تعد المرأة الفلسطينية «خنساء» هذا العصر بكل ما تحمله الكلمة من معان، فهي المناضلة أو السجينة أو أم الشهيد أو الفدائية أو الصابرة أو الصامدة أو أرملة لشهيد.. شاءت إرادة الله أن تكون صانعة الأبطال في بيت المقدس وأكناف بيت المقدس.
من هنا تأتي أهمية حوار «المجتمع» مع آمال الأغا، رئيسة الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية بالقاهرة.
يراهن الكثيرون على المرأة الفلسطينية في الصراع العربي – «الإسرائيلي»، فكيف ترين دورها في ظل الصراع الحالي؟
– تمتلك المرأة الفلسطينية تاريخاً طويلاً من المقاومة والنضال ضد الطغاة الغاصبين منذ أيام الانتداب البريطاني واحتضانه للعصابات اليهودية وإعطائه «وعد بلفور» المشؤوم عام 1917م، الذي تمحض -بتآمر دولي- عن إنشاء الكيان الصهيوني المغتصب لأرضنا، وكانت المرأة الفلسطينية، وما زالت وستظل، صانعة الأبطال، فهي الأم والزوجة والأرملة والأبنة والأخت التي بثت روح الصمود والإيمان بالقضية عبر الأجيال، وسيظل نموذج الخنساء الفلسطينية موجوداً حتى تحرير آخر ذرة من أرضنا من البحر إلى النهر.
صراعنا مع الكيان الصهيوني صراع وجود لا حدود
رغم حجم المأساة الحالية في غزة، من أين يأتي استلهام هذا الثبات والأمل؟
– شعور كل أبناء شعبنا –في الداخل والخارج- بأن المستقبل أفضل، ينطلق من عدة عوامل مهمة ومتكاملة، يمكن رصدها في النقاط الآتية:
1- الثقة بأن الله الحق العدل القوي المتين لن يخذلنا أبداً، وإنما يتم إعدادنا لمرحلة فارقة في تاريخ الأمة العربية والإسلامية، بل التاريخ البشري كله؛ لأن فلسطين غالية عند الله، وأهلها واثقون في نصر الله، والقضاء على الكيان الصهيوني ولو بعد حين.
2- أنعم الله تعالى على الفلسطينيات بأعلى نسبة خصوبة في العالم؛ ليتم تعويض عدد الشهداء وزيادة، بينما أعداد الصهاينة الغاصبين في تناقص، لذلك يعمل حالياً على تهويد أفارقة وآسيويين ومن كل قارات العالم.
3- نحن حريصون على الشهادة والمقاومة أكثر من حرصهم على الحياة، وقد وصفهم الله بأنهم أحرص الناس على الحياة وأكثر الناس جبناً.
4- نراهن على التعليم -رغم صعوبات الواقع- حيث تؤكد الدراسات أن شعبنا الفلسطيني في الداخل والخارج من أكثر الشعوب حرصاً على تحصيل كل العلوم والتفوق فيها؛ لأنهم يعلمون أن سلاح التعليم من أهم أسلحة المقاومة.
مقاومة المحتل حق شرعي.. ونحن إما أحياء أو شهداء
5- القضية تتوارثها الأجيال حتى إننا في الغربة عندما نستضيف شخصاً ما أو يستضيفنا، فإننا عندما نتبادل الشكر بعد الأكل والشرب، بقول: «الجاية في بلدنا فلسطين إن شاء الله».
ما أهم المبادئ التي تحرص «خنساوات» فلسطين على تربية أبنائهن عليها؟
– نحن نُرضع أبناءنا حب ديننا، وأن الدفاع عن الوطن من الإيمان، وأنه ليس هناك أغلى من الشهادة في سبيل الدين والوطن، وأن كل احتلال إلى زوال مهما طال عمره.
مخطط التهجير قديم متجدد، فكيف سيتم إفساد هذا المخطط الصهيوني؟
– أحب أن أطمئن الجميع أننا استوعبنا الدرس التاريخي من النكبة عام 1948م، ولن تتكرر مهما كان الثمن، ونحن على وعي بكل ما يحاك ضدنا من مؤامرات، فمخطط التهجير مصيره الفشل، فأهلنا في غزة والضفة الغربية والقدس يؤكدون أنهم استوعبوا دروس الماضي، وأنهم مزروعين في هذه إما أحياء وإما شهداء، وسيعيدون بناء ما دمره الطغاة وأعوانهم، وسيعيشون على ركام منازلهم ويعيدون بناءها من جديد، مهما كان الثمن.
لكن الصهاينة يراهنون على أن الفلسطينيين في الخارج سيذوبون في أوطانهم البديلة بالخارج؟
– هذا «حلم إبليس بالجنة»! كما يقول المثل الشعبي، وأؤكد أن حق العودة مكفول ولا يسقط بالتقادم أبداً، وفقاً للقوانين الدولية، وأؤكد أن الشوق لفلسطين التاريخية متجذر في نفوس أكثر من 6 ملايين بالخارج، مثله تماماً مثل أكثر من 6 ملايين في أرضنا المحتلة.
صفعة «طوفان الأقصى» أفقدت العدو هيبته وتوازنه
ما ردكم على من يحمِّلون المقاومة الإسلامية في غزة مسؤولية الحرب الحالية، وما لها من آثار تدميرية؟
– تنص القوانين الدولية على أن مقاومة المحتل حق شرعي لمن تم احتلال أرضه وطرد شعبه، فالفلسطيني يؤمن بأن المقاومة بكل الوسائل هي التي ستعيد له حقه، ولا تعارض بين المسار السياسي والعسكري وغيرهما، ولن نخرج من أرضنا حتى ولو قدموا لنا كل العالم بدلًا من فلسطين.
ما سبب ضراوة «إسرائيل» في هذه الحرب عن سابقتها من الحروب؟
– لأن الصفعة والصدمة التي تلقتها «إسرائيل» في «طوفان الأقصى» أفقدتها هيبتها الدولية، وتوازنها الداخلي، وهزمت جيشها الذي لا يُقهر، وأجهزة مخابراتها الفاشلة؛ لهذا هي ترد بإجرام وتدمير للبشر والحجر كمحاولة يائسة لرد الاعتبار على حساب الأشلاء والرضّع والأطفال والنساء والمسنين.
كيف تنظرين للدعوات التي تصدر من الحين والآخر بضرورة التطبيع وقبول «إسرائيل» في المنطقة العربية؟
– «إسرائيل» دولة محتلة، والمحتل يقاوَم بكل الطرق، ولن نقبله يوماً، وهناك فرق كبير بين اليهودي والصهيوني، فاليهود يعيشون بيننا منذ مئات السنين، وفي مصر يوجد حارة اليهود، وفي فلسطين يوجد حي اليهود في القدس، وفي المغرب يوجد أيضاً حي اليهود، فهؤلاء يهود عاديون وليسوا صهاينة كانوا يعيشون بيننا ويتعايشون معنا، لكن هؤلاء الصهاينة مغتصبون للأرض والعرض ومحتلون ولن نقبلهم ما حيينا.
سلاح التعليم من أهم أسلحة المقاومة الفلسطينية
ما رأيك في مشروع الديانة الإبراهيمية الجديدة الذي يستهدف دمج الديانات الثلاث في ديانة واحدة؟
– هذا المشروع من ضمن المشاريع الصهيونية للسيطرة على العرب والمسلمين، فهم لا يستطيعون الوصول إلينا، ولا بد أن يبحثوا عن مشروع نقبله، لكننا لن نقبل بأي مشروع يقدمه المحتل، فأي محتل مهما طال احتلاله لا بد أن يرحل في النهاية، وهذا ما يخبرنا به التاريخ سواء القديم أو الحديث، فبريطانيا العظمى التي لم تكن إمبراطوريتها تغيب عنها الشمس أين هي الآن؟! وهذا يؤكد لنا ويطمئننا أن الاستعمار إلى زوال ولا بد أن نصمد ونصبر ونقاوم.
تؤكدين أن المرأة الفلسطينية هي عمود الخيمة الآن في ظل الأوضاع المشتعلة، فما رؤيتك لدورها؟
– نضالنا كنساء فلسطينيات، في الداخل والخارج، يسير في اتجاهين متوازيين متكاملين، أولهما: الخط الوطني؛ حيث نقوم بتجهيز المقاومين حتى إنهاء الاحتلال والحصول على التحرير الكامل لكل ترابنا، وتؤدي نساؤنا دوراً في المشاركة الإيجابية والقوية في كل القضايا الوطنية والإصرار على إنهاء أي انقسام داخلي، أما الدور الآخر للمرأة الفلسطينية فهو على المستوى الاجتماعي، للتحفيف من معاناتها قدر الإمكان بمزيد من التكافل والتعاون بين نساء شعبنا، والمطالبة بمزيد من المساواة والعدالة والمشاركة في القرارات السياسية والاجتماعية، ووضع قانون أحوال شخصية منصف، ومزيد من الإنصاف فيما يتعلق بالحقوق والواجبات، وليست محصورة في العمل الخدمي والاجتماعي، بل إنها تسعى ليعيش كل أبناؤنا في وطننا في حياة كريمة.
ما الدور الذي تقوم به فروع اتحاد المرأة الفلسطينية في الخارج لدعم نضال المقاومين في الداخل؟
– تقوم فروع الاتحاد بجمع التبرعات المادية والعينية وإرسالها لقطاع غزة، وكذلك القيام بكل ما فيه دعم لصمود شعبنا، ورعاية الفلسطينيات في الخارج والتواصل بينهن في الداخل والخارج.