في كتب إبراهيم عيسى التي تشبه استفزازاته، ما يوضح فكره وتصوراته بصورة أدق، ويعطي القراء والمتابعين دلالات ساطعة على رغبته الشديدة في شيطنة المسلمين منذ عهد الصحابة حتى اليوم.. ودمويتهم وظلاميتهم وإرهابهم! وفيما يلي بعض اللمحات حول أبرز كتبه التي أصدرها حتى اليوم، وهي لمحات كتب معظمها بخط يده، إن لم يكن كلها.
دم الحسين
يعرّف به عيسى فيقول: نعم، في كل وقت نحن في حاجة إلى هذا الزمن، ورغم كثرة ما كُتب –وقرأ (كذا!) يقصد قُرئ- عن الحسين سيد الشهداء وسيد شباب أهل الجنة، جعلنا الله من شبابها.. يا رب، إلا إن كثيرًا من العيون والأقلام أغفلت الحديث عما بعد مقتل الحسين.. ماذا جرى تحت اسم دمائه الطاهرة؟ ستجد في هذا الكتاب شيئاً مما أريد أن أقوله.. لكن لن تجد كل شيء تمنيت أن أقوله.. وعليك أنت أن تقرأ وتخرج بما تريد..
لكن ما أضمنه لك أمران: أنك ستحب سيدنا الحسين أكثر.. والثاني أنك سترى هولاً لا تطيقه، ودماء لم تعهدها، وأحداثًا أغرب من أن تتخيلها، وكل هذا حقيقي، وسنده الأساسي ابن كثير والطبري، عندما أعدت قراءة كتابي هذا، قررت أن أحذف منه كثيراً وأضيف إليه أكثر.. لكنني كلما كنت أحاول، أعود فأرى الدم المراق، والأحصنة اللاهثة، والسيوف اللامعة، وألسنة النار، وألوان الخيانة، ودفقات الجثث، وصراخ الثكلى، وجموع الرؤوس المقصوفة والمذبوحة.
فلم أحذف.. ولم أضف..!
رجال بعد الرسول
يعرف عيسى بالكتاب فيقول عن نفسه: الكاتب الجريء إبراهيم عيسى يتناول مآثر الصحابة الفرسان منهم والقادة مبرزاً دورهم الديني والسياسي والحربي في تدعيم أركان الدولة الإسلامية الوليدة.. دون أن يغفل أهمية رصد الاختلاف السياسي بينهم، وكذلك الصراعات الحزبية والوقائع والأحداث المحورية التي أدت دوراً في المسار التاريخي لنشأة الإسلام واستمرار الدعوة.
وقد اعتمد المؤلف في تجميع مادته العلمية والتاريخية هنا على عدد من أمهات الكتب التي دوّنت تاريخ الصحابة وسجلت سيرهم الذاتية مثل “الكامل في التاريخ”، و”أسد الغابة في معرفة الصحابة” لابن الأثير، و”البداية والنهاية” لابن كثير.. وغيرها من الكتب التراثية المهمة في هذا السياق، كما يتواصل الكتاب في آرائه مع رؤي معاصرة تناولت الصحابة وسيرهم الذاتية وأدوارهم المختلفة من بينها أفكار طرحتها كتابات مفكرين إسلاميين كبار أمثال محمد حسين هيكل، وعباس محمود العقاد، وخالد محمد خالد.. وآخرين، والكتاب يحمل بين طياته تقديراً وإجلالاً كبيرين لصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى في ظل مواقف الاختلاف في الرأي أو الصراع حول فكرة.. فكلهم رضوان الله عليهم كانوا يرون فيما يفعلون الحق ولا يبتغون سواه. (ولعل هذا الكتاب أخف كتب عيسى تحاملاً على الإسلام والصحابة).
أفكار مهددة بالقتل
يتناول عيسى -كما يقول- أموراً تشغل المثقف وتشغل المجتمع كانتشار التطرف في مصر، وتكفير وقتل المفكرين، والأحزاب المدنية الورقية كالحزب الناصري إلى آخره، وزيارته لألمانيا، ويتحدث عن الشيخ الشعراوي الذي يصفه عيسى بأنه يحثّ على التخلف(!) ففتاوى الشعراوي مناهضة دائماً للعلم والفكر، ورواية “آيات شيطانية” لسلمان رشدي الذي كفّروه وأهدروا دمه لتعبيره عن رأيه بدون حتى أن يكلفوا أنفسهم قراءة ما كتبه لأسباب سياسية بحته وضحها عيسى، المخرجة الصاعدة في ذلك الوقت ساندرا نشأت التي أخرجت فيلماً قصيراً بعنوان “أواخر الشتا”، ويلقى الضوء ببساطة عن معاناة المصري المسيحي في مصر بسبب انتشار التطرف(!) (لم ينظر عيسى أبداً إلى ما يحدث على الجانب الآخر من تطرف كهنوتي وكنسي وطائفي!).
