بعد حملة انتخابية هيمن عليها موضوعا الجريمة والتضخم، يتوجه السويديون، اليوم الأحد، إلى صناديق الاقتراع لاختيار برلمان جديد، في انتخابات تشريعية، وسط سيناريو غير مسبوق سيشهد إما قيام حكومة مدعومة من اليمين المتطرف أو فوز اليسار بولاية ثالثة.
ودُعي حوالي 7.5 ملايين ناخب للإدلاء بأصواتهم، غير أن عملية الاقتراع بدأت إذ تسمح السويد بالتصويت مسبقاً.
ولم يسبق أن وردت إمكانية تولي اليمين التقليدي الحكم في البلاد، بدعم سواء مباشر أو غير مباشر من حزب “ديموقراطيي السويد”.
وبعدما ظل اليمين لفترة طويلة منبوذاً على الساحة السياسية، تتوقع استطلاعات للرأي لهذا الحزب القومي والمعادي للهجرة أن يحلّ لأول مرة في تاريخه في المرتبة الثانية، ما سيجعل منه القوة الأولى في كتلة جديدة تضم كل التشكيلات اليمينية.
وهيمنت على الحملة الانتخابية مواضيع تدعم حظوظ المعارضة اليمينية، كالإجرام وتسوية الحسابات الدامية بين العصابات، ومشكلات اندماج المهاجرين، والزيادة الحادة في فواتير الوقود والكهرباء وغيرها.
غير أنّ شعبية رئيسة الوزراء الاشتراكية الديمقراطية المنتهية ولايتها ماغدالينا أندرسون التي تتفوق على خصمها المحافظ أولف كريسترسون من حيث نسبة الثقة، وتخوّف الناخبين الوسطيين من اليمين المتطرف، عاملان يلعبان لصالح اليسار.
وقالت أندرسون، أمس السبت، في اليوم الأخير من الحملة الانتخابية: “إنه سباق يشهد منافسة شديدة للغاية”.
وأضافت: “بالطبع أخشى قيام حكومة تعتمد بشكل تام على ديمقراطيي السويد بصفتهم الحزب الأول في الحكومة أو الداعم الأول لها، وستكون لدينا سويد مختلفة لأربع سنوات”.
ووصلت أندرسون، أول امرأة تتولّى رئاسة الحكومة في السويد، إلى السلطة في نوفمبر 2021 خلفاً لستيفان لوفن، وخلال 10 أشهر في السلطة، تمكنت وزيرة المال السابقة وبطلة السباحة من كسب ثقة الشعب.
وفيما كان انضمام البلاد إلى حلف شمالي الأطلسي (الناتو) خطاً أحمر حتى الآن، تمكنت أندرسون من إقناع معسكرها بأنّ “العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا يبرر تسريع ترشيح السويد”، التي كانت بمنأى عن التحالفات العسكرية منذ قرنين.
وتشير معاهد استطلاعات الرأي الخمسة في آخر توقعاتها إلى تقدم طفيف لمعسكر أحمر-أخضر، غير أنّ كل النسب الواردة تبقى ضمن هامش الخطأ بعد اشتداد المنافسة وتقلص الفارق إلى حد كبير في الأسبوعين الماضيين.
وتتوقع آخر الأرقام فوز التكتل اليساري بقيادة الاشتراكيين الديمقراطيين، الحزب الأول في السويد منذ الثلاثينيات، وبدعم متوقع من الخضر وحزب اليسار وحزب الوسط، بنسبة أصوات تتراوح بين 49.6% و51.6%.
أما تكتل اليمين الذي يضم ديمقراطيي السويد وحزب المعتدلين (محافظ) والحزب المسيحي الديمقراطي والحزب الليبرالي، فيتراوح التأييد له بين 47.6% و49.4%.
وفي الأسبوعين الأخيرين من الحملة، تخطى حزب ديمقراطيي السويد بقيادة زعيمه جيمي أكيسون لخامس انتخابات على التوالي، المعتدلين في استطلاعات الرأي بإحرازه بحسب استطلاعات الرأي 16 إلى 19% من التأييد، ما يتخطى النسبة القياسية التي حققها عام 2018 وبلغت 17.5%.
أما المعتدلون الذين خاضوا ثاني انتخابات بقيادة زعيمهم أولف كريسترسون، فتراجعت نوايا الأصوات لهم حتى 16 إلى 18% بحسب آخر استطلاعات للرأي.
ويعود منصب رئاسة الحكومة تقليدياً في السويد إلى الحزب الأول في التحالف المنتصر، لكن أحزاب اليمين التقليدي تعارض تعيين وزراء من ديمقراطيي السويد، وستعارض بشدة أكبر توليهم رئاسة الوزراء.
أما من جانب اليسار، فيخيم الغموض أيضاً حول تشكيلة الحكومة الجديدة التي قد تنبثق عنه إذ يعارض كل من حزب اليسار وحزب الوسط أن يحظى الطرف الآخر بنفوذ كبير.
غير أن خبراء السياسة يستبعدون قيام أزمة سياسية شبيهة بالأزمة التي تلت انتخابات عام 2018، حين جرت مفاوضات شاقة استمرت 4 أشهر لتشكيل الحكومة، إذ إن المعسكرين واضحان هذه المرة.
وسيفتح فوز اليمين بدعم من اليمين المتطرف مرحلة سياسية جديدة في السويد، في وقت تستعد البلاد لتولي الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي في الأول من يناير المقبل، ولإنجاز آلية ترشيحها التاريخي للانضمام إلى الحلف الأطلسي.
وفي حال حقق اليسار فوزاً جديداً فسوف يُسقط ذلك إستراتيجية التقارب بين اليمين وديمقراطيي السويد، ويقطع الطريق أمام وصولهما إلى السلطة.
وتهدف الانتخابات التي تعتمد النسبية إلى منح 349 مقعداً بالإجمال، ووحدها الأحزاب التي تحقق أكثر من 4% من الأصوات تحصل على مقاعد.
ويتطلب تعيين رئيس للوزراء حصوله على غالبية مطلقة من الأصوات المؤيّدة، بشرط ألا يصل عدد المعارضين له إلى 145 صوتاً.
والسويد، التي يحكمها منذ عام 2014 الاشتراكيون الديمقراطيون، أكبر حزب في البلاد منذ الثلاثينيات، ستتولى الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي في 1 يناير المقبل، في الوقت الذي تخوض عمليةً دقيقة للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي.