- هل يجوز الجمع بين الحج والأعمال الدنيوية، كبيع الأشياء للحجاج، أو صنع الأشياء لهم، أو خدمتهم بأجر ونحو ذلك؟
– هذا سؤال يسأله الكثيرون من مقاولي الحج، ومن يعمل معهم لخدمة الحجيج بأجر؛ كالسائقين وأمثالهم.
ومثلهم الأطباء والممرضون الذين يذهبون في البعثة الطبية لخدمة الحجيج، من الدول المختلفة، وكذلك يسأله أهل مكة الذين يبيعون الأشياء للحجاج؛ كالطعام والفاكهة وغيرها، والذين يصنعون لهم الخبز، ويوفرون لهم الماء، ونحو ذلك.
وهؤلاء جميعاً وأشباههم يؤدون شعيرة الحج مع أعمالهم هذه التي يتقاضون عليها أجراً، أو يكسبون من ورائها ربحاً، فهل حجهم هذا يعتبر شرعاً؟ وهل هم مثابون ومأجورون عليه؟
ومما لا شك فيه أن حج هؤلاء معتبر شرعاً، ما دام مستوفياً لأركانه وشروطه، وهم مأجورون عليه على قدر نيتهم وإخلاصهم، وحسن تعاملهم مع الحجيج، ورفقهم بهم، وتفانيهم في خدمتهم، ولكل مجتهد نصيب، وإنما لكل امرئ ما نوى، ولن يضيع الله أجر من أحسن عملاً.
على أن أجر الواحد من هؤلاء لا يكون كأجر من كان متجرداً للحج وحده دون مزاحم إلا من كان له فضل خاص، فهو يثاب عليه.
- هل يمكن للمسلم أن يطلب الحج بغرض الراحة النفسية، إذا كانت هناك ضغوط نفسية ومعاناة معينة (فيما إذا كان قد أدى الفريضة)؟
– لا مانع أن يذهب المسلم –أو المسلمة– إلى الحج أو العمرة، طلباً لسكينة النفس، وطمأنينة القلب، وخصوصاً إذا أصابته في حياته متاعب وآلام ضاق بها صدره، وناء بها ظهره، ولكن مع نية الامتثال لله سبحانه وتعالى، فالمفروض أن الحج هجرة في سبيل الله تعالى، والإنسان يستجيب لأمر الله تعالى، ونداء إبراهيم: (وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ {27} لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ) (الحج)، فيجعل هذه ضمن المنافع.
فالمنافع ليست مقصورة على المنافع المادية أو التجارية، بل هذه تعتبر من المنافع النفسية، انشراح الصدر وطمأنينة القلب عندما يرى الإنسان البيت الحرام، ويرى المسلمين من كل أنحاء العالم في هذا الموسم العظيم، لكن على الإنسان أن يجعل غايته إرضاء الله سبحانه وتعالى، ثم هذه المكاسب تأتي تبعاً، مثل الذي يريد أن يتاجر في الحج، فلا مانع أن يقصد الراحة النفسية والمتعة الروحية، وليس هذا ممنوعاً، لكن هذا يكون مع قضية الامتثال لله سبحانه وتعالى، وابتغاء مرضاته، حتى يتحقق التعبد لله جل جلاله؛ أي أن الامتثال والتعبد غاية للحج، والسكينة والراحة النفسية ثمرة له وبالله التوفيق.
العدد (2134)، ص48-49 – ذو الحجة 1440ه – أغسطس 2019م