شيوخ الفتنة والتطرف الممولون بأموال النفط البترودولار(؟) لنشر التطرف والإسلام البدوي في مصر، ظهور شرائط كاسيت لشخص يدعى أنيس عبدالمعطي يدّعي أنه كان مخرجاً سينمائياً ليسبّ الفنانين في مصر وتنتشر شرائطه بين العامة مهربة من السعودية والخليج، ثم يعود عبدالمعطي لمصر ويعلن براءته من هذه الشرائط ويقول: إن هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في السعودية هي التي طلبت منه تسجيل هذه الشرائط لضرب الفن المصري، عبدالصبور شاهين صاحب شركات توظيف الأموال كالريان، الشيخ ودكتور الجامعة متخصص التكفير الذي كفّر نصر حامد أبو زيد ورفع قضية للتفريق بينه وبين زوجته د. إبتهال يونس في مشهد عبثي سريالي لا يحدث إلا في وطن تحكمه “شريعة الصحراء” الهمجية(!). (معلومات عيسى خاطئة وغير صحيحة فيما يزعم ويدعي على د. عبدالصبور شاهين، فهو لم يمتلك أي شركة لتوظيف الأموال يرحمه الله).
الجنس وعلماء الإسلام
هذا الكتاب هو محاولة من جانب مؤلفه -كما يزعم- لكسر الحواجز التي أقيمت بين الناس وحقهم في المعرفة بدافع الخجل والحياء وأحياناً الحرام(!) فاستذكار تلك الحواجز التي أحاطت المعرفة والإلمام بشؤون الجنس هو ما جعله يضع هذا الكتاب.. وهو كتاب لا يقدم المعلومات على الطريقة التقليدية، وإنما يدلف إلى الدين والحرية وحال المجتمعات العربية، فيبدأ الكتاب بحديث مفصل عن الكتاب ذاته ليجيب عن أسئلة قد تجول بخاطر القارئ، ويليه استعراض لبعض المؤلفات التراثية الإسلامية التي تعلقت بموضوع الكتاب مثل “طوق الحمامة” لابن حزم، “الروض العاطر” للشيخ النفزواي، وكتاب السيوطي وغيره من الموضوعات والحكايات التي استقاها المؤلف من التراث الإسلامي بهدف تكسير الأصنام وهدم الحواجز وتقديم البراهين على حرية ثقافية وفكرية عاشها علماء الإسلام(!).
اذهب إلى فرعون
ثم ضرب السادات مثلاً بالقرآن الكريم في سورة “طه”، حين خاطب المولى عز وجل النبي موسى، وهارون أخاه، آمراً: (اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى {43} فَقُولَا لَهُ قَوْلاً لَّيِّناً لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى) (طه)، وقال: “شايف يا سعد حتى ربنا قال لهم كلّما فرعون بلين بأدب..” (ده فرعون برضه!)، والغريب أن الرئيس السادات بينما كان يطلب اللين في مخاطبته طبقاً للآية القرآنية فإنه اعترف طبقاً للآية نفسها أنه فرعون وأنه طغى.
عن الحكام وما حولهم يأتي هذا الكتاب، (الكلام والصياغة لإبراهيم عيسى).
مبارك وعصره ومصره
ليس تأريخاً فقط.. وليس تحليلاً فقط.. وليس توعية فقط.. بل الثلاثة معاً وأكثر منهم أيضاً.. إنها مقالات تقبض بقوة على الداء في وطننا وتضعه تحت العدسة المكبرة ليراه كل أفراد الشعب المصري والعربي.. هذه هي المقالات النارية التي يكتبها الصحفي الكبير إبراهيم عيسى -كما يصف نفسه- في جريدة “الدستور” التي يرأس تحريرها.. يكتبها في السياسة والدين والاجتماع، ويكتبها عن البسطاء والمطحونين الذين يعيشون ويموتون ولا صوت لهم.. يكتبها في صميم الحياة التي لا تنفصل فيها السياسة عند الاقتضاء عن الدين عن أحوال المجتمع كافة.. ويكتبها أيضاً عن الساسة والحكام والوزراء والمسؤولية، يقذف بالحقيقة فيها بلا مجاملة ولا مواربة.. وبها يوثق الحقائق والأدلة والأرقام والإحصاءات، إنها ليست مقالات نشرت وانتهى أمرها.. إنها كلمات باقية للتوعية بما يجري من أحداث جسام نعيشها في هذا العصر، وهي في مكوناتها تصل إلى العمق من كافة الطرق والسبل، تارة باستدعاء الماضي والتراث وتارة بالنزول إلى واقع الناس وتارة بالرحيل إلى دراسات العلماء والباحثين، وفي وسط كل هذا لا ننسى أسلوبها البديع الذي يجمع بإتقان بين اللغة العربية البليغة وبين مرادفات العامية الآتية من صميم الواقع، ويغلفها بخفة ظل مفتعلة(!) ويمنحها جواز مرورها إلينا بالصراحة المعهودة في كاتبها(!)، إليك عزيزي القارئ الكتاب الذي أسعده الحظ باحتوائه تلك الكلمات الفريدة من نوعها، كتاب إبراهيم عيسى عن مصر ومبارك وعصر امتد لأكثر من سته وعشرين عاماً، (الرجل يمدح نفسه بطريقة لزجة للغاية!).
رواية دم على نهد
لم تكن (ميّ الجبالي) تتوقع أن السَّبق الصحفي الذي ستحصل عليه عندما تحاور «السفّاح» قبل إعدامه سيُغير حياتها بهذا الشكل، يبوح لها «السفاح» في كل لقاء بأسرار لم يعترف بها في التحقيقات، فتكشف لميّ عن أشياء تجعلها تُشكك في كل ما كانت تعتقده، وتربك علاقاتها، وتضع حياتها في خطر، الرواية كما يقول مؤلفها جريئة ومشوقة تفضح أساليب الأجهزة المخابراتية في ظل الدولة الأمنية، وتحكي لنا عن الحقيقة تلك التي تتمنى ألا تكون قد عرفتها أبدًا.
رواية مولانا
يتناول من خلالها ظاهرة بعض شيوخ الفضائيات التي انتشرت في العالم العربي في السنوات الأخيرة، حيث يكشف لنا العالم الخفي لهؤلاء الشيوخ، والعلاقات التي تربطهم بأجهزة الأمن والساسة ورجال الأعمال، وهي رواية جريئة (كما يزعم) توضح كيف يساء استخدام الدين. يقول إبراهيم عيسى: “بدأت كتابة هذه الرواية عام 2009م وأنا أعارض الرئيس السابق، وأثناء محاكماتي ثم فصلي من الدستور، ثم منعي من الكتابة حتى قامت الثورة، ومرورنا بالمرحلة الانتقالية، واستمررت في الكتابة حتى مارس الماضي 2012، إنها من أعزّ الروايات إلى قلبي”…
رواية مريم التجلي الأخير
فلما تجلت ستنا مريم (يقصد سيدتنا) عادت بقوة إلي وجداني وتفكيري روايتي (مريم التجلي الأخير) التي صدرت عام 1993عن روايات دار الهلال، وتدور أحداثها في واقع الصحافة المصرية حيث أبطالها وناسها وشخوصها منحوتون من هذا المجتمع الذي التحقت به صغيراً جداً وأنا في التاسعة عشرة من عمري حين دخلت مجلة «روزاليوسف» وعملت بها منذ عامي الأول في كلية الإعلام، وكانت تلك الرواية حصيلة السنوات الثماني الأولي في علاقتي بالمهنة، وهي السنوات المسئولة عن إنزالك من عالم المثالية والأحلام إلي عالم الواقع والكوابيس، وكان القلب غضاً والعقل بكراً والروح شفافة والوجدان زجاجياً ينكسر من غلظة نسيم ويتهشم بريح الحقيقة، وعدت لقراءة الرواية ورأيت كم كنت وحدي وكم كنت حزيناً وكم كنت أبله متصوراً أنه يمكن للحياة أن تكون علي غير ما تعودت أن تكون، الرواية عن انكشاف الزيف والتزييف في الحياة الصحفية والعاطفية وتهاوي أحلام الحب وفشل تغيير مصر للأعذب والأجمل والأصدق وكل هذا محوره ستنا مريم!
رواية مقتل الرجل الكبير
ثلاثة عشر عاماً على كتابة هذه الرواية.. حينما تقرأها تظن أنها كتبت لتقرأها بعد سقوط نظام حسني مبارك يبث فيها الكاتب كل حنقه على النظام والسلطة ويعريها ويرى أن البلد محكومة من قبل مجموعة من المتنفذين السياسيين ودوائر رجال الأعمال في زواج متعة بين السياسية والاقتصاد.. يحكي قصة مقتل رئيس بصورة غامضة وكيف تم نقل السلطة إلى شخص آخر بصورة تقليدية مخادعة لإرادة الشعب وسط تسليم من كافة الأحزاب والجهات بهذا النقل بطريقة توحي أن الرئيس المقتول انتهت صلاحيته وحان الوقت لوضع شخص جديد في هذا المنصب لتجديد السيطرة على السلطة.
رواية أشباح وطنية
تحكي الرواية عن طبقة رجال الأعمال التي جمعت ثرواتها من مصادر مشبوهة، ولكي تحمي هذه الأموال دخلت ملعب السياسة فكونت ثروات أكبر دفعتها للبحث عن مزيد من السلطة لحمايتها، كما تحكى أيضاً عن صحفيين ومحاميين ومعارضين باعوا ضمائرهم للنظام، وعن الرئيس الذي سمح لهم بسرقة البلد واكتفى بافتتاح الكباري وأنفاق المشاة!
رواية رحلة الدم- القتلة الأوائل
تترجم الرواية موقف قبط مصر (النصارى) من فتح عمرو بن العاص لوادي النيل، فالبطريرك بنيامين الهارب من اضطهاد الروم يدخل في حوار مع تلميذه أبي مريم الذي يتتبعه أينما كان، فصار بمثابة عينه وأذنه، ينقل له الموقف ويستمع إلي نصائحه وأوامره، وها هو بنيامين يشرح لتلاميذه وتابعيه :”لقد جاءكم كفار يعلقون الصليب علي أعناقهم ويدعونكم لاعتناق مذهب ساقط”، وكان المقوقس قد عاث في الأديرة والكنائس فخربها ومثل بكهنتها وها هو يقول لأبي مريم حين التقاه: “خلاصنا اقترب يا أخي” فقال له أبو مريم لقد وصل عمرو بن العاص، مؤكدا صحة الأخبار التي وصلت إلي البطريرك، كما أكد للبطريرك أن الأقباط التزموا التعليمات ولم يشهروا سيفا في وجه رجل من رجال ابن العاص (كيف يفعلون، وكانوا هاربين أو مستسلمين، وعمرو هو الذي أمّنهم ، وأعاد رئيسهم إلى كنيسته؟)، وسأل البطريرك ولكن من يضمن لنا أن هؤلاء العرب لن يجبرونا علي دخول دينهم ويسوموا(؟) المصريين سوء العذاب؟ فقال البطريرك: نحن لم نغيّر مذهبنا لإرضاء الروم فهل نترك ديننا أمام المسلمين؟ سوف نري منهم تسامحا وعزوفا عن التدخل في ديننا خاصة وأنكم تعاونتم معهم أثناء سيرهم إلي مصر.
رواية حروب الرحماء- القتلة الأوائل
يقول المؤلف:
رحلة الدم لم تنتهِ إذن.
بل إن الدم أكثر وأغزر.
لم تكن أبدًا فتنة، بل أعمق وأخطر.
انسَ كل ما كنت تعرفه عن الفتنة الكبرى، فأنت تدنو من الحقيقة الآن في سردٍ أقرب إلى الواقع وأكثر تشويقًا مع هذه الرواية التي يستكمل بها إبراهيم عيسى مسيرة «القتلة الأوائل»، والتي بدأها في «رحلة الدم» (جائزة نجيب محفوظ في الرواية 2018)، ليتناول السنوات اللغز في تاريخنا الإسلامي.
ونؤكد للقارئ مرَّة أخرى أن جميع شخصيات هذه الرواية المبهرة حقيقية، وأن كل أحداثها تستند إلى وقائع وردت في المراجع التاريخية المعتمدة.
خلط المفاهيم
في هذه المجموعة من كتب إبراهيم عيسى تتبدى طريقته في الكتابة بصفة عامة، حيث يخلط بين المفاهيم، وتختلط لديه التصورات، ويغذي ذلك بشهوة الإصرار على استثمار الصراعات السياسية التي تحدث في العالم كله، وقد تكون في معظمها دموية، وفي بعضها سلمية كما يحدث في الديمقراطيات الغربية، ولأنه لم يلتفت مطلقا إلى عطاء الإسلام الحضاري، في المعرفة والفكر والتشريع والعلوم الإنسانية والطبيعية من طب وتشريح وجراحة وفلك ورياضيات وكيمياء وفيزياء وفلسفة ومنطق وتصوف واجتماع واختراعات وابتكارات ناسبت زمانها وناسها، وكانت أساسا بنت عليه أوربة مدنيتها الحديثة، فإنه أي إبراهيم عيسى لم ير في الإسلام إلا الوجه الدموي العنيف الذي صنعته صراعات السياسة ونتائجها.
للأسف، فإن عيسى كان هاجسه الدائم هو وجود الإسلام من خلال رموزه في الحياة الاجتماعية، واحتشد ليقول بأن الإسلام يجب أن ينفصل عن الحياة، لأنه سبب التخلف والمتاعب والإرهاب! وهو في ذلك ظالم لنفسه وللإسلام والمسلمين، مع أنه يُرضي بكلامه جهات عديدة تكره السلام والحرية والعدل والإنسان!