تتفاقم معاناة الموظفين السودانيين لكونهم الشريحة محدودة الدخل التي توقفت رواتبها منذ بدء النزاع في البلاد، على الرغم من وجود عدد كبير منهم في مكان يبعد نسبياً عن أعمال العنف والقتال.
ويبلغ عدد الموظفين السودانيين الذين لم يتقاضوا رواتبهم منذ بدء النزاع نحو مليون موظف، بينهم أكثر من 300 ألف معلم ومعلمة في قطاع التدريس الحكومي كانوا يتقاضون رواتب زهيدة في الأصل، بحسب رئيس لجنة المعلمين عمار يوسف.
وأوضح يوسف أنّ “المعلمين في السودان في القطاعين العام والخاص يعيشون أوضاعاً كارثية في ظل النزاع الدائر، فضلاً عن الانتهاكات التي يتعرضون لها بشكلٍ يومي”.
وتابع: “المعلمون أصلاً يعانون بفعل تدني الرواتب، وبعضهم أجبروا على البقاء في مناطق القتال”، في إشارة إلى عدم القدرة على تحمل تكاليف السفر، سواء داخلياً أو إلى خارج البلاد، في ظل تضاعف أسعار الوقود 20 مرة منذ بدء النزاع.
وأسفر النزاع عن مقتل أكثر من 2800 شخص. ووفق أحدث إحصاءات الأمم المتحدة، فإنّ الصراع في السودان تسبب حتى الآن بتشريد نحو 3 ملايين شخص، بينهم نحو 700 ألف عبروا الحدود إلى دول مجاورة، وخصوصاً مصر شمالاً وتشاد غرباً.
وتتركز المعارك في العاصمة الخرطوم ومناطق قريبة منها، إضافة إلى إقليم دارفور غرب البلاد، إذ حذّرت الأمم المتحدة من أنّ ما يشهده قد يرقى إلى “جرائم ضد الإنسانية”، وأن النزاع فيه يتّخذ أكثر فأكثر أبعاداً عرقية.
وقال يوسف إنّ لجنة المعلمين سعت مع الجهات الحكومية المعنية لتوفير الرواتب، ولكن “اتضح للجنة توجيه الحكومة بصرف رواتب الجيش فقط طوال الفترة الماضية”.
السودانيون بين نارَي الحرب والجوع
وفي هذا الصدد، يقول الموظف في وزارة الزراعة السماني محمد: “لا نفهم لماذا لا تدفع الحكومة حقوقنا”.
ونتيجة تأخر صرف الرواتب، هدّدت جبهة نقابية تضم أطباء ومهندسين ومعلمين وأساتذة جامعيين وصحافيين باتخاذ خطوات تصعيدية ضد إحجام الحكومة عن الإيفاء بالحقوق المالية للموظفين.
وفي مطلع تموز/يوليو، أعلن البنك المركزي السوداني استئناف تشغيل فروعه في معظم ولايات البلاد، ما أعاد بعض الأمل إلى المواطنين.
ويحتاج 25 مليون شخص يمثلون أكثر من نصف عدد السكان لمساعدة إنسانية وحماية، بحسب الأمم المتحدة.
وفي حين يعقد وزير المالية السوداني جبريل إبراهيم مؤتمرات صحافية دورية لتأكيد صلابة الوضع النقدي للدولة، يحمّل خبراء اقتصاديون الحكومة مسؤولية التلكؤ في دفع المستحقات.
وقال الخبير السوداني محمد الناير لوكالة “فرانس برس” إنّ إيرادات 15 ولاية في السودان (من أصل 18) لم تتأثر بالحرب. ورغم ذلك، لم تدفع الحكومة الرواتب، متوقعاً أن تسوء الأوضاع أكثر خلال الأشهر المقبلة في بلد كان يعدّ من أكثر دول العالم فقراً حتى قبل اندلاع المعارك الأخيرة.
وعلّق يوسف على سوء الأوضاع بالقول: “من لم تقتله الحرب سيموت من الجوع”.
وقبل يومين، حذّرت الأمم المتحدة من أنّ السودان “على حافة حرب أهلية شاملة” قد تزعزع استقرار المنطقة برمتها.
ومنذ 15 نيسان/أبريل الماضي، تدور اشتباكات عنيفة وواسعة النطاق بين قوات الجيش السوداني وقوات “الدعم السريع” في مناطق متفرقة من أنحاء السودان، إذ يحاول كل من الطرفين السيطرة على مقار حيوية، بينها القصر الجمهوري ومقر القيادة العامة للقوات المسلحة وقيادة قوات “الدعم السريع” وعدد من المطارات العسكرية والمدنية.