الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على البشير النذير والسراج المنير الذي قضى عمره الشريف ينير القلوب! ويهدي الشعوب.
غيثٌ من الأُفُق الرفيع تحدّرا
|
فَارْتَدَّ وَجْهُ الأَرْضِ روضًا أَخْضَرَا |
وانْشَقَّ فجرٌ عن ربيع عامرٍ |
وَتَكَشَّفَتْ حُجُبٌ، وَقَلْبِيَ أَبْصَرَا
|
ناديتُ: يا أرضُ ابلعيْ آهاتِنا |
الرَّوْحُ من قِمَمِ الحِجازِ تفجَّرَا |
ريحُ الصَّبا أَهدَتْ إليكِ بِشَارةً |
والنور مَدَّ صِراطَه كيْ نعْبُرَا |
أَرْسَلْتُ حَرْفيْ فَاسْتَحَالَ غَمَامَةً |
وَعَلَوْتُ فوق الذَّارِيَاتِ مُشَمِّرًا |
وَتَراكَمَتْ سُحُبٌ، وَدَوَّمَ طَائرٌ |
ونزلت في الجُوْدِيِّ أرْقُبُ ما جَرَى |
ظُلَلٌ مِنْ الطَّيْرِ الغِضَابِ توافدت |
وَالفِيْلُ طَأْطأَ رأسَهُ، وَتَقَهْقَرَا |
وَهَوَتْ بِأَبْرَهَةَ الرِّيَاحُ تَلُوكُهُ |
يا ليتَ شِعْرِيَ أيُّ سِرٍّ أَسْفَرَا؟ |
أَنْصَتُّ، فَانْفَلَقَ الفُؤَادُ مَهَابَةً |
وَالغَارُ أَجْهَشَ بِالْبُكَاءِ، فَأَكْثَرَا |
وَتَصفّحَتْ عينايَ طَيْفَ رِسَالَةٍ |
وَدَنَوْتُ حَتَّى كِدْتُ أَلْمَسُ ما أَرَى
|
“اقْرَأْ”، وَفاضَ النُّورُ مِن أقطارِها |
وَجرَى على وَجْهِ الوُجُودِ، فأَزْهَرَا |
اصْدَعْ، فَأرْسَلْتَ الشُّمُوسَ هدايةً |
وَتَصَدَّعَتْ جُدُرُ الظَّلامِ، فَأدْبَرَا |
دَوَّتْ حُرُوْفُكَ في الْفِجَاجِ فَأَيْنَعَتْ |
وَسَحَابُها في كُلِّ وَادٍ أَمْطَرَا |
شيّدت في الأَقْصَى مَقَامًا شَامِخًا |
وشَدَدْتَ عُرْوَتَهُ إِلى أُمِّ القُرَى |
وبَنيْتَ في ظِلِّ النَّخِيْلِ مَدِيْنَةً |
خَضْرَاءَ، تَكْسُوْ العَالميْنَ تَحَضُّرًا |
اللهُ أكبرُ، والفَتَوحُ تَدَفَّقَتْ |
وَالعُرْوَةُ الوُثْقَى تَلَقَّفَتِ العُرَى |
آوَيْتَ مَكَّةَ، والكَواكِبُ سَبَّحَت |
والْبَيْتُ أَوَّبَ، وَالمؤذِّن كبَّرَا |
وَبَسَطْتَ للطُّلَقاءِ رَاحَك جَنَّةً |
تُهْدِي الْقُلُوْبَ سَماحَة وتَحَرُّرًا |
ورَسَمْتَ في الصَّحْراءِ أجْمَلَ وَاحَةٍ |
وَنَظَمْتَ عِقْدَ البِرِّ حِيْنَ تَبَعْثَرَا |
وخَتَمْتَ سِفْرَك، وادَّخَرْت شَفَاعَةً |
وَنَشَرْتَ مِيْراثَ النُّبُوّةِ للوَرَى |
لمَّا وَفَدْتَ عَلَى السَّماءِ مُجَاوِرًا |
كَادَتْ حَنايا الأَرْضِ أنْ تَتَفَطَّرَا |
يا سَيِّدِيْ وافيت أَحْمِلُ أمة عادت علوجُ الرومِ تأكل أرضنا |
ظمأى، وعصرًا بالسراب ادَّثَّرا وتسومنا سوء العذاب لنكفرا
|
وثمود من تحت الرماد تفجّرت والأعور الدجّال قام منابذًا وسجاح ترفع للخطيئة راية وأُلو البقيّةِ في الثغور، نفوسهم ما زال نهجك في البسيطة ظاهرًا ما للقلوب على مَدِيْحِكَ قُدرةٌ ذكراك في قلب البريّة كوثر |
نارًا، وزادت في الظلام تجبُّرا وذئابه تعوي على تلك الذرى تدعو نعاج الأرض كي تتحررا تأبى على مرّ الفتون تكسُّرا والبردة الغراء أضحت منبرًا أَنتَ السَّماءُ، ومهجتيْ بِنْتُ الثَّرَى والكُوْنُ يَغْدُوْ دُوْنَ ذِكْرِكَ أَبْترَا
|
|
|
|
|