الجاليات والأقليات المسلمة عادة ما تكون أكثر حرصاً على أجواء الشعائر الإسلامية تعبيراً عن هويتها ولإشباع الروح برياحين المواسم الإسلامية، كما هي الحال مع مسلمي كرواتيا الذين يعتبرون رمضان فرصة للالتقاء والتجمع في المساجد والمراكز الإسلامية؛ كباراً وصغاراً وعائلات.
يمثل مسلمو كرواتيا تقريباً 1.5% من السكان بنحو 60 ألف مسلم، يتكونون من البوشناق والألبان والعرب، وهم مواطنون كروات، والعرب الكروات هم من أكثر الطبقات المثقفة، فمنهم الأطباء والمهندسون ورجال الأعمال وأصحاب الشركات، وتحظى الجالية المسلمة عموماً بتقدير كبير، ويتمتعون بالعيش المشترك والاندماج الإيجابي مع باقي مكونات المجتمع.
ويقول منسق عام المشيخة الإسلامية في كرواتيا د. خالد ياسين لـ«المجتمع»: يحرص مسلمو كرواتيا على التجمع في المساجد والمراكز الإسلامية هم وعائلاتهم كباراً وصغاراً، ويجلسون لوقت متأخر بعد صلاة التراويح، تعبيراً عن الهوية الإسلامية وإشباعاً للروح برياحين الشهر الفضيل.
وبحسب ما ذكره ياسين، فإن خريطة الأديان الرئيسة في كرواتيا التي تعد جزءاً من أوروبا الوسطى وجنوب شرق أوروبا هي الرومانية الكاثوليكية بنسبة 86.28% من السكان، بينما أتباع الكنائس الأرثوذكسية الشرقية يمثلون 4.44%، أما المسلمون فيشكلون 1.5% من جملة السكان؛ أي 60 ألفاً.
ويوضح منسق المشيخة الإسلامية أن مسلمي كرواتيا يتبعون المجلس الأوروبي الآسيوي في تحديد بدء شهر رمضان فلكياً، وأنه يتم الاستعداد لقدومه بتزيين المنازل والمساجد والمراكز الإسلامية استعداداً لاستقبال المسلمين في الإفطارات الجماعية وصلاة التراويح، كما تضاء المساجد والمراكز الإسلامية بالقناديل التي تكون علامة على دخول وقت الإفطار عند إضاءتها.
وتقام إفطارات جماعية وإفطار صائم للمحتاجين، يشارك في تجهيزه المسلمون كل حسب استطاعته على مدار الشهر، بالإضافة إلى توزيع السلال الغذائية الرمضانية للعائلات، ولا يفوت المسلمون هنا تنظيم الاحتفالات الدينية في مناسبات مثل ذكرى فتح مكة، وغزوة بدر، وليلة القدر.
ويشير د. ياسين إلى أن المساجد تقام فيها جميع الصلوات، وبجانب هذا يتم بث صلاة الجمعة والتراويح وكذلك الدروس والمحاضرات الدينية وجلسات تلاوة القرآن الكريم عبر قناة خاصة على «يوتيوب» حتى لا يحرم من الفائدة الدينية من لا يستطيعون الوصول إلى المراكز والمساجد من كبار السن والمرضى ومن المسلمين الذين تكون مساكنهم بعيدة عن المراكز والمساجد، وخصوصاً أنه يوجد في كل مدينة مركز أو مسجد واحد فقط.
المقابلة.. ختم القرآن
في كرواتيا وغيرها من دول البلقان وأوروبا عموماً يشتهر لفظ «مقابلة»؛ وهي كلمة تركية تعبر عن جلسات قراءة وختم القرآن في المساجد خلال شهر رمضان بتلاوة جزء من القرآن يومياً؛ إذ يجلس مجموعة أشخاص وهم يفتحون المصاحف ويستمعون للحفاظ وهم يتناوبون التلاوة، وفي كرواتيا يوضح د. ياسين أن لديهم 4 جلسات لختمة القرآن؛ واحدة بعد صلاة الفجر، والثانية بعد صلاة الظهر للنساء، وأخرى للأطفال، والرابعة بعد صلاة العصر.
ويتم تنظيم مسابقة للقرآن الكريم للأطفال، ومن المقرر أن تقام هذا العام في المركز الإسلامي بمدينة سيساك الذي افتتح العام الماضي، كما يقوم نادي الشباب المسلمين بتنظيم الأنشطة المختلفة من إفطار صائم للشباب، وتبادل تنظيم الإفطارات بين المدن، وتنظيم المسابقات الرياضية والدينية والثقافية.
يذكر أن الإسلام في كرواتيا له وضعه القانوني والمؤسسي كدين رسمي معترف به منذ عام 1916، وللمسلمين جميع الحقوق والحريات الدينية كباقي الديانات الأخرى في البلاد دون تمييز، يؤدون دورهم كأي مكون في المجتمع، ونجحوا في الاندماج الإيجابي بما يجعلهم فاعلين في المجتمع، وفي الوقت نفسه يعتزون ويحافظون على هويتهم الإسلامية ودينهم.