انتهاكا، واستمرار حبس ٥٧ صحفيا، وحجب مئات المواقع… وغيرها من الانتهاكات الأخرى.
سياسة ممنهجة
وفي سياق تعليقه على هذه الأحداث، قال مدير المرصد العربي لحرية الإعلام قطب العربي إن “استمرار الانتهاكات ضد الصحافة والصحفيين سياسة لصيقة بنظام السيسي من خلال محاربته لحرية الصحافة، وكان يحلم بإعلام عبد الناصر ذي الصوت الواحد، وحقق ذلك بالفعل بالقوة، وهيمن على الإعلام الخاص من خلال الشركة المتحدة بحوالي 80٪، بالإضافة إلى الإعلام الحكومي التقليدي، وهكذا حقق هيمنة كاملة، وفي المقابل عندما تظهر أصوات مستقلة أو معارضة يكون مصيرها السجن، ومن الصعب تغيير هذا النهج؛ لأنه يرى أن أي انفراجة سوف تفتح عليه باب جهنم، وهو يخشى ما حدث مع مبارك وثورة يناير “.
وأضاف العربي: “بالنسبة للإفراج عن سجناء الرأي الوضع لا يبشر بالخير؛ فالنظام لا يزال مستمرا في الاعتقالات، وفي المقابل الإفراجات تتم بشكل محدود جدا والأعداد لا تتوافق حتى مع ما يعلن عنه”.
سياسة تكميم الأفواه مستمرة
من جانبه قال مدير الشبكة المصرية لحقوق الإنسان أحمد العطار: “الواقع المصري يقول وبالأرقام بأن الوضع الراهن للحالة البائسة لملف حقوق الإنسان في مصر بصفة عامة مستمر بل، وفي ارتفاع ملموس ووتيرة سريعة، خاصة بالنسبة لحرية الرأي والتفكير، واستمرار سياسة تكميم الأفواه، واعتقال الصحفيين والتنكيل المستمر بهم بسبب عملهم الصحفي المهني الحر فقط؛ لأنهم أصحاب قلم ورأي، وكأن الصحافة والصحفيين هم العدو اللدود الأول للنظام الحالي في مصر”.
وأضاف العطار: تأتي هذه التقارير مع حلول الذكرى الأولى لوفاة الصحفي المصري محمد منير بعد أيام من إخلاء سبيله بعدما اعتقلته قوات الأمن المصري لأسابيع، وأفرجت عنه بعدما تدهورت حالته الصحية ليلفظ أنفاسه الأخيرة، وطال التنكيل العشرات من الصحفيين من مختلف التيارات والانتماءات سواء رجالا أو نساء؛ حيث تعرضوا لانتهاكات جسيمة وتم حبسهم احتياطيا لمدد طويلة، وما زالوا خلف القضبان بالمخالفة للتصريحات النارية التي يتحدث بها أركان السلطة الحاكمة في مصر”.
وأوضح: “أرقام وأعداد الصحفيين المعتقلين في تزايد رغم إخلاء سبيل بعضهم مؤخرا، ورغم الدعوات الكثيرة التي أطلقها العديد من النقابات والهيئات المصرية والدولية، إلا أن السلطات الأمنية المصرية لديها رأى آخر وسياسة واضحة لا تحيد عنها، وهي السياسة التي تعبر عن الأطروحات الحقيقة للسلطة السياسة المصرية المنبثقة من القمع”.