حذر المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان بأن آلافًا من المرضى في قطاع غزة يواجهون الموت ببطء في غياب حد أدنى من الرعاية الطبية مع مواصلة الاحتلال الصهيوني حربه على القطاع للشهر الثاني تواليًا.
كما حذر الأورومتوسطي في بيان له، أمس الأربعاء، من خطر تسجيل وفيات بين المئات من مرضى السرطان والأمراض المزمنة والنساء الحوامل والأطفال حديثي الولادة، فيما يعد نتيجة غير مباشرة لهجمات الاحتلال واستهدافه المستشفيات وقطع الإمدادات الإنسانية.
وأبرز البيان المخاطر الجسيمة على الافتقاد المتزايد لخدمات الرعاية الصحية في غزة التي تعاني من نقص شديد في الموارد أصلًا قبل الحرب، بما في ذلك على مرضى السرطان رغم أوضاعهم الصحية الحساسة وانعدام ضمان حصولهم على الرعاية التي يحتاجونها.
ووثق فريق الأورومتوسطي وفاة ما لا يقل عن 12 مريضًا بالسرطان في قطاع غزة مع إغلاق مستشفى الصداقة التركي-الفلسطيني الوحيد المتخصص لعلاج مرضى السرطان منذ نحو 10 أيام، وعدم توفر الرعاية اللازمة لهم في بقية المستشفيات.
وأغلق مستشفى الصداقة التركي الفلسطيني إثر تكرار استهدافه في غارات “إسرائيلية” ومنع وصول الوقود والمستلزمات الطبية إليه، ما دفع إدارته إلى إخلاء المستشفى من المرضى، ونقلهم إلى منازلهم أو إلى مراكز الإيواء بلا خدمات طبية.
وقال محمد زياد (48 عامًا) من سكان مدينة غزة لفريق الأورومتوسطي، إنه كان يتلقى العلاج في المستشفى التركي، وعانى من ظروف صحية سيئة نتيجة انقطاع التيار الكهربائي عن المستشفى، ومن ثم استهدافه بالقصف أكثر من مرة.
وذكر زياد المصاب بمرض السرطان في الرئتين، أنه أخلي من المستشفى عند الإعلان عن توقفه عن العمل إلى منزله في شارع الجلاء وسط مدينة غزة، دون أن يتمكن من توفير أدويته أو أي رعاية طبية.
فيما قالت ابتسام عودة (57 عامًا) وهي من سكان شمال غزة، إنها اضطرت إلى الانتقال من المستشفى التركي إلى مستشفى آخر “الأقصى” وسط القطاع لكنه غير مجهز لعلاج مرضى السرطان، ما جعل حالتها تتفاقم بوتيرة هي الأشد.
وقال الأورومتوسطي: إن الانشغال بتأثيرات هجمات “إسرائيل” الجوية والبرية والمدفعية بشكل مكثف على قطاع غزة وما تخلفه من ضحايا بأرقام قياسية يدفع بأوضاع مرضى غزة إلى الاختفاء في قائمة الأولويات المسلط الضوء عليها رغم مخاطر فقدانهم الحياة ببطء.
ونبه إلى أن الآلاف من المرضى بحاجة ماسة إلى الحصول على الخدمات الصحية العاجلة والأساسية، في ظل نقص الأدوية والإمدادات الصحية، ونقص الوقود والمياه والغذاء، مع وجود أكثر من ألفي مريض بالسرطان وأكثر من ألف مريض بحاجة لغسل الكلى للبقاء على قيد الحياة، ونحو 50 ألفًا من مرضى القلب والأوعية الدموية، وأكثر من 60 ألف مريض بالسكري.
كما أشار إلى أن آلافًا من المسنين والمرضى طريحو الفراش يفتقدون أي رعاية صحية وإمكانية الوصول إلى أدويتهم، حالهم في ذلك حال النساء الحوامل والأطفال حديثي الولادة الذين يهددهم الموت بالجفاف وسوء التغذية ودون رعاية.
ووفق البيان؛ يقدر وجود أكثر من 55 ألف امرأة حامل منهن 5,500 على وشك الولادة، منبها إلى أن الكثير من النساء يضطررن إلى الولادة في منازل أو مراكز الإيواء ومرافق الرعاية الصحية المكتظة، ما يزيد من مخاطر الإصابة بالعدوى والمضاعفات الطبية، فضلًا عن أن نسبة الإجهاض لدى النساء الحوامل ارتفعت بأكثر من 4 أضعاف.
وأشار الأورومتوسطي إلى أن تفاقم تدهور الأوضاع الصحية للمرضى يأتي في وقت تتجاوز نسبة إشغال المستشفيات في قطاع غزة أكثر من 200%، إذ إن مجمع الشفاء الطبي الأكبر في القطاع وصل عدد المرضى فيه إلى 5 آلاف مريض، رغم أنه مخصص لاستقبال 700 مريض فقط.
ووفق البيان؛ تفتقد المستشفيات بشكل متزايد توفر وجبات الطعام والمياه الصالحة للشرب، ويضطر النازحون إلى تناول طعام ذي قيمة غذائية محدودة أو غير صالح للاستهلاك البشري، ما يزيد من سوء أوضاع الجرحى والمرضى والكوادر الصحية العاملة تحت ضغط شديد من دون توقف.
وسبق أن أعلن عن توقف عمل 18 مستشفى من أصل 35 في قطاع غزة حتى الآن، إلى جانب استهداف 120 مؤسسة صحية وخرج عن الخدمة أكثر من 48 مركزا للرعاية الأولية (ما نسبته 70%) بسبب الاستهداف في غارات “إسرائيلية” ونفاد الوقود اللازم لتشغيل المولدات الكهربائية.
وبحسب منظمة الصحة العالمية، تجري مستشفيات في مدينة غزة وشمالها عمليات جراحية معقدة، بما في ذلك عمليات بتر الأطراف دون تخدير بسبب نقص الإمدادات الطبية.
وأكد المرصد الأورومتوسطي أن “إسرائيل” تمارس حملة عقاب جماعية هي الأشد دموية في التاريخ الحديث على أكثر من 2.3 مليون نسمة في قطاع غزة بما يمثل انتهاكًا صارخًا للقانون الإنساني الدولي وخرق جسيم لقواعد الحروب.
وجدد مطالبته أطراف المجتمع الدولي لا سيما الدول الموقعة على اتفاقية جنيف بالاضطلاع بمسئولياتها بتوفير الحماية للمدنيين في قطاع غزة ومرافق الرعاية الصحية وتزويدها بالموارد اللازمة فورًا وضمان عدم استهدافها أبدًا